تفتيت العرب لدويلات صغيرة بالفتن الطائفية والمذهبية

الخميس، 30 ديسمبر 2010 11:29 م
تفتيت العرب لدويلات صغيرة بالفتن الطائفية والمذهبية عمر البشير
أحمد براء - نهى محمود

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
«إنكم من أصحاب نظرية المؤامرة» كلمة تتردد على ألسنة بعض المثقفين المصريين والعرب، لمجرد الإشارة لوجود قوى خارجية وأياد خفية تعبث باستقرار وأمن المنطقة، وتقف وراء تقسيم السودان وإقامة دولة كردية شمال العراق، وضرب الوحدة اليمنية، وإعادة ما يسمى بجمهورية اليمن الاشتراكية فى الجنوب، وظللنا نكرر أن كل ما يقال وكل الخطوات التى تتخذ من حولنا ما هى إلا نظرية لا ترتقى إلى مرتبة الواقع، إلى أن رأينا النظريات المكتوبة تتحول إلى خرائط تتحقق على أرض الواقع، بعد أن شكلت بعض الدول الرئيسية حكومتين لحكم فصيلين مختلفين سواء فى العرق أو الدين كما حدث فى العراق والسودان، وكما ما هو متوقع حدوثه فى اليمن والصومال.

ومهما تعددت الأسباب التى تدعو بعض القوى الداخلية فى الدول العربية إلى الانفصال مثل التهميش، واختلاف العادات والتقاليد والثقافة، وعدم التوزيع العادل للثروة، يظل فى الخلف قوى خفية تحاول تعزيز حدة الانفصال، وكأنها الحل الوحيد للقضاء على هذه المشاكل، وتعمل على إجهاض أى مفاوضات، وبالتالى القضاء على أقوى سلاح من الممكن أن يمتلكه العرب للقضاء على أعدائهم وإنهاء احتلاله الأبدى، ألا وهو الوحدة.

فالولايات المتحدة الأمريكية تؤرقها دائما نظرية توازن القوى فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية، حتى تتمكن من فرض سيطرتها على العالم ولتبقى الدولة الأقوى به، فضلا عما بمتلكه الوطن العربى من ثروات معدنية ونفطية وموقع جغرافى متميز يسهل عملية التجارة الدولية بالنسبة لها، بالإضافة إلى الحفاظ على مستقبل حليفتها الأقوى وهى إسرائيل، وتعتبر أمريكا أن أمن الإسرائيليين فى تل أبيب بمثابة أمن للأمريكان فى واشنطن، ولذا يعد دعم الانفصال فى العالم العربى شيئا أساسيا بالنسبة لها.

ومن جانبها لم تكتف إسرائيل بما تقوم به أمريكا، بل تقوم بعملية تخدير بطىء كادت تصل إلى حد الموت الإكلينيكى لمجرد التفكير فى «الوحدة العربية»،

فالسودان، تلك الدولة العربية الأكبر من حيث المساحة، لم يعد ينظر لها إلا بالأسى والحزن على حالها وحال أبنائها المقيمين فيها أو المشردين والنازحين منها جراء الحروب الأهلية بين الشمال والجنوب، فضلا عن الاتجاهات غير الحقيقية لقادتها شمالا وجنوبا وهم يتشدقون بكلمات السلام والأمن والعدل والاستقرار والتنمية والتقدم مع أن أبناء شعبهم أبعد ما يكونون عن كل ذلك، الأمر الذى يؤكد نجاح الدعم الخارجى لاتجاه الانفصال.

ومع اقتراب موعد الاستفتاء على وحدة الشمال والجنوب أو انفصاله، تصبح هذه المشكلة فى وقتنا الحالى أزمة كبرى لن تصيب السودان وحده، بل من الممكن أن تنتقل أعراضها إلى بقية الدول العربية، خاصة أن الأسباب متوفرة، وهى أسباب تتعلق دائما بدخول طرف ثالث لا دور له فى نزاع بين طرفين إلا تأجيج الصراع والمساعدة على الانفصال كحل لإنهاء المشكلة، وليتها تنتهى.

وما يؤكد نظرية المؤامرة هذه أن الدول الكبرى التى تقودها- والمقصود هنا تحديدا أمريكا- هى من تقف وراء كل هذه المحاولات، وبيدها أن تمنعها إن شاءت، فواشنطن كانت أولى الدول اعترافا بدولة جنوب السودان المحتملة، بعدما تعاملت مع الحركة الشعبية لتحرير السودان المسيطرة على الجنوب بأنها دولة داخلية وأمدتها بالأسلحة التى تريدها، بل إنها ضغطت على الدول الأعضاء فى مجلس الأمن لقبول تمثيل الحركة فى الجلسة التى عقدها مجلس الأمن قبل شهر للشأن السودانى.

ولم تكن النزعة الانفصالية التى تغذيها قوى خارجية وراء انفصال جنوب السودان فقط، بل امتدت إلى العراق، حيث حسم الاحتلال الأمريكى للعراق فى أبريل 2003 صراع السلطة لصالح مشروع المعارضة العراقية التى كانت تعيش بتمويل من الاستخبارات الأمريكية لصياغة ما يسمى بعراق جديد قائم على الطائفية وإقصاء السنّة.

وجاء إقرار الدستور الكردى عام 2006 ليؤكد استمرار القيادات الكردية فى رفع سقف مطالبهم السياسية، ويتضح ذلك فى تأكيدات الدستور حق الأكراد فى الفيدرالية وحق تقرير المصير وضم مدينة كركوك إلى الإقليم الكردى، واعتبارها عاصمة الإقليم المستقبلية، فضلا عن الاحتفاظ بقوات «البشمركة» وبحق التمثيل الدبلوماسى فى السفارات العراقية فى الخارج، حتى وصل الأمر إلى تأليف نشيد وطنى خاص بـ«دولة كردستان العراق».

وفى اليمن تتصاعد حدة المطالبة بالقضاء على الوحدة، وشهد عام 2007 ولادة جمعية العسكريين المتقاعدين التى كان لها دور مهم فى تشكيل الهيئة الوطنية العليا لاستقلال الجنوب، وهى أحد أهم المجموعات المكونة لما يسمى بالحراك الجنوبى الداعى إلى عودة الدولة الجنوبية.

الخلاصة أن هناك مؤامرة خارجية ضد العرب كما يقول الخبير الإستراتيجى، اللواء عادل شاهين، مؤكدا أنه لا يوجد أى صراع فى منطقة الشرق الأوسط إلا وراءه قوى خارجية، ضاربا المثل بأزمة السودان.

وأضاف أن هذه الأزمة بعد حسابها بشكل عام والنظر الدقيق فى تفاصيلها يتضح أنّها تصب فى مصلحة القوى الأجنبية خارج المنطقة، مشيراً إلى أنّ السودان «قوته فى وحدته» والانفصال سيصيب ويضعف السودان ككل.

من جانبه قال أستاذ العلوم الإستراتيجية بأكاديمية ناصر العليا، اللواء الدكتور نبيل فؤاد إن ما يحدث فى العالم العربى، من نزعات انفصالية، تقف وراءه قوى كبرى تريد تحقيق مصالحها الخاصة، خاصة النفطية والاقتصادية، وتفتيت العالم العربى إلى دويلات صغيرة مثل اتفاقية سايكس بيكو فى إعادة إنتاج للمفاهيم الاستعمارية القديمة فى شكل عصرى.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة