(نعم نستطيع) أن نخرق جدار العجز، ونبلغ الأحلام طولاً، نعم نستطيع أن نطرد غمامات الفساد وأغربة الاستبداد عن سماء الكنانة، نعم نستطيع بالإرادة والإيمان مواجهة كل جيوش الأرض بصدورنا العارية، فصدور المؤمنين دروع، وجباههم حصون، وعيونهم ثغور، وقلوبهم زلازل.
أقسم بالثالث والعشرين من ديسمبر فى العام السادس والخمسين، أننا نستطيع بلوغ مشرق الشمس، ومناجاة شفق الصبح، وتحويل مجرى الندى نهراً من العذب الفرات، فنحن الذين قاومنا حملة (إيدن - مولييه - بن جوريون) بالأيادى والسكاكين وأرغفة القنابل.
حينما تسلَّم المقاومون فى حرب العدوان الثلاثى قرابة مليون بندقية، أعادوها بعد انتصار الإرادة كاملة دون أن تنقص بندقية واحدة، فهل يكفى أن (نبوس كل إيد حاربت فى بورسعيد) هل يكفى الفدائى العظيم محمد مهران مجرد قبلة على اليد أو الجبين؟ وقد ضحى الرجل بعينيه فداءً لبلده وقائده.. كان الفتى مهران صياداً لمظلات الإنجليز فى مطار بورسعيد، حيرهم الرجل بفنونه وألاعيبه القتالية حتى تكالبوا عليه وحاصروه، ثم أخذوه أسيراً، ورحّلوه بعدها إلى لندن ليمارسوا عليه كل أنواع القهر والتعذيب، والتهديد بخلع عينيه لكى يسب مصر وعبد الناصر على الهواء من محطة الـ «B.B.C »، وحينما وقف مهران أمام الميكروفون هتف بأعلى صوت: تحيا مصر ويحيا جمال عبد الناصر، فنفذ الإنجليز الجبناء تهديدهم، فاقتلعوا عينيه، لكنهم لم يستطيعوا القضاء على وطنيته وكرامته، هذا الرجل الذى مازال يحيا بيننا، ألا يستحق تقبيل الأرض تحت نعليه، ومنحه عيوننا هدية متواضعة، هل أحدثكم عن الفدائى العبقرى السيد عسران، صاحب الحيلة الشهيرة بوضع قنبلة فى رغيف الخبز لكى يصل إلى سيارة (السير ويليامز) مسئول المخابرات البريطانية، الذى كان اسمه يثير الرعب فى القلوب، وينجح عسران فى مهمته بتحويل هذا الثعبان الإنجليزى إلى أشلاء؟ أم أحدثكم عن حمد الله وزنجير وغريب، وعن أسر (السير مورهاوس) ابن ملكة إنجلترا؟ ثلاثة جيوش على رأسها جيش الإمبراطورية التى لا تغيب عنها الشمس، تخيلوا أن مقاومتنا الشعبية فى القناة، جعلت شمس بريطانيا العظمى تغيب للأبد ومعها وجه أنتونى إيدن رئيس وزرائها المتعجرف، ما فعلته المقاومة المصرية كان كالزلزال، الذى اهتزت له كل بقاع الأرض، ففازت كل حركات التحرر بالاستقلال، وكان الشعب المصرى بقيادته الوطنية النموذج والقدوة، ولم تكتف الجماهير المتعطشة للتحدى بزوال العدوان، فكانت وقفة التأميم وملحمة السد، وبناء المصانع، فالرهان على الجماهير نتيجته - دائماً - الانتصار، أما من يسبُّون الشعب ويتهمونه بأحط الاتهامات، فليس لهم إلا انتظار الخراب.. أقسم بالثالث والعشرين من ديسمبر أننا نستطيع الكثير إذا كنا مؤمنين - حقاً - بالله وبإرادة (الشعب المعلِّم) تلك المقولة السحرية التى وضعها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر فى قاموس الوطنية المصرية، (نعم نستطيع أن نغير) هذا التعبير الذى افتتح به أوباما معركته الانتخابية، نحن أصل الاختراع، وشعبنا الأبى سابق فى تاريخ الإنسانية، فأقسم بذكرى دحر العدوان، أننا نستطيع دحر أعداء الداخل.