أكدت آن مارى مولان، الباحثة الفرنسية المدير السابق لمعهد بحوث التنمية "IRD" أن الفرنسيين أثروا مدرسة الطب فى مصر بالعديد من الأبحاث والأطباء الفرنسيين الذين كان لهم أثر بالغ فى النهضة الطبية الحديثة، خاصة فى عهد محمد على، منهم كلوت بك الذى عمل مديرا لقطاع الصحة فى مصر والذى استقدمه محمد على من فرنسا للنهوض بالمجال الطبى فى مصر.
جاء ذلك من خلال المؤتمر الطبى الذى عقد مؤخرا بالمجلس الأعلى للثقافة تحت عنوان "الطب الحديث فى مصر وتأثير الإسهام الفرنسى" احتفاء بالعام المصرى الفرنسى للعلوم والتكنولوجيا.
وأشارت مارى مولان فى تصريح خاص لـ"اليوم السابع" إلى أن التعاون الطبى بين مصر وفرنسا لا يحتاج فقط إلى جانب طبى بل يجب أن يمتزج بجانب دبلوماسى، لذا على وزارتى الصحة فى مصر وفرنسا وكذلك سفيرى مصر وفرنسا أن يدعوا إلى جلسات أخرى لاحقة يتم من خلالها الاتفاق على نقاط وخطط معينة تسير من خلالها ماهية وآلية التعاون الطبى بين مصر وفرنسا.
وأكد هادى حدادة ملحق التعاون العلمى بالسفارة الفرنسية أن التعاون المصرى بين فرنسا ومصر فى المجال الطبى له كثير من الآثار التى تخدم مصلحة البلدين، لافتا إلى أن هناك كثيرا من المنح الطبية لكثير من الطلبة المصريين لدراسة الطب فى أفضل جامعات فرنسا سنويا لدعم سبل التعاون الذى يعد تطورا عظيما فى مجال الطب المصرى والفرنسى على حد سواء.
وأشار الدكتور سامح فريد عميد كلية طب قصر العينى إلى مدى تعاون طب القصر العينى وعلاقاته القوية بفرنسا لما له من أثر واضح لخدمة الطب المصرى، داعيا إلى ضرورة الاهتمام ببعض الجوانب التخطيطية للاستفادة من هذا التعاون الطبى بين كل من مصر وفرنسا، والذى يضيف ثقافات طبية تثرى الطب المصرى بكل ما هو جديد.
وأضاف الدكتور خالد فهمى رئيس قسم التاريخ بالجامعة الأمريكية أن "كلوت بك" كان له دور بالغ الأهمية فى نقل الثقافة الطبية الفرنسية إلى مصر، كما تطرق إلى قضية التشريح، مؤكدا أن علم التشريح لاقى بعض الاعتراضات من جانب الفقهاء ومن جانب بعض الأطباء أيضا، فيما كان الاعتراض الدينى متعلقا بقضايا تأخير دفن الجثة، وقد أجازت دراسة سعودية التشريح قياسا، خاصة وأنه يجوز شق بطن الحامل واستخراج جنينا ببطنها لإنقاذه من الموت بعد وفاتها، كما يجوز شق بطن المرأة الحامل لاستخراج شىء ثمين فى أحشائها، ومن ثم كان التشريح من الفوائد التى قد تهدينا فى بعض الأمور المتعلقة بالقتل والشك حول سبب الوفاة.
أما الدكتور عماد هلال أستاذ التاريخ بجامعة قناة السويس أن كلوت بك له أثر على مصر، مضيفا: إلا أننا نبالغ فى هذا الأثر، فقد كان كلوت بك يعمل "صبى حلاق" فى فرنسا إلى جانب دراسته للطب، ولم يعمل فى الطب إلا عامين فقط داخل فرنسا، وتم استقدامه إلى مصر بعدما استقدم محمد على أكثر من مائة طبيب إيطالى، إلا أن الفرنسيين استاءوا من قلة عدد أطبائهم داخل مصر وكثرة عدد الأطباء الطليان، لذا طلبوا من محمد على استقدام بعض الأطباء الفرنسيين، إلا أنهم لم يقدموا كل النهضة الطبية الحديثة فى مصر وحدهم بل كان للعرب أنفسهم دور مهم فى مجال الطب، وكان هناك من الأطباء المصريين ما يشهد له التاريخ أنهم تفوقوا على الأطباء الفرنسيين بل وعلى أنفسهم فى مجال الطب فى هذا الوقت، وحتى الآن ولا ينبغى أن ننسب كل الإنجازات فى هذه الحقبة للفرنسيين وكلوت بك فقط.
وأشار الدكتور نور الدين الخولى أستاذ جراحة الأطفال بجامعة الإسكندرية التى خصصت فرعا لتدريس الطب باللغة الفرنسية منذ عام 2006 وحتى مطلع هذا العام والذى يعتبر تطورا هائلا فى مجال الطب المصرى ويدعم سبل التعاون الدولى بين مصر وفرنسا فى المجال الطبي، أن هناك علاقات بين جامعة الإسكندرية وكثير من جامعات فرنسا كجامعة ليون ومارسيليا وجامعة تولوز، كما أن هناك كثيرا من الرحلات لهذه الجامعات والتى أقيمت على مدار الأعوام السابقة والتى أثرت طلاب جامعة الإسكندرية بمزيد من المعلومات عن الطب داخل وخارج مصر.