الملاحظ لخط سير الحياة السياسية فى مصر، وما ترتب عليها من حياة اجتماعية غير متوازنة، واقتصاد رخو يتأرجح ذات اليمين وذات الشمال أى مابين الاشتراكية والاقتصاد الحر، غير عابئ بما أنتجه العالم المتقدم من أدوات تكنولوجية حديثة، فى وسط هذا الزخم من الثورات العلمية والثقافية فى دول العالم تجدنا قابضين على صغائر الأمور أو توافهها، لا نجد المتعة إلا فى الاستهلاك للمنتجات الغربية وبعد ذلك نلعنهم ونصفهم بالكفر، إنه الاستهلاك الرجعى الذى يلقى بغذائنا ومقدراتنا فى صناديق القمامة، مما جعل جامعى القمامة لدينا من أصحاب الملايين.
من يستطيع أن يقنعنا بما هو العكس لهذا الواقع؟ إلا الذى له مصلحة فى هذا الإقناع، ساندو الكراسى ومتسلقو السلطة الذين يأكلون على كل الموائد، لا يهمهم إلا مكانتهم التى وصلوا إليها ليس بالكفاءة وإنما بالتدليس والنفاق، ومكانتهم هذه لا يستقيم وجودها إلا بوجود أربابهم الذين ولوهم هذه النعم ودائما ما يجدون فى قراراتهم الحكمة والذكاء حتى ولو كانت متناقضة فيبشرون بها وينشروها على القابعين تحت سطوتهم،
إن الواقع أفصح من كل مقال، كما يقولون، فهل يمكن أن يتحدى هؤلاء واقعنا المرير أم أنهم لا يشعرون بهذا الواقع، الواقع يقول بصوت مسموع إن هناك ملايين من الناس تحت خط الفقر، لا يجدون ما يأكلونه ويعيشون على الإعانات كما يعيش الوطن على الإعانات الخارجية، وطن يعيش ولا يعرف غدا ماذا سيحدث، وطن يسكن بعض من أهله على الأرصفة وفى المقابر دون أن يتحرك جفن مسئول أو قلمه، الدول المتقدمة تضع خططا وتوقعات لعشرات السنين القادمة، ونحن نُهزم من صخرة فوق تلال المقطم حين تنهار على رءوس ساكنى العشوائيات لا مرة بل مرات عديدة ويتبارى المسئولون فى إبعاد التهم عنهم فلا يهمهم الناس ولكن الأهم هى مناصبهم، يهزمنا قطار الإهمال حين يحترق بركابه ويصطدم آخر وينقلب ثالث، ومسئولونا يخرجون علينا بتصريحات أن هذا يحدث فى كل دول العالم فلا تنزعجوا، ومن لم يمت فى القطارات سيموت فى العبارات أو تحت القاطرات التى تعجز الحكومة عن إيقافها أمام جبروت أصحابها، وطن يهزم أمام سمكة قرش فتأتى بالخبراء الأجانب لكى يقاوموها، حين يجتمع هذا المثلث فى مكان واحد وهو الإهمال والفساد والمحسوبية، نتوقع حدوث كل ما هو سيئ، يسير بالأوطان وبالإنسان إلى المجهول، إلى عالم من العشوائية والفقر،
والغريب بعد كل ذلك أنه يوجد حالة انفصال فى داخل أركان المجتمع، بين المسئولين والمواطنين كأن كلاً منهما يعيش فى دولة بعيد عن الآخر، يسكنون فى جزر منعزلة، المواطن مهموم مذلول منذ خروجه من منزله صباحا وحتى عودته مساء، يعانى الأمرين من ازدحام المواصلات وارتفاع أسعار السلع، وتعنت المسئولين له فى عمله عندما يتشدقون بالروتين القاتل، ويلملم كل هذه الضربات ليذهب بها إلى فراشه، الذى لا يجده مريحا، حين يرى أحد أبنائه مريضاً ولا يستطيع شراء العلاج المرتفع السعر له أو لا يجده فى الصيدليات، لأنها تخفيه لكى ترفع سعره أكثر، وترتفع نغمة الجحود داخله عندما يرى أحد المسئولين على شاشات التليفزيون وهو يتفاخر بإنجازات الحكومة فى توفير حياة كريمة لمحدودى الدخل، يتجاوز الحزن داخله إلى أبعد الحدود حتى يكره كل شىء، يصير ناقما على كل من حوله، ما هذا التخبط الذى نعيش فيه؟ هل نحن فى دولة لها قواعدها ونظامها؟ الذى يكفل الحياة الكريمة للإنسان بما فيها احترام حقوقه،
هل نحن وطن يسير بخطى سريعة نحو المجهول، غابت فيه كل معطيات الحياة الكريمة اللائقة، اختفى فيها كل صاحب إبداع بفعل فاعل، هل تدهور التعليم فغابت القدرة على الإبداع؟ إذا كنا كذلك فلماذا نحن نرى وطننا يضيع منا ونقف مكتوفى الأيدى، ماذا نحن فاعلون لكى ننقذ وطننا من المجهول، لابد لنا من طريقة قد نجدها بين أيدينا داخل عقولنا، هل نستطيع كشعب أن نحارب الفساد وما هى أدوات محاربته؟ هل نملكها بين أيدينا؟ دعونا نحاربه بألا نفعله؟ لا نشترك فى فعل الفساد كل واحد يبدأ بنفسه، نفضحه أمام المسئولين حتى يشعر الجميع أنه حان الوقت للقضاء على هذا الإخطبوط (الفساد) ونعيد وطننا إلى مسيرته الخالدة
مصرنا التى نحلم بها كى تكون وطنا يسع الجميع يعطى الجميع مثلما يعطيه الجميع، لا توجد فيه فئة تجنى ثمار البقية بدون تعب
متى نرى مصرنا فى صدارة الدول المتقدمة التى نفخر بها فى كل العالم.
نحن نحب أرض وتراب هذا الوطن، ونريد أن نراه فى القمة فهلموا معا لإنقاذه، لا تجعل من نفسك ناقما على كل من حولك فى وطنك، اخدم وطنك بكل أمانة وصدق فسوف يأتى اليوم الذى تفخر بهذا، مازلنا فى انتظار الفعل وليس القول أن نعمل من أجل الوطن.
زكريا رمزى زكى يكتب: إلى أين أنت ذاهب يا وطنى؟
الخميس، 23 ديسمبر 2010 05:12 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة