تل أبيب قطعت كابل الإنترنت عام 2008 للسيطرة على الشبكة فى الشرق الأوسط..

قضية «الفخ الهندى» تكشف أخطر جواسيس إسرائيل فى قلب الحكومة المصرية

الخميس، 30 ديسمبر 2010 11:29 م
قضية «الفخ الهندى» تكشف أخطر جواسيس إسرائيل فى قلب الحكومة المصرية مئير داغان
محمود سعدالدين

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ الموساد أصبح يجنّد العملاء خارج حدود مصر بهدف جمع معلومات عن المسؤولين أو أجور المواطنين وأسرار رجال الأعمال
بعد أقل من 17 يوما يمثل طارق عبدالرازق عيسى، الشهير بجاسوس الفخ الهندى، والمتهم بالتخابر لصالح الموساد الإسرائيلى- للمحاكمة أمام المستشار جمال الدين صفوت رئيس محكمة أمن دولة عليا طوارئ وهو المستشار الذى لا يعرفه الكثيرون غير أنه لقب فور تولى مهمة نظر القضية بـ«قاضى الجاسوس».

قد تختلف القضية الحالية «الفخ الهندى» فى جانبها المعلوماتى والسياسى والاستراتيجى، عن سابقاتها من القضايا، فقد كشفت اعترافات المتهم طارق عبدالرازق فى جلسات التحقيق عن معلومات فى غاية الخطورة استغلتها أجهزة الأمن القومى المصرية فى التواصل مع نظيرتها السورية واللبنانية فى الكشف عن 3 شبكات تجسس بالمنطقة العربية والإيقاع بخبير كيميائى يعمل فى مجال دفن النفايات السامة والخطرة بجهاز أمنى سورى كان يتخابر لصالح الموساد ويسرب لهم معلومات هامة بشأن الملف النووى السورى، وقد أدلى طارق فى اعترافاته بالتفاصيل الكاملة لكيفية قيام الموساد الإسرائيلى بدراسة نقاط ضعف الخبير السورى طيلة 13 عاما واللعب عليها لتجنيده لصالح تل أبيب.

العلاقة بين الموساد الإسرائيلى وقطع كابلات الإنترنت البحرية الخاصة بمصر فى عرض البحر الأبيض المتوسط كان أيضا من أهم المعلومات التى أدلى بها طارق عبدالرازق فى اعترافاته بالنيابة بعد عام ونصف العام من الغموض حول تلك الواقعة التى كان لها آثارها السيئة المتمثلة فى خسائر اقتصادية فادحة لجميع الشركات الكبرى التى تنفذ معاملات مالية عبر الإنترنت.

ثالثة المعلومات أهمية والتى كشف طارق عبدالرازق عنها فى التحقيقات تتمثل فى وجود عميل آخر لدى الموساد الإسرائيلى فى القاهرة، كان من المفترض أن يلتقى بطارق عبدالرازق فى أغسطس الماضى لتسليمه معلومات هامة منه عن الشأن الداخلى المصرى ونقلها عبر الجهاز المشفّر إلى تل أبيب، ولم يتم اللقاء لأن الموساد طلب من طارق تجميد نشاطه فى العمل التجسسى بعد إعلان دبى تورط جهاز الاستخبارات الإسرائيلى فى اغتيال محمود المبحوح، القيادى بحركة حماس، وهو الأمر الذى دفع أجهزة الأمن القومى المصرية لتكثف أعمالها فى الكشف عن الجاسوس الجديد الملقب بـ«الأستاذ».

الجانب الثانى الاستراتيجى فى أهمية قضية جاسوس الفخ الهندى هو أن القضية كشفت عن الفكر الجديد للجاسوسية فى عقول رجال الموساد الاسرائيلى وتغير نظرتهم من زرع جواسيس فى قلب الميدان العسكرى إلى محاولتهم الفاشلة بزرع جواسيس فى قلب الحكومة لمعرفة كل ما يتعلق بالسلع الغذائية، وراتب المواطن المصرى، وشكواه من ارتفاع الأسعار، والحراك بالشارع السياسى، وصراعات الأحزاب فى الانتخابات البرلمانية، بالإضافة إلى قصص النميمة عن دوائر رجال الأعمال وجمعياتهم والتطلعات الاقتصادية داخل وخارج مصر، واتجاهات مشاريعهم المختلفة، وكذلك كل ما يختص بملف الطاقة والبترول والمحطة النووية المصرية، وبراءات اختراع شباب الباحثين فى المعاهد البحثية المختلفة، وهو ما يعنى أن مجالات مثل البحث العلمى والمشروعات الكهربائية وقطاعات الاقتصاد بكل فروعه، والاتصالات أصبحت موضع هدف التجسس من جهاز الموساد الإسرائيلى، والغريب أنه على الرغم من أن هذه المعلومات أصبحت بفعل سقف الحرية موجودة على قارعة الطريق فإن الموساد يسعى إلى إيجاد جواسيس له لتمده بما يراه أدق، من تلك المعلومات الموجودة فى كل مكان.

قضية الجاسوس الهندى التى تحمل رقم 650 لسنة 2010 أمن دولة عليا كشفت عن طريقة من طرق تنفيذ الفكر الجديد للعمل المخابراتى الإسرائيلى والمتمثل فى استقطاب شباب العاملين فى قطاع التكنولوجيا والاتصالات، وهو القطاع المتشعب فى كل قطاعات الحكومة، فالمتهم الرئيسى طارق عبدالرازق أكد فى اعترافاته أن الاسرائيليين إيدى موشيه وجوزيف ديمور أسسا أكثر من موقع للإعلان عن وظائف شاغرة فى مجال الاتصالات على شبكة الإنترنت، ومن ثم الإيقاع بهم فى فخ الجاسوسية.

وبعيدا عن نوعية جواسيس الموساد الجدد، فإن القضية كشفت عن جانب آخر هام وهو أن إسرائيل بدأت فى رسم ملعب جغرافى جديد لاستقطاب عملاء يتجسسون على مصر، ولكن دون أن يتم التجنيد داخل حدودها، فعملية استقطاب «طارق عبدالرازق» بدأت فى جنوب شرق آسيا ثم أدَّى مهام استخباراتية داخل الأراضى السورية، إذ لعب دور الوسيط بين عميل للموساد فى سوريا والقيادة فى تل أبيب. بالإضافة إلى تنقله بين 7 بلدان لم نسمع عنها من قبل فى تاريخ الجاسوسية وهى كمبوديا ولاوس ونيبال ومكاو وتايلاند والصين والهند بما يعكس نظريتين هامتين، أولاهما نظرية «الأرض الجديدة» فى تجنيد الجواسيس، وثانيتهما نظرية العميل المتنقل، فطارق لم يكن عميلا إقليميا يتركز نشاطه داخل مصر فقط بل فى المنطقة العربية بأكلمها ودول شرق آسيا.

الجانب الثالث الأهم فى قضية جاسوس الفخ الهندى هو أن القضية كشفت عن أن العلاقات المصرية الإسرائيلية فى أسوأ حالاتها حسبما أكد الكاتب الكبير فهمى هويدى على قناة الجزيرة، وهو الأمر الذى انعكس على الواقع بسفر مفاجئ للسفير الإسرائيلى وزوجته إلى تل أبيب بعد 18 ساعة من الإعلان عن قضية التجسس، وما فرضته الأجهزة الأمنية من حراسة مشددة على السفارة خوفا من تعرضها لأى رد فعل للدرجة التى دفعت حرس السفارة إلى إلقاء القبض على شاب سورى جاء إلى القاهرة فى مهمة 4 أيام برفقة شقيقته الباحثة بهيئة الطاقة الذرية، حيث كان الشاب السورى يلتقط صورا فوتوغرافية لباب حديقة حيوانات الجيزة فاعتقد حراس السفارة الإسرائيلية أنه ضابط بالمخابرات السورية فاحتجزوه 48 ساعة.

أما القاضى الذى سيحاكم «الجاسوس» فهو أيضا يمتلك أرشيفا طويلا من المحاكمات فى العديد من القضايا الهامة، أبرزها قضية الجمارك الكبرى التى حكم فيها على وزير المالية السابق محيى الدين الغريب بالسجن 8 سنوات، وقضية نواب الفيوم التى تضمنت 19 متهما بينهم نائبان بمجلس الشعب استولوا على 80 كيلومترا بالفيوم و3 ملايين و900 ألف جنيه من أموال الدولة، وقضية الآثار الكبرى التى قضى فيها صفوت بأحكام مشددة على المتهمين تراوحت بين 15 و55 عاما.

قاضى الجاسوس تخصص فى القضايا الهامة والخطيرة التى تمس الأمن القومى للبلاد، حيث حقق فى تلك النوعية من القضايا أثناء عمله فى جهاز المدعى العام الاشتراكى، وأبرزها قضية الجاسوس على العطفى الذى اخترق القصر الجمهورى وظل 7 سنوات يتجسس لصالح الموساد من داخل القصر الجمهورى تحت مظلة أنه «المدلك الخاص للرئيس المصرى الراحل أنور السادات».





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة