إيمان سراج تكتب: مذكرات عاقر

الجمعة، 24 ديسمبر 2010 07:44 م
إيمان سراج تكتب: مذكرات عاقر امرأة حزينة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشكلة قد يعانى منها البعض لكنه لا يجرؤ على البوح بأنها من الممكن أن تسبب له أزمة نفسية وتصيبه فى بعض الأحيان باليأس أصبح علاجها هو الهاجس الذى يؤرق حياتها.

فليل نهار لاشىء يدور فى خلدها ويسترعى اهتمامها سوى العلاج
بدأت رحلة علاجها وأصبحت على عجلة من أمرها تسأل نفسها متى ستكون النتيجة؟ تفعل ما يطلبه منها الأطباء لكن دون جدوى.. تنتظر وتنتظر ولكن لاشىء حتى هذه الساعة حاولت أن تتقبل الأمر ولكن لم تستطع.

نظرات الآخرين تميتها.. كلماتهم بمثابة خنجر مسموم يمر بين ضلوعها وكأن الأمر

بيدها نسى الجميع أنه فى يد رب العالمين.

قد يصبرها البعض بأن العمر مازال أمامهم ولديهم ما يشغلهم

فلديهم عملهم وأسفارهم وأصحابهم ورياضاتهم

ولديها هى على وجه الخصوص عملها الخيرى التى يملأ عليها حياتها ويسعدها والأكثر من هذا كله حب زوجها الذى لا يماثله شىء آخر فهو يحتويها بكل كيانه ولم يشعرها يوما بأن بها نقصًا ما وأنها ليست كباقى النساء.. فدائما ما يردد على مسامعها أنه يكفيه ذكاؤها وجمالها وخفة روحها وطيبة قلبها يكفيه طاعتها واحتواؤها له بحنانها ودفء مشاعرها.

ورغم كل ذلك لا يستطيع ذهنها أن يبعد حرمانها من الإنجاب عن مخيلتها

تسعة وعشرون عاما ونصف هو عمرها وشهور قليلة وتصبح على مشارف الثلاثى ياله من رقم مخيف!!! وهى لا تكف عن التفكير
متى تنجب؟ متى ستحمل أطفالها بين ذراعيها؟
متى ستربيهم ومتى ستداعبهم
متى تسقيهم حنانها وترتوى هى من حنانهم
متى ستجرى وتقفز وتتسلق الأشجار معهم
متى ستعدو ويعدو معها خلف الطائرات الورقية

متى ومتى ومتى والعمر قارب على الثلاثين ولم تعد صغيرة؟

ثم من سيضمن أن زوجها سيتحملها بدون أولاد؟ كيف ستضمن تحمله لعقمها وتحمل حرمانه من أغلى وأحب الكلمات (بابا)

كل هذه تساؤلات تدور فى ذهنها

جيرانها ترى نظرات الشفقة فى عيونهم

أقاربها ترى فى أعينهم نظرات خوفهم منهما كلما نظرت وداعبت أحد أطفالهم خوفا من الحسد

تتساءل وهل لها من أمرها شىء؟

أشارت عليها إحدى السيدات بضرورة الذهاب إلى دكتور بعينه

فله مفعول السحر فى مثل هذه الحالات

ذهبت إلى الطبيب

ليس شرطا لديه أى شىء سوى الدفع مقدما والتوقيع على رزمة أوراق

بالتأكيد دفعت ووقعت حتى دون قراءة على ماذا ستوقع

فالطبيب بالنسبة لها كطوق النجاة التى سينجيها مما هى فيه

دفعت ووقعت وبدأت رحلة العلاج ومها رحلة عذاب نعم رحلة عذاب!! فالعلاج صاحبه آلام لا تحتمل

صداع مزمن صار لا يفارقها إلا نادرا

عصبية زائدة عن الحد ودائمة ليل نهار

ورغم كل هذا كلما افتعلت مشكله تجد زوجها أمامها متسائلا؟

ماذا ألم بك؟ ألاحظ تغييرًا فى تصرفاتك
ماذا بك؟

وترد هى

لا أدرى

عاودت الذهاب إلى الطبيب مرة أخرى ليجد لها حلا

سألته إلى مدى سأنتظر؟ ومتى ستكون النتيجة؟

فقدم لها فاتورة جديدة وبضحكة باهتة تعلو قسمات وجهه فاجأها

كل شىء بيد الله

نزلت عليها هذه الكلمات كالصاعقة وكأنها تلوم نفسها كيف غفلت هى ذلك؟

دعت ربها أن يستجيب جسدها للعلاج فكل ما فيها يتطلع إلى الخبر المنتظر وحياتها تسوء يوما بعد يوم بفعل هذا العلاج

لم تعد تتحمل أى شىء

حتى هو لم تعد تتحمله
ولم تعد المشاحنات التى تخترعها هى معه تكفيها لتفرغ بها ما بداخلها

صارت تشمئز منه حتى لمساته وهمساته لم تعد تطيقها
ويجن جنونها عندما يفكر مجرد تفكير فى احتضانها

وصلت بها الأمور إلى أنها بدأت تشك فيما إذا كانت تريد منه أطفالاً أم لا

بدأت تبوح بكل ما تشعر به إلى المقربين منها

اتهموها بالجنون وطلبوا منها الإقلاع عن تلك الأدوية

قالوا لها ارضى بما قسمه الله لك فلا يستطيع الإنسان أن يحظى بكل شىء

لديكم المال والمنصب والصحة والحب فماذا تريدين بعد ذلك

هذا قضاء الله ولابد أن ترتضى به

انقذى زواجك فهو الباقى لك الآن

كل هذه النصائح دارت فى عقلها وجلست مع نفسها ليلة لم يهدأ فكرها لحظة همست إلى نفسها متسائلة.

وماذا عن نظرات الآخرين وشفقتهم التى تسمم أحشائى؟

وكلماتهم المؤثرة التى تخترق آذانى؟

بعد تفكير طويل وبعد ليلة صعبة الدقائق والساعات تركت أفكارها تروج وتجىء وقررت وقف العلاج

وفى اليوم التالى ذهبت لطبيب آخر

لكنه كان هذه المرة طبيب أمراض نفسية

بعدما عادت من عيادته غلبها النعاس وحين أفاقت وفتحت عينيها

وجدت نفسها فى أحضان زوجها مبتسما وقائلا

متى ستتخلصين من سخافاتك وأفعالك الصبيانية هذه؟

قلت لك سابقا وسأعيدها على مسامعك ولآخر يوم فى عمرى

لا أريد سواكِ وسواكِ فقط

وقتها شعرت أن الإنسان لابد أن يرضى بما قسمه الله له

أخذته بين أحضانها وأكملت نومها.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة