سها المنياوى تكتب: نطالب بالتغيير ونقدس الاستقرار

الأحد، 26 ديسمبر 2010 10:50 م
سها المنياوى تكتب: نطالب بالتغيير ونقدس الاستقرار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نعيش حياة مستقرة دائما ونتوق دائما إلى الاستقرار ونهواه رغم تذمرنا منه: حكومة مستقرة (مستقرة جدا جدا جدا), زواج مستقر نسعى إليه, ووظيفة مستقرة, وسكن مستقر.. كل شىء لابد وأن يكون ثابتاً مستقراً..

من الناحية الدينية, يظل الإنسان يسأل ويحاول أن يصل إلى فهم لجوهر الدين وماهيته، ولا يجد بالطبع من يجيبه وينمو على هذا بما يستتبعه من عدم انتظام فى الصلاة أو عدم أداء الصلاة المستقرة، فى أى دين.. وأخيرا سيجنح المؤمن المصرى، الذى يجرى الدين مجرى الدم منه إلى "الاستقرار"، وأداء الطقوس الدينية والاستسلام لها دون فهم حقيقى بجوهر الدين، بالإضافة إلى أنه سيثاب بالجنة وما بها من نعم يفتقدها فى دنياه، كما يقال له, كما سينصح بعدم الجدال فى الدين بشكل عام، وإلا اعتبر ضالاً والعياذ بالله.

من الناحية الذاتية والشخصية، يظل الشاب المصرى الأصيل يجول بمغامرات عاطفية ونسائية إلى أن "يستقر" إلى ابنة الحلال التى غالبا ما يختارها مؤدبة لا تتحدث كثيرا، ولا تضحك كثيرا، ويبدو عليها الهدوء حتى وإن ادعت.. فهو يسمع عنهن روايات يشيب لها شعر الولدان وقد تدنت نظرته للمرأة، لذا فهو لا يشعر بالثقة بأية فتاة.

وسيظل الشاب المصرى يبحث عن اختباراً لقدراته قبل "الاستقرار" بدلا من المغامرة ليلة الزفاف، ومن حوله ومجتمعه يتسامح فى هذا. أما إذا "استقر بدرى" فهو يظل يحافظ على بيته "مستقرا" على أن يجول بمغامرات عاطفية ونسائية "غير مستقرة" بحثاً عن ذاته.. أما عن الفتاة فهى فى حالة بحث دائم بهلع فى سباق محموم لقلة فرص الزواج, وتتخلى عن الحب فى غالبية الأحيان فى سبيل الزواج و"الاستقرار".. وحتى بالجانب العملى: إذا كان يعمل بوظيفة مناسبة للمؤهل الدراسى لا يلبث أن يتوق "للتراب الميرى" ويهرول خلف فرصة عمل بمؤسسة حكومية أو نصف حكومية تحقق له "الاستقرار", وقد لا يجد ذاته ومجده فيها، لكنه يظل "مستقرا" بها.

نأتى للحزب الوطنى "المستقر استقرار مديدا" فمنذ توقيع تسوية كامب ديفيد عام 1979 "استقرت" السياسة الخارجية وانسحبت تدريجيا من المسرح الدولى، وصارت الإشادة بها على أوراق الجرائد الحكومية, وصار الخيار الإستراتيجى هو الحل الأمثل، ويكفينا فخراً أننا نردد دائما: "إننا جيل لم يسمع طلقة مدفع ولا أزيز طائرة عسكرية منذ ثلاثين عاما.." لذا استقرينا فى مخادعنا واستهلكنا بضائع الغير ولم نصلح ما بأنفسنا ولا أحوالنا الداخلية كبديل للانسحاب من العالم العربى والعالمى.. ومن سمات الاستقرار بالوظائف هو كثرة عدد المستشارين فى كل جهة حكومية رسمية، فالموظف المحال للمعاش يظل مستقراً ومرضياً عنه كمستشار بوظيفته، وكأن تغيير الوجوه مكروها فى مجتمعنا.. حتى ونحن نتذمر من استقرار النظام يظل بداخلنا خوف من رحيل رمز النظام، خشية عدم الاستقرار".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة