◄◄ قدرى حفنى: المطالبة بدولة قبطية فى الصعيد اختراع أمريكى علينا قمعه
◄◄ جابر عصفور يؤكد أنها موجودة منذ قرون ويحذر من العمالة الآسيوية فى الخليج
فى الوقت الذى اعتبر فيه البعض أن القول بوجود مؤامرة تستهدف منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والدول العربية بشكل خاص تمتد جذورها إلى عصر الاستعمار القديم الذى انتهى بخروج فرنسا من أفريقيا، وإيطاليا من ليبيا، وإنجلترا من مصر، رأى البعض الآخر أن نظرية المؤامرة هى شماعة يعلق عليها العرب فشلهم فى تحقيق أحلام النهضة والتقدم، والحفاظ على منطقة مليئة بالثروات الطبيعية والبترول والثروة البشرية، إلا أن الأحداث التى تعاقبت على منطقة الشرق الأوسط فى الفترة الأخيرة جعلتنا نسّلم بوجود نظرية المؤامرة، بل نعيد الاعتبار لها من جديد. فالسودان أوشك على فصل جنوبه عن شماله بعد أن قتلته القلاقل والفتن وحركات التمرد من دارفور وحتى الحركة الشعبية لتحرير السودان وجيش المهدى.
والعراق تفتت هو الآخر وأوشك على الانقسام إلى دويلات صغيرة واحدة للسنة فى الجنوب وأخرى للشيعة فى الشمال وبينهما كردستان. وأفريقيا أصبحت هى الأخرى مرتعا لإسرائيل التى سيطرت بالكامل على دول حوض النيل، وصار لها أعوان فى أفريقيا يفوقون عددهم فى الولايات المتحدة جاهزون لحرب المياه والطاقة القادمة بعد أن أوشكت الثروات الطبيعية على النضوب. وفى مصر زادت الفتن بين المسلمين والأقباط إلى الحد الذى جعل أقباط المهجر ينادون بدولة قبطية فى الصعيد، وكذلك على الحدود أيضا، حيث تكثر مشاكل النوبيين وأهالى حلايب وشلاتين الذين يؤمنون باختلافهم العرقى رغم رفضهم الانفصال، وعلى الحدود الشرقية زادت مواجهات البدو مع وزارة الداخلية بشكل لم نعهده من قبل.
كل هذه القضايا وأكثر تجعل «نظرية المؤامرة» إحدى المسلمات التى يصعب التشكيك فيها.
يؤكد الدكتور جابر عصفور، رئيس المجلس القومى للترجمة، أن الخطط الاستعمارية والأمريكية على وجه الخصوص استهدفت منذ قرون تفتيت الدول العربية إلى دويلات صغيرة تتصارع فيما بينها بالشكل الذى يسهل للغرب الاستيلاء على ثرواتها الطبيعية والبشرية أيضا.
ويستبعد عصفور أن تحدث كل الأحداث السابقة بطريقة متزامنة دون وجود ترتيب مسبق. فالمنطقة العربية التى كانت تشكل خطرا فى السابق عندما كانت دولة قومية قوية الأركان إبان الدولة العثمانية فى عهدها الأول أصبحت الآن منشغلة بمشاكلها الخاصة وعاجزة عن التقدم للأمام بسبب قلاقلها الداخلية، مشيرا إلى أن انفصال السودان والخلافات السنية الشيعية فى العراق ولبنان ليست كل شىء، بل إن هناك قنابل موقوتة لم تنفجر بعد فى دول الخليج بين المواطنين سكان البلاد الأصليين والعمالة الآسيوية المقيمة للعمل والرزق.
ويوجه عصفور أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة الأمريكية التى تحرص على السيطرة على منابع البترول التى كانت تسيطر عليها، وتقتسمها مع بريطانيا قبل أن تخرجا من المنطقة.
أما الدكتور قاسم عبده قاسم، أستاذ فلسفة التاريخ، فيرى أن المؤامرة مقترنة بالمشروع الصهيونى الذى أسس دولته إسرائيل على أساس دينى وعنصرى، وبالتالى فإن تقسيم الدول العربية إلى دويلات صغيرة على أساس دينى يعطى شرعية مزيفة لإسرائيل التى قامت على أساس الدين اليهودى، ويعنيها بشكل أساسى أن تتجاور مع دول أخرة قبطية وسنية وشيعية وغيرها.
ولفت قاسم إلى أن العرب يتصورون دائما أن الولايات المتحدة تتدخل فيما لا يعنيها عندما تتدخل فى الشؤون الداخلية للدول العربية، إلا أن هذا التصور ثبت خطؤه، لأن شؤون الدول العربية الداخلية تعنى أمريكا بشكل أساسى، وتسهل مهمتها فى اختراق المنطقة وتقسيمها والسيطرة عليها.
وضرب قاسم المثل بالرئيس جمال عبدالناصر الذى انتبه إلى ضرورة التواجد المصرى فى أفريقيا حتى يضمن حماية حصة مصر فى المياه، ويوقف التوسعات الصهيونية فيها، إلا أن من جاءوا بعده أفشلوا مشروعه بعيد النظر.
وعن الوضع فى فلسطين قال قاسم إن تقسيم البلاد إلى دولتين إحداهما فى الضفة الغربية والأخرى فى غزة تم بموافقة بعض العملاء الفلسطينيين الذين يضمن التقسيم بقاءهم فى السلطة أطول فترة ممكنة، مؤكدا أن الولايات المتحدة يعنيها بشكل أساسى أن يحكم الدول العربية «غفر» وليس قادة أو زعماء يعملون على حماية مصالحهم فى المنطقة واحتكارهم للبترول والمياه.
أما الدكتور قدرى حفنى، أستاذ علم النفس السياسى بجامعة عين شمس، فيرى أن انفصال جنوب السودان عن شماله أمر كان متوقعا منذ سنوات، ويلزم مصر بقبول الأمر الواقع، وتحسين علاقاتها مع الطرفين، محذرا من نتائج الحديث عن مطالبة بعض أقباط المهجر بدولة قبطية فى الصعيد.
وكشف حفنى عن أن هذا الطرح كان لجنرال أمريكى منذ أعوام طويلة، إلا أنه لم يرد على لسان البابا شنودة ممثل الأقباط الأرثوذكس فى مصر، مشددا على ضرورة أن يتوحد الجميع فى مواجهة الخطر الصهيونى الذى بدأ يستفحل هذه الأيام بعد أن بدأت إسرائيل فى تعديل تشريعاتها وقوانينها بشكل عنصرى فج، رافضة المفاوضات مع الفلسطينيين.
الدكتور عاصم الدسوقى، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة عين شمس، يحمّل الدول العربية جزءا من مسؤولية تردى الأوضاع داخلها دون أن ينكر وجود نظرية المؤامرة.
وأوضح الدسوقى أن المؤامرة موجودة، ولكنها تستثمر المشكلات الداخلية التى نجح العرب فى خلقها وتوسيعها، مثل حوادث الفتن المتكررة بين المسلمين والأقباط فى مصر، والتى يرى الدسوقى أن المؤامرة وإن كانت سببا فيها فإنها أحد الأسباب وليس كلها. ودعا الدسوقى الدول العربية إلى قمع المؤامرات الداخلية التى تحدث بين أطرافها حتى تستعد جيدا لمواجهة خطر الغرب المتربص بنا منذ قرون، وعبر عن قوله بالمثل الشعبى القائل «النصب خير طول ما المغفل موجود».
خبراء : مخططات الغرب ضدنا لا تنسى.. ولكن المؤامرات الداخلية أخطر
الخميس، 30 ديسمبر 2010 11:29 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة