مفارقةٌ غريبة تؤكد عليها دائمًا وقائع سرقات الآثار المتكررة، وهى اتجاه أنظار السارقين والمخربين الذين يعبثون بتاريخ مصر إلى الآثار الإسلامية والفرعونية دونًا عن الآثار القبطية أو المسيحية.
فبعدما تحول قصر المسافر خانة إلى وكرٍ لتعاطى المخدّرات وتناول الكحوليات، ومقلب للقمامة ومرتع للحيوانات الضالة والنافقة، وسرقة سبيل "والدة الأمير محمد على" من ميدان رمسيس بالقاهرة، جاءت واقعة اختفاء منبر "قانيباى الرماح" من مسجد السلطان حسن، والمسجل أثريًا برقم 136، لتؤكد على هذه النظرة المبيتة.
"اليوم السابع" توجهت بهذه الرؤية لعدد من المتخصصين فى الآثار والمتابعين لجرائم السرقات المتكررة، فجاءت رؤيتهم متقاربة إلى حدٍ ما.
أكد الدكتور محمود عرفة أستاذ التاريخ والآثار بكلية الآداب بجامعة القاهرة، أنَّ الكنيسة تلعب دورًا كبيرًا فى توعية أبنائها للحفاظ على تاريخها وتراثها من الضياع والاندثار، موضحًا أن القائمين والعاملين على حماية الآثار المسيحية يتمتعون بما لديهم من وعى وإيمان شديد بأهمية هذه الآثار وبقدسيتها فى نظرهم فتكون سببًا فى دخولهم الجنة أو النار.
واستكمل عرفة، وبالرغم من كثرة الآثار الإسلامية وتكرارها - وعدم تميزها بصفة الندرة إلاَّ فى حالات قليلة جدًا - إلا أنها تعانى من جهل القائمين والعاملين المسئولين عن حمايتها، وذلك بسبب افتقارهم للخبرة بأهمية التراث الإسلامى، بالإضافة إلى سعيهم الدائم لجنى الأموال بشتى الطرق حتى وإن وصلت إلى حد بيع تلك الآثار والتفريط فيها.
وقال الدكتور محمد حمزة وكيل كلية الآثار الحالى بجامعة القاهرة، "إن دم الآثار الإسلامية مفرق بين وزارتى الأوقاف والثقافة، وعدد من المحافظات والمحليات"، مؤكدًا على أنه "لا بد من توحيد جهة الاختصاص فى الحفاظ على آثار مصر من السرقة والإهمال".
وأرجع حمزة عدم تعرض الآثار القبطية للسرقة إلى أن الديانة المسيحية استخدمت الفن فى توضيح عقيدتها من خلال الأيقونات المقدسة لديها، وهو ما جعل كل فرد مسيحى يؤمن بدوره فى الحفاظ على مقدساته، ولا يتهاون فى المساس بها، ضاربا مثلا فى ذلك بإيمان بعض المسلمين بأن رأس الحسين مدفونة بمسجد الحسين، وهو ما يدفع الكثير إلى الصلاة والدعاء هناك والحفاظ على المسجد.
وأوضح بهجت فانوس المدير الأسبق للمتحف القبطى، أن العديد من الدراسات الأكاديمية أثبتت أن الآثار القبطية لا تحظى برواجٍ واهتمامٍ من عصابات مافيا الآثار كما تحظى الآثار الإسلامية أو الفرعونية أو غيرها والتى تُدّر أموالاً طائلة على سارقها سواءً فى داخل مصر أو خارجها.
وأكد فانوس على أن الآثار القبطية تحظى بحراسة أمينة مشددة سواء فى الكنائس والأديرة أو المتاحف أيضًا، وهو ما جعلها بعيدة عن أيدى السارقين بخلاف الآثار الإسلامية وما تشهده من حركة يومية فى بعض المساجد والتى تجعلها عرضة للسرقة خمس مرات فى اليوم الواحد.
من جانب آخر، يرى هانى صادق المدير العام الحالى للمتحف القبطى، أن السارق لا يفرق بين الأثر الإسلامى أو المسيحى والفرعونى، موضحًا أن الكثير من عصابات الآثار على علمٍ ووعى شديد بأن خامات الآثار القبطية شعبية وقليلة الثمن ولا تُدر عليهم أموالاً طائلة كما تعود عليهم فائدة بيع الآثار الأخرى.
وأكد د. محمود إبراهيم أستاذ الآثار والفنون الإسلامية بكلية الآثار بجامعة القاهرة، على أنه لا يوجد فرق بين أثر وأثر، موضحًا أن "قيمة الأثر تكمن فى ذاته، والحقبة التى ينتمى إليها والتى لا يمكن أن تعوض نهائيًا".
وأوضح إبراهيم "برأيى أن عصابات الآثار تعرف كيف تسرق جيدًا، ولا تتم هذه العمليات بطريقة عشوائية".
وشدد إبراهيم على أنه يجب على الجهات الأمنية المتعددة أن تفرض نوعًا من الرقابة على العاملين فيها، مضيفًا "لا يعقل أن يسرق منبرا بهذا الحجم ولا يلتفت إليه مفتش الآثار أو أفراد الرقابة الأمنية".
موضوعات متعلقة
سرقة منبر أثرى من مسجد السلطان حسن
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=325059
"حسنى" يطالب الأوقاف بالتحقيق فى واقعة سرقة المنبر الأثرى
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=325164&SecID=94&IssueID=146
حواس: لن نسلم مساجد أثرية للأوقاف بعد اليوم
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=325145&SecID=94&IssueID=146
العشماوى يؤكد عدم مسئولية "الثقافة" عن سرقة "منبر الرماح"
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=325232&SecID=94&IssueID=0
الكحلاوى: الآثار الإسلامية ضحية "الأوقاف" و"الأعلى للآثار"
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=325291&SecID=94&IssueID=146
بالصور ..اليوم السابع فى مسجد قانيباى بعد سرقة منبره الأثرى
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=325321
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة