محمد مسعد البرديسى يكتب: هذا الكلب صديقى!

الأربعاء، 22 ديسمبر 2010 08:22 ص
محمد مسعد البرديسى يكتب: هذا الكلب صديقى! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرب النهر الرافد من بين جبال امتلأت خضرة تتلوها أشجار كثيفة ونخل سامق يميل بأغصان خضر ناضجة الثمار ثمار التمر ذات اللون البنى الجميل ويميل مع الأغصان كأنه يحيى صحراء بادية رمت بأطرافها إلى أفق بعيد.

وهناك جلس حسن وبجانبه صديقه وابن عمه يوسف يتسامران فى جلسة يتوقان إليها فى هذا الوقت من السنة خاصة بعد موسم دراسى طويل وشاق وبينما حسن يسترسل فى رمى أحجار صغيرة إلى نهر صغير كأنه يجرى على مهل بعدما خلفه سيل قريب فاجأ القرية ففرحت به الأرض والأطفال والنساء والشيوخ.
وفى هذه الفرحة التى شاعت بين أهل القرية هاهو حسن يطلق ضحكاته وهو يتسامر مع ابن عمه يوسف وقد خلفت فرحة المطر وبهجته جلسات السمر والزيارات جالسا يحكى حكاية كلب مزرعتهم أصلان الحكاية التى مازالت قرية البتراء تحكيهـا رغم أن فات عليها قرابة العام أو يزيد.

لكن لأن يوسف جاء اليوم فى زيارة للقرية بعد حفل المطر البهيج حيث يقطن يوسف المدينة أو الحضر فكان لزاما أن يحكى حسن كيف بدأت الحكاية حكاية الكلب مزرعة أصلان ...........
وكيف دخل فجأة إلى مزرعتهم صباح يوم ما جمل صغير يجرى لكنه بالنسبة للغنم والطيور ضخم وطويل وليس بالمزرعة أى نوع من الجمال! ففزعت منه الغنم والدجاج والطيور وقام الديك يصيح والدجاج وراءه تصرخ وانتهز الحمار الفرصة وأطلق النهيق وأصبح باب المزرعة مفتوحًا وانتبه أصلان للجلبة والأصوات التى حدثت فقفز إلى المزرعة وأطلق نباحًا واقترب من الجمل الصغير يشمه وارتعد خوفا فأخذ يجرى المسكين داخل المزرعة هنا وهناك و يسمع الصياح والصراخ والنهيق، ويضحك حسن وهو يروى الحكاية ثم يقول: أطلق أصلان نباحه للغنم والدجاج والجميع وكأنه يهدئ من فزعهم من هذا الغريب ويريد منهم أن يتوقفوا عن الصراخ
والتقط أصـلان شيئا من الجمل ثم أغلق باب المزرعة وانطلق بعيدًا تاركًا كل المكان وجرى نحو الشرق ولا ندرى إلى أين ذهب.

وتأخر أصلان عن العودة إلى المزرعة وإلى المكان ومضى اليوم وشعر أبى وجدى أن أصلان غير موجود وبعدما شاهدا الجمل الغريب ظن أبى أن هناك شيئًا ما بين دخول الجمل إلى المزرعة وغياب أصلان.
وأشار جدى فقال: سوف يأتى أصلان ونعرف الخبر الأكيد وهكذا مضت ساعات نهار تال وقبل أن تميل الشمس إلى الزوال من اليوم التالى رأينا قوم من البدو يركبون الجمال وأمامهم أصلان يجرى نحو المزرعة وإلى القرية وتهلل وجه أبى وجدى بالبشاشة والفرح.
وتوقف القوم عندنا وجرى أصلان صوب أبى وهو يلهث بشدة ويخرج لسانه وتقدم أعرابى كأنه شيخ القوم من أبى وقال وقد شاهد بعينه الجمل الصغير الضائع من القافلة يرقد داخل المزرعة:
السلام عليكم يا شيخ ورد أبى قائلا: وعليك السلام مرحبا بك أخا العرب تفضل وبعدما جلس الأعرابى ومن معه حكى لأبى كيف وصل أصلان إلى القافلة وقال:
بعدما جن علينا الليل ونصبنا خيامنا فى طرف البادية وأوقدنا النار أمامنا حضر إلينا هذا الكلب ونحن نعرف كلب الحراسة من الكلاب الأخرى الضالة ثم تقدم منى وكأنه يعرفنى وكان يضع قماشة فى فمه فألقاها أمامى فأيقنت أنها نفس القماشة التى ميزت بها الجمل الصغير ولففتــها حول رقبته كى لا يضيع وكانت الناقة أمه قد وضعته منذ شهر أو يزيد وأصبحت حزينة لا تأكل ولا تشرب حتى يعود وحمدت الله وتذكرت أنى مررت والقافلة معى إلى قريتكم منذ يومين أو يزيد وأعتقد أنى شاهدت الكلب أصلان مع غنم لكم يرعاها وأنه لكلب بحق ذكى فقد عرفنا وحفظ إلى أين اتجهنا.

إنى لأشكركم أيها الشيخ وأهنئكم على كلب الحراسة هذا وفى الصباح عزمت وأخوتى وتوجهنا إلى قريتكم وكان أصلان دليــلنا إلى القرية وإلى المكان.
وسر جدى وأبى كثيرا لذكاء أصلان وأمانته وجاز لنا بحق أن نطلق عليه الكلب الحارس الأمين.

وفى مبادرة مثيرة قام الأعرابى من مجلسه وعرض على أبى كيسا مليئا بالنقود يريد أن يشترى أصلان من أبى بأى ثمن يريده فضحك أبى وقال:
نحن لانفرط فى أصلان ولكنى سوف نهديك ابنا لأصلان جرو صغير سوف يصير مستقبلا مثل أبيه وهو من ذات النوع والفصيلة وانصرف الأعرابى فرحا ومسرورًا بالجرو الصغير وهكذا عـاد الجمل المسكين إلى أمه.

وبعدما علمنا بهذه الحكاية أسرعت من نفسى أحضن أصلان وصرت أرعى غنم المزرعة كل يوم وفى صحبتى أصـلان وكنت من قبل أمتنع كثيرًا عن الخروج للرعى مما كان يغضب أبى منى.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة