مع نجاح وزارة الثقافة فى إدارة مشروعات قومية واختيار عناصر بشرية متميزة لمتابعتها مثل متحفى الحضارة والمصرى الكبير، ومع بدء الخطوات الأولى نحو الاتفاق مع هيئة الأمن القومى على إنشاء غرفة تحكم مركزية بمنطقة القلعة لمراقبة جميع المتاحف لتوفير حماية أكبر لها، وعلى خلفية سرقة لوحة زهرة الخشخاش وما صاحبها من اكتشاف إهمال وتراخى فى الحماية والتأمين والقصور الأمنى غير المسبوق لأفراد شركات الحراسة الخاصة، والذى يمكن وصفه بخطأ جسيم يرقى إلى مرتبة العمد..
تأتى فكرة تخصيص شرطة لحماية وتأمين المتاحف بما يمكن اعتباره نقطة تحول فاصلة فى تطوير نظام الأمن بالمتاحف من خلال طرح آلية جديدة تقوم على إنشاء لجنة عليا لتطوير المتاحف الوطنية ومراجعة نظم تأمينها مع متابعة شهرية ميدانية لا مكتبية.
وتضع اللجنة سياسة شاملة للإشراف على جميع المتاحف فى مصر بغض النظر عن تبعيتها لوزارة الثقافة من عدمه.. وقد تشكل هذه اللجنة من المتخصصين كل فى مجاله مع انتخاب مجموعة أعضاء من المجتمع المدنى المهتمين بالفنون والثقافة وخبراء بشئون المتاحف لوضع خطط التطوير وفق الأساليب العالمية.. ولكن حتى تكون اللجنة عليا بالفعل فإن الخطوة الأولى تكمن فى إعادة دور شرطة السياحة والآثار فى التأمين من الداخل من خلال شرطة متخصصة للمتاحف بدلاً من الاعتماد على شركات أمن خاصة تفتقر إلى العنصر البشرى المدرب تدريبا جيدا والذى لا يرقى الى مستوى نظيره من الشرطة المتخصصة لأنه لا شك فى أن شرطة المتاحف باعتبارها شرطة متخصصة تمثل الضمانة الحقيقية للتأمين والحماية بما لها من خبرة فى هذا المجال وكفاءة فى تطبيق النظم الأمنية ولا وجه للمقارنة على الإطلاق بين وزارة الداخلية وبين شركات الأمن الخاصة التى تقوم على أساس تجارى بحت دون خبرة حقيقية على الأقل فى مجال تأمين المتاحف..
أما الخطوة الثانية فهى تعميق الانتماء، فبغير أن نثير فى المواطن إحساسا كامنا لديه بأهمية كل ما يتعلق بتاريخه وتراث وطنه الحضارى وبغير أن نؤسس فى عقله أن هناك ثقافة فنية وأثرية آن الأوان لكى يفرض مضمونها على طلبة العلم بأسلوب أكثر تشويقا.. وبغير هذا وذاك يغدو من الصعب أن تؤتى جهود اللجنة ثمارها كاملة.
إن يقظة الإحساس الشعبى بضرورة إعادة لوحة الخشخاش والاهتمام بهذا الحدث للدرجة التى أقلقت المواطن العادى قبل المتخصص يجب أن يستفاد منها قبل أن يخبو حماس الإحساس بالانتماء للوطن ويخفت يأسا من أى إصلاح, ويتعين علينا استثارة هذا الإحساس بكل الوسائل ليكون هو المحور الأساسى الذى ينبغى أن يقوم عليه عمل اللجنة، وأن تبدأ به قبل فوات الأوان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة