قبل استفتاء تقرير المصير فى السودان بأسبوعين، هناك حالة من الترقب تحسبا لانفصال الجنوب وتقسيم السودان، وما يزيد المخاوف الإقليمية هو توجه الجنوبيين نحو الانفصال وتكوين دولتهم المستقلة، والتى يرون فيها حلا أمثل لمشاكلهم، وهو ما أكده الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان بالقاهرة عماد محمد الخور فى حواره التالى مع "اليوم السابع":
ضما هى الأسباب الحقيقية وراء رغبة الجنوبيين فى الانفصال؟
بعد وقبل اتفاقية نيفاشا فى 2005، والأجواء الشمالية تهدد جنوب السودان طوال الوقت، المسألة الثانية ما يتعرض له الجنوبيون من قضايا تهميش واضطهادات عرقية متعددة، الجنوب يريد حكما ووضعا خاصا به حتى لا يتعرض لمثل هذه المضايقات والتهميش من قبل الشماليين وكأنهم ليسوا أبناء السودان مثلهم مثل الشماليين، بعد اتفاقية نيفاشا أكد الشمال أنه سيتعامل مع الجنوبيين مثل الشماليين تماما، لكن لم يحدث شىء من ذلك إطلاقا حتى اليوم، لذا نحن نطالب بالانفصال.
ماذا عن حال الجنوبيين فى القاهرة، وهل تتوقع إعطاء صوتهم للانفصال أم للوحدة؟
يعيش الجنوبيون هنا فى القاهرة بأسلم حال، هاربين من قمع الشمال لهم، كما توجهوا لمناطق أخرى مجاروة نتيجة التهميش والاضطهاد، وأتوقع أن يصوت جميع الجنوبيين هنا فى القاهرة للانفصال، وربما يعود الكثير منهم لجنوب السودان مرة أخرى بعد أن تصبح دولة مستقلة بذاتها، لكن ربما تحدث هناك مفاجآت، وهذا طبيعى فى أى موقف.
ما موقف حكومة الجنوب إذا أصبحت دولة؟ وما هى السيناريوهات المتوقعة فيما بعد؟
أتوقع أن الجنوب ستكون دولة قوية، دولة وليدة مليئة بالموارد الغنية بها أيد عاملة كثيرة، وستجد اهتماما من جميع دول العالم، خاصة الدول الأوروبية والعربية، ولذلك سيكون لدولة الجنوب دور فعال فى الشرق الأوسط، أما بالنسبة للسيناريوهات المتوقعة سترى الجنوب تطورا هائلا فى الزراعة والصناعة حيث سيتوافر بها الأمان والمناخ الهادئ المهيأ للعمل الجاد الذى يجعل منها بلدا عظيمة.
وما موقفها مع مصر؟
العلاقة ستبقى قوية جدا ومتوطدة حتى أكثر من علاقة مصر بالشمال، لأسباب كثيرة حيث يوجد بيننا علاقات أسرية، وعلاقات حميمة مرتبطة بالعلاقات التجارية، هذا بالإضافة إلى ارتباط الجنوب مع مصر بنهر النيل التى ستخلق علاقات حميمة.
بمناسبة نهر النيل.. ما رأيك فى تصريح رئيس حكومة الجنوب سلفاكير بمناقشة الأوضاع مع الرئيس الأوغندى ببناء سد مائى على النيل بحجة توليد الكهرباء؟
من المستحيل حدوث ذلك، ولن تفكر الجنوب إطلاقا فى هذا الأمر، لكن ربما لا يكون واضحا بالنسبة للبعض، ربما تكون هناك مناقشة لاتفاقية صناعية جديدة، وبالتأكيد ستدخل مصر شريكا فيها لكن ليس بمعنى بناء سد لحجب المياه، ولن نفعل ذلك مع مصر إطلاقا، لأنها أول دولة اعترفت بالجنوب ومهتمة بشأن الجنوب أكثر من دول أخرى كثيرة مجاورة.
ذكر الدكتور وليد السيد رئيس مكتب حزب المؤتمر الوطنى بالقاهرة فى حوار له أن سلفاكير يريد أن يقمع المسلمين ويشجع المسيحية فى حال إعلان دولة الجنوب" فما ردك؟
كلام الدكتور وليد السيد غير صحيح بالمرة، والجنوب هم أكثر الشعوب احتراما للإسلام وجميع الديانات الأخرى، وتنوعت لدينا التعددية الدينية، ومن المستحيل أن يفكر سلفاكير فى هذا الأمر بهذا الشكل، وما يقولونه بسبب الدين يخلق نزعة طائفية بين السودانيين لإشعال الحروب ولبث الكراهية لدى العالم العربى الإسلامى تجاه شعب الجنوب، فى الجنوب هناك تعددية واسعة والكل يحترم الأديان المختلفة، وما يقوله عمر البشير إنه سيطبق الشريعة الإسلامية كدستور للسودان، هذا خاطئ، لأن الإسلام دين التسامح وهذه هى الشريعة الإسلامية وليس التشدد، هم لا يهتمون بهذا الشأن إطلاقا بل يريدون خلق فتنة طائفية، ولن يحاربوا من أجل الدين نهائيا بل يحاربون من أجل الاستحواذ على كل شىء، أنا أمامك عماد محمد جنوبى "مسلم" و"أحمد حجى" المتحدث باسم الحركة مسلم أيضا.
وما رأيك فى تصريح البشير فى تطبيق الشريعة الإسلامية بعد الاستفتاء؟
البشير لن يطبق الشريعة الإسلامية من الأساس، والأجدى أن يطبقها على نفسه أولا، إنه يقول هذا ليكسب عطف الدول الإسلامية، هناك دول إسلامية لا تطبق الشريعة كما هى لأن كل عصر وله ظروفه ومفاهيمه.
ماذا عن تحالف الجنوبيين مع أوغندا؟ ولماذا لم تتحالف مع مصر بما أن العلاقة قوية؟
نحن لم نتحالف سياسياً مع مصر حتى لا نخلق توترات سياسية بينها وبين الشمال، فمصر تضع الشمال والجنوب فى كفة واحدة، فإذا تحالفنا مع مصر يتحتم عليها التحالف أيضا مع الشمال، لكن أوغندا وقفت معنا فى زمن الحرب وأصبحت حليفا قويا لنا، تدعمنا فى أوقات الحروب والصعاب، وتقف مع الجنوبيين حاليا حتى يصلوا للانفصال عن الشمال.
ما ردك على اتهام إسرائيل بتسليح الجنوبيين عن طريق أوغندا؟
بالنسبة لاتهام إسرائيل بتسليح الجنوب، لم تكن هناك علاقات رسمية بين إسرائيل وجنوب السودان، فمعروف أن إسرائيل لها علاقات مع كل دول العالم، هذا الاتهام قادم من الشمال، نحن نعتبر من الدول القلائل التى لا يوجد بها سفارة لإسرائيل وجواز السفر الخاص بنا فيه كل الدول ما عدا إسرائيل، كل ذلك شائعات يروجها الشماليون ليكرهوا العالم فى الجنوب، ونحن لا نترك أنفسنا للرد عليها، لكن ما يرد على ذلك هى أفعالنا الظاهرة للجميع.
وما رأيك فى عرض الرئيس البشير بالتنازل عن حق الشماليين فى النفط للجنوبيين مقابل عدم الانفصال؟
هذه رشوة، ونحن لا نرضى بالرشوة، إنها أكذوبة ويفترض تقديم هذا العرض منذ توقيع اتفاقية نيفاشا 2005، لكن تقديمها الآن يثبت تخوف البشير ورعبه من الانفصال بعد أن شعر بخطئه وقال أعطيهم شيئا ربما يتراجعون عن موقفهم، لكن لن نتنازل عن استقلالنا مقابل "شوية نفط".
من وجهة نظرك لماذا البشير "مرعوب" من الانفصال؟
لأنه يعلم المشاكل التى سيواجهها، مثل مشكلة دارفور ومشكلة جبال النوبة والنيل الأزرق، وستدق المشاكل أكثر وأكثر على رأسه إذا حدث الانفصال، وكل ذلك لن يعطيه قبضة السلطة ويصبح محاصرا بالمشاكل التى لم تنته.
هل لزيارة الرئيس مبارك والقذافى دور فى استفتاء السودان القادم؟ وهل جاءت فى وقتها؟
زيارة مبارك والقذافى جاءت فى وقت مهم للغاية من أجل تهيئة المناخ العام قبل الاستفتاء، وربما تشجع هذه الزيارة السودانيين على الاستفتاء والتصويت بالانفصال أو الوحدة على أسس جديدة.
ما توقعاتك للمفاجآت التى ربما تحدث يوم الاستفتاء؟
ربما يحدث مشكلة فى أى وقت، انقلابات أو توترات كثيرة مثلا ربما يفاجئنا المؤتمر الوطنى بأشياء لم تكن فى الحسبان، لكن أتوقع أن يكون هناك المزيد من السيطرة بسبب انتشار القوات الدولية ولجان المراقبة من الأمم المتحدة التى يمكنها تهدئة عملية الاستفتاء.
فى النهاية عماد محمد الخور مع الوحدة أم الانفصال؟
أنا أحبذ وحدة السودان لكن بأسس جديدة وقانون ودستور جديدين، ولا أحبذ الانفصال، لكن ما يحدث لا حل له سوى الانفصال، حاولنا تقديم أسس وقوانين جديدة من أجل وحدة السودان لكن لا يحدث شىء جديد غير المحاربة العرقية والتهميش المستمر من قبل الشماليين.
عماد الخور الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان لـ "اليوم السابع": لدينا علاقات غير مباشرة مع إسرائيل.. ولن نتنازل عن حقوقنا مقابل "شوية نفط".. والمؤتمر الوطنى كاذب ولا يطبق الشريعة الإسلامية
الخميس، 30 ديسمبر 2010 10:27 م
عماد محمد الخور الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان بالقاهرة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة