فى كتابه الصادر فى طبعتين، الأخيرة منها كانت عن دار المصرى للنشر، يعطى الكاتب "أسامة درة" عنوانا مثيرا جذابا هو "من داخل الإخوان أتكلم"، يهيئ لقارئه أنه سيقطع رحلة داخل جماعة الإخوان من خلال عين أحد أعضائها الحاليين أو السابقين، حسبما يشير العنوان.
ولكن الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات والمتصفح له لا يلمس تحليلا عميقا لأحد أعضاء الجماعة فعلا، وإنما يخرج من الكتاب بعد أن يكون قرأ عدة حكايات تأخذ أحيانا شكل الخاطرة، حاول مؤلفها أن يضفى عليها طابع التسلية، فيبدأ المؤلف فى أول مقالاته الذى يعنونه "الإخوان وطبيخ أمى" بالإشارة إلى أنه انتمى إلى الجماعة على غير رغبة الكثيرين من أفراد عائلته، ومنهم والدته، ويقول درة: كنت أعلن " أنا من الإخوان عندما كانت هذه الكلمة لا تزال مرعبة، وكثيرون آمنوا عندئذ أنى انتهيت، وأن مستقبلى ضاع".
ويشير مؤلف الكتاب إلى أنه بعد زمن من انتمائه للجماعة، بدأ يرى عيوبها، ومع ذلك ظل يأكل ما يطبخونه له، ويؤكد درة أن جماعة الإخوان ليست امرأة إن كره منها شيئا رضى بآخر، بل هى كبرى جماعات التيار الإسلامى.
وفى ثانى أجزاء الكتاب، يشير المؤلف إلى أنه لو كان بيده الأمر والرئاسة، فلن يشركهم فى حكم البلاد، قبل أن يغيروا تركيبة جماعتهم، ويؤكد فى هذا الجزء من الكتاب: لولا الإخوان لتفسخ المجتمع، وانفجر فسادا وتطرفا، مشيرا إلى أن الجماعة تبقى جسما مخيفا لأى حاكم ولو كان صالحا، يقول المؤلف: لا ألوم النظام المصرى على " الإخوانوفوبيا التى تلازمه، ولينصلح الحال فى مصر، سنحتاج إلى تغيير بنية النظام والإخوان معا".
ويتطرق المؤلف عبر فصول الكتاب إلى عدة أحداث كان التعصب والعنصرية عوامل مشتركة فيها، ومن ذلك أحداث نجع حمادى وكاميليا شحاتة، ومباراة مصر والجزائر، ويعلق عليها فى بعض أجزاء الكتاب، كما يختار بعض الأعمال الروائية مثل رواية "عزازيل" ويدلى فيها برأيه فيصفها "بأن المشاهد الجنسية فيها كثيرة"، وصلت إلى حد تعبيره، "خمسة فصول من الزنا المتواصل" ، كما يدلى المؤلف بآرائه فى الصحافة والعمل الإعلامى، قائلا: "المثير الجنسى غدا جزءا من أى عمل إعلامى".
وفى أحد الفصول القصيرة للكتاب الذى يعنونها المؤلف "نفسى فى شوية حاجات" يكتب المؤلف: "نفسى أنام شهرين تلاتة كدة متواصلين، نفسى إسرائيل تبدأ ضربة لإيران والمنطقة تولع، نفسى أشوف نفسى من ظهرى".
قارئ الكتاب لا يستطيع أن يلمس قصصا مترابطة عن كيفية انتمائه للجماعة، أو كيفية انخراطه فى العمل الدينى أو الدعوى بها، كذلك لن يجد قارئ هذا الكتاب أى تفاصيل تتعلق بما قام به أعضاء الجماعة مثل العرض العسكرى الشهير فى الجامعة، بل يتخذه مؤلف الكتاب مناسبة للتعليق على مسلسل الجماعة لوحيد حامد، وكيف عرض هذا المشهد ضمن السيناريو، مشيرا إلى أنه علم أن الجماعة اعتذرت عما فعله شبابها، ثم يهاجم المسلسل قائلا: "أما مسلسل الجماعة فلم يحترم هذا العمل أى منطق، فلا هو أصبح دراما ممتعة، ولا هو وثيقة تاريخية صادقة".
وإذا لم يجد المؤلف فى مسلسل الجماعة الصورة الحقيقية للإخوان المسلمين، فلماذا لم يكتبها هو داخل الكتاب الذى من المفترض أن يكون "من داخل الإخوان أتكلم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة