منذ اليوم الأول للانتخابات حرص قادة الحزب الوطنى على القول فى مختلف المؤتمرات الصحفية، واللقاءات التليفزيونية والتصريحات الصحفية، إن أى انتخابات تشهد تجاوزات واتهامات بالتزوير والعنف، وضرب بعضهم مثالاً بالانتخابات الرئاسية فى إيران، والانتخابات التشريعية فى العراق وأفغانستان والأردن.
والحقيقة أننى وغيرى كثيرون لم نفهم هذه التصريحات ولا الأمثلة ولا المقارنات التى أدلى بها مسئولو الحزب الوطنى، لأن الأصل فى أى انتخابات أن تجرى فى هدوء، وفى جوٍ تنافسى عادل يضمن الفرص المتساوية للجميع، ويسمح للناخبين بالتوجه لصناديق الاقتراع، وهم آمنون على أنفسهم وحياتهم، وهذا لم يتحقق فى انتخابات مجلس الشعب.
ولا أعتقد بجواز المقارنة بالانتخابات فى أفغانستان والعراق، لأنهما بلدان تحت الاحتلال، وبهما معارك أهلية، وعمليات قتل يومية، وسلطة حاكمة يرى الكثيرون أنها لا تمثل كافة أطياف الشعب لا فى العراق ولا فى أفغانستان.. بعكس مصر التى يفترض أنها بلد مستقر، لا يعيش حروباً أهلية، ولا يبدأ العملية الديمقراطية من فراغ، ولا يخطو أولى خطواته بها.
وأعتقد أيضا أن أى مقارنة انتخابية يجب أن تكون بين مصر ودول مستقرة، لا تعانى مشاكل فى الاستقلال، والخلاص من الاحتلال، ولا تعانى من غياب المؤسسات وكل همها أن تبنى مؤسسات تحافظ على الدولة من التفتت كما هو الحال فى أفغانستان والعراق.
صحيح أن بعض الانتخابات فى العالم تشهد بعض التجوزات، لكن مثلا فى الانتخابات البرلمانية البريطانية الأخيرة، كانت الشكوى الأبرز فى إحدى الدوائر أن ساعات الاقتراع انتهت دون أن يتمكن الناخبون من الإدلاء بأصواتهم، وشكل هذا حدثا مهما حرصت هيئة الإذاعة البريطانية على رصده والحديث عنه مطولا.
وخلال الشهور القليلة الماضية شهدنا انتخابات التجديد النصفى لمجلسى الكونجرس فى أمريكا، والانتخابات الرئاسية فى البرازيل، وانتخابات محلية فى إقليم كتالونيا الأسبانى، وانتخابات أخرى فى آسيا وأفريقيا.. أى فى كل قارات العالم تقريبا.. لكننا لم نشاهد مثيلاً للعنف الذى شهدته الانتخابات المصرية، ولم نسمع عن تسويد البطاقات وإغلاق اللجان ومنع الناخبين من التصويت.. ولم نر التزوير فى الانتخابات ثقافة عامة لدى كل القوى السياسية ومعظم المرشحين كما شهدنا فى مصر.
لسنا أفغانستان.. ولسنا العراق..كما أننا أيضا لسنا بريطانيا ولا أمريكا.. وما جرى لدينا لا يمكن وصفه بالانتخابات على أى حال، وإنما قد يكون أى شىء آخر.. لا علاقة له بهذه الكلمة التى يجب أن يتهيأ لها العديد من الشروط لم تتوافر لدينا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة