محمد الدسوقى رشدى

إخوانى فى السجن= فضيحة لمصر

الأربعاء، 22 ديسمبر 2010 12:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أعرف إن كنت على معرفة بالدكتور خالد عبد القادر عودة أم لا، لا أعرف إن كان اسمه قد مر على أذنيك أثناء متابعة تفاصيل قضية الإخوان المسلمين العسكرية الأخيرة أم لا، ولذلك اسمح لى أن أحكى لك بعض عن هذا الرجل الذى تابعت قضيته منذ بدأت فى الفترة السابقة، وعشت مع ولده لحظات حزنه على الدكتور خالد العالم قبل الوالد، ربما لا تجد فى تفاصيل تلك الحكاية سوى مجرد إعادة لذكر خطايا النظام الحاكم وجرائمه فى حق معارضيه، ولكن دعنى أروى لك منها اليوم الجانب الآخر الذى نشاهد فيه نظاما يضع العلم تحت أقدامه حتى ولو كان فى هذا العلم مستقبل وطن بأكمله..

أن تسمع عن حملة أمنية يتم خلالها اعتقال عدد من عناصر جماعة الإخوان المسلمين فى مصر بناء على قائمة التهم الشهيرة والتى تضم الانضمام إلى جماعة لا يرى أحد سوى النظام أنها محظورة وحيازة كتب ومنشورات مناهضة لنظام الحكم وعقد اجتماعات تنظيمية وتمويل مخططات الجماعة ماليا وبالمرة تهمة غسيل الأموال.. أن تسمع ذلك فهو شىء عادى وطبيعى ويحدث مرارًا وتكرارًا وحينما سمعناه منذ عدة أعوام كان الأمر عاديا غير أن وجود اسم العالم الجيولوجى الدكتور خالد عبد القادر عودة، الأستاذ بكلية العلوم، جامعة أسيوط وابن القيادى الإخوانى البارز السابق عبد القادر عودة ضمن قائمة هؤلاء المعتقلين لم يجعل الأمر عاديا ولا يجعله عاديا الآن حتى بعد خروج الدكتور من السجن دون أن يعرف لماذا دخله أساسا ودون أن يحاسب أحد الحكومة على المشاريع العلمية التى انهارت بدخول هذا الرجل السجن، ودون أن تشرح لنا الدولة ماذا فعلت فى تلك الفضيحة الدولية والخسائر المالية والحضارية التى ذهبت وضاعت على هذا الوطن بسبب سجن ذلك الرجل؟.. دعنى أعود بك إلى الخلف وأحكى لك ببساطة لكى تستوعب الدكتور خالد عبد القادر وقت اعتقاله كان نائب لرئيس فريق بحثى دولى يضم كبار علماء الجيولوجيا فى العالم ويعمل تحت إشراف اللجنة الدولية للاستراتجرافيا، فى مهمة محددة وهى الكشف عن حقبة زمنية مفقودة ظلت أحداثها الجيولوجية محل بحث وتقصى علماء الطبقات والحفريات فى العالم طوال الخمسين سنة الماضية نظرا للأهمية الحضارية والتاريخية والإنسانية لتلك الحقبة وحدوث تغييرات حياتية ومناخية ضخمة فى الكرة الأرضية خلالها، وبعيدا عن الخوض فى تفاصيل علمية كثيرة فقد كانت هناك أكثر من دولة تتنافس على إثبات وجود ذلك التتابع الرسوبى النموذجى فى أرضها حتى تجذب الفريق الدولى للعمل بها نظرا لأهمية الاكتشاف العلمى التاريخى الذى يمنح البلد الموجود به طفرة هائلة فى مجال السياحة العلمية واهتمامًا عالميًا جديدًا يتلخص فى محمية عالمية كبيرة يمولها المجتمع الدولى وتكون قبلة للزائرين من كل أنحاء العالم وكان التنافس شديدًا بين مصر وإسرائيل وأسبانيا وكوبا، حتى استطاع الدكتور خالد عبد القادر عودة الذى قاد فريق البحث المصرى أن يؤكد وجود ذلك التتابع الرسوبى الذى يغطى تلك الفترة الزمنية فى منطقة الجبل الشرقى المطل على قرية الدبابية جنوب الأقصر وفى 17 فبراير 2002تم التصويت الدولى على اختيار مصر وهللت الحكومة وقتها بهذا الإنجاز العظيم وحصل الدكتور خالد على كثير من شهادات التقدير والشكر والعرفان من المسئولين، كان من بينها شهادة الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للبحث العلمى وقتها، أشاد فيها بجهود الدكتور عودة التى نتج عنها اختيار الفريق العلمى لمصر، مؤكدا أن نتائج هذا الاكتشاف وهذا الاختيار ستعم بالخير على مصر كلها بسبب الفائدة الاقتصادية من حركة السياحة العلمية التى تنشط مع تلك الاكتشافات ومن ناحية الوضع العلمى المصرى ومن ناحية التأمين الأمنى للمنطقة الجنوبية من البلاد لأن مثل تلك الاكتشافات تساعد على الاستقرار الأمنى..

الأمور طبيعية جدا حتى الآن ونحن نحتفل بنصر آخر على إسرائيل فى المجال العلمى حتى جاء يوم 8 يناير 2007 وأعلن السيد أحمد نظيف فى جريدة الأهرام عن استضافة مصر للوفد الدولى الجيولوجى وعن البدء فى تحويل منطقة الاكتشاف إلى محمية طبيعية دولية وتحدث مكررا نفس الكلام القديم عن الفوائد العظيمة من تلك الخطوة وعن تكريم فريق العلماء وعلى رأسهم الدكتور خالد عبد القادر عودة العالم المصرى نائب رئيس الفريق وهمزة الوصل بينهم وبين الجانب المصرى واستعدت وفود العلماء التى أتت من أمريكا وبلجيكا وفرنسا للاحتفال بجهدهم الرائع مع الدكتور خالد عبد القادر عودة الذى اختفى من بينهم فجأة فجر 14 يناير.

وحينما سألوا عليه جاء الجواب بأن الدكتور خالد تم اعتقاله ومن هنا بدأت الفضيحة وأصيب الوفد بحالة من الذهول والصدمة قرر على إثرها الوفد البلجيكى والإنجليزى الرحيل اعتراضًا على ما حدث متهمين مصر بأنها لا تحترم العلم والعلماء ومؤكدين أنهم كانوا يعلمون هذا الأمر ويتخوفون على اكتشافهم من الضياع، وبقى العلماء الأمريكان والفرنسيين فى فندق إيزيس بالأقصر مصدومين من بحثهم الذى تم تعطيله وأصبحت جامعة أسيوط نفسها فى مأزق بسبب عدم وجود الدكتور خالد، لدرجة أن الجامعة طلبت من زوجته وهى الأستاذة بنفس المجال أن تحل محله وترافق الوفد الدولى ولكنها رفضت لأن الظروف لا تسمح مما اضطر أن تكون تكاليف إقامة هذه الأيام غير المفيدة على حساب الجامعة وبدأ بعض العلماء يراسل المنظمات الدولية ليفضح ممارسات النظام تجاه فرد ضمن البعثة الدولية، خاصة أن جهدهم الذى بدأ عام 1999 أصبح مهددا الآن، ووقتها وأثناء متابعتى للقضية صحفيًا أكد لى البروفيسير كريستيان أحد أعضاء الوفد ذهوله من التصرف بهذا الشكل مع عالم بحجم الدكتور خالد وأن الحكومة المصرية إذا كانت تريد إهداء إسرائيل تلك المحمية العالمية فلماذا لم تفعل ذلك منذ البداية وتوفر تلك الجهود والأموال من البداية مؤكدًا أن المسئولين فى مصر غير مدركين تأثير ما فعلوه مع الدكتور خالد، ووقتها لم يكن هذا البروفيسور فقط هو المعترض فإذا عدنا إلى مجموعة الأمريكان وتحديدا علماء معهد ماسوشتس ستجد ما هو أجمل وأغرب حيث سبق وقاموا بتحذير الدكتور خالد من المشاركة فى انتخابات 2005، لأنهم يعلمون أن مصر لا تحترم حق مواطنيها الانتخابى ويخشون عليه من الأذى الذى يمكن أن يتعرض له على يد الأمن المصرى.

هذه المهزلة التى واجهها الفريق البحثى وعرضت سمعة مصر للخطر لاحظتها وقتها فى حالة الاستياء الموجودة عند أعضاء الوفد الدولى العلمى الذى رأى معظمهم أن ما حدث استهتار بوقتهم وبعلمهم وبأهمية اكتشافهم من جانب الحكومة المصرية وقالوا إذا كانت الحكومة لا تقوم بحماية العالم المصرى صاحب الفضل فى جعل هذا المجهود البحثى يدور فى مصر بدلا من إسرائيل فكيف ستحمى الحكومة تلك المحمية التى فيها الاكتشاف الكبيرة؟

ما حدث مع الدكتور خالد ربما مصادفة، وربما لو تم اعتقاله فى وقت آخر لمر الأمر مرور الكرام ولكن الظروف وحدها جعلت من قضية الاعتقال لهذا العالم المصرى بهذا الشكل فضيحة عالمية جديدة تضاف لرصيد هذا النظام الذى يرفض حالة الستر التى ينعم بها الرب علينا ويصر على أن يكون من المجاهرين بفضائحه، ولأنه يفعل ذلك ويجاهر بها أدعو الدكتور خالد عودة بعد أن فك الله سجنه أن يجهر هو الآخر بما لديه من تفاصيل وبما تعرضت له البلد من خسائر بسبب فترة اعتقاله تلك.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة