فرط الحركة - النشاط الزائد- حالة طبية مرضية أطلق عليها فى العقود القليلة الماضية عدة تسميات منها متلازمة النشاط الزائد - التلف الدماغى البسيط - الصعوبات التعليمية- وغير ذلك، وهو ليس زيادة فى مستوى النشاط الحركى، ولكنه زيادة ملحوظة جداً تخرج عن حدود المعدل الطبيعى، سواء فى المنزل أو الشارع أو المدرسة، مما يسبب له فشلاً فى حياته بسبب قلة التركيز، مع اندفاعيته المفرطة وتعجله الزائد والدائم، وللوصول إلى تشخيص لتلك الحالة يجب أن تنطبق عليه شروط معينة ومحددة، وأن يقوم بالتشخيص متخصص فى هذا المجال.
وفرط الحركة وزيادة النشاط علامة مميزة، وهى زيادة ملحوظة جداً فى مستوى النشاط الحركى تخرج عن حدود المعدل الطبيعى، حيث نرى الطفل يتلوى- يتململ، لا يستطيع البقاء فى مكانه أو مقعده، نراهم يجرون فى كل مكان، يتسلقون كل شىء، كثيرى الحركة لا يهدأون، يتكلمون كثيراً، كل ذلك بلا هدف محدد، يحدث ذلك فى المنزل- الشارع- الأسواق- أو المدرسة، كما يجدون صعوبة فى التأقلم واللعب مع الأطفال الآخرين.
أما نقص الانتباه فهو من أكثر أعراض هذه الحالة انتشاراً، فبالإضافة لعدم القدرة على الانتباه - فدرجة التركيز والانتباه لديهم قصيرة جداً، فإن المصابين بالحالة غير قادرين على التركيز - التذكر - التنظيم، يظهرون كأنهم غير مهتمين لما يجرى من حولهم، يجدون صعوبة فى بدء وإكمال ما يقومون به من نشاط، وخصوصاً ما يظهر أنه ممل أو متكرر أو فيه تحد وتفكير، كأنهم لا يسمعون عندما تتحدث معهم، ولا ينفذون الأوامر المطلوبة منهم، يفقدون أغراضهم، وينسون أين وضعوا حاجياتهم - كتبهم وأقلامهم.
أما عن الاندفاعية فهؤلاء الأطفال مندفعون بطبعهم، لا يفكرون فى الحدث وردة الفعل، يجيبون عن السؤال قبل الانتهاء منه، لا ينتظرون دورهم فى الحديث أو اللعب، كثيراً ما يقاطعون الآخرين فى الكلام واللعب، وهو ما يؤدى إلى عدم قدرتهم على بناء علاقات مستمرة مع الآخرين، ولذى نلاحظ فى البالغين عدم استمرارهم فى عمل أو وظيفة معينة، كما أنهم يصرفون أموالهم بدون تفكير أو حكمة.
كما أنه ليس هناك سبب واضح لحدوث الحالة، فليس هناك عيوب واضحة فى الجهاز العصبى، لكن هناك اتفاقاً بين العلماء أن الحالة تحدث نتيجة لأسباب عضوية نمائية للجهاز العصبى لم يتم التوصل لها وتحديدها، ولقد قامت العديد من الدراسات للكشف عن المسببات، ومن هذه الأسباب:
الأسباب العضوية نتيجة تعرض الدماغ لإصابات خلال الحمل أو عند الولادة - صعوبات الولادة - نقص الأكسجين- إصابة الأم بالمرض وقت الحمل- تناول الأدوية- حدوث اضطراب فى النشاط الكيميائى للدماغ لم تعرف مسبباته، فاختلاف كيماويات المخ تؤدى إلى تأثيرات على المزاج والسلوك -أسباب جينية أو وراثية حيث وجد لدى الوالدين أو العائلة بعض الأعراض المرضية والسلوكية.
الأسباب البيئية: التلوث البيئى، تسمم الرصاص.
اضطراب فرط الحركة وضعف التركيز من الحالات المنتشرة فى جميع أنحاء العالم، تصل نسبة الإصابة به إلى 10% من الأطفال فى المرحلة الابتدائية، لكن على أكثر التقديرات معقولية ما بين 3% و 6% حسب تقديرات الدليل التشخيصى والإحصائى للأمراض النفسية الأمريكى فى طبعته الرابعةDSM-VI، وتؤكد أبحاث حديثة أن نسبة البالغين المصابين به لا تقل عن 3%.0
الحالة إنمائية، أى أن الإصابة حدثت خلال الحمل وقبل الولادة، ولكن الأعراض تظهر فى مرحلة الطفولة، وتكون أكثر وضوحاً وتسترعى انتباه الآخرين عند ترك الطفل المنزل ودخوله المدرسة، وتستمر الحالة طوال العمر بدرجات متفاوتة، قد لا تكون واضحة لدى البالغين لقدرتهم على التكيف والتصرف.
هذه الحالة لا تعتبر من صعوبات التعلم، فهى مشكلة سلوكية عند الطفل، ولكن حيث إن هؤلاء الأطفال عادة ما يكون لديهم زيادة فى الحركة مع الاندفاعية، كما أنهم لا يستطيعون التركيز على أمر ما لأكثر من مدة محدودة، والتعلم يحتاج إلى التركيز للفهم والحفظ والتحصيل العلمى، لذى نلاحظ وجود الفشل الدراسى لديهم، وأغلب تلك الحالات يتم اكتشافها وتشخيصها نتيجة الفشل الدراسى، وفى نفس الوقت لاحظت بعض الدراسات أن هناك نسبة جيدة من هؤلاء الأطفال يعانون من صعوبات التعلم - اليسليكسيا - مثل الصعوبة فى القراءة أو الكتابة وغيرها.
الطفل لديه حاجة شديدة للحركة، لا يستطيع الاستقرار لفترة طويلة فى سكون بل يتحرك حتى فى كرسيه- وهو واقف، واحتياجه للحركة باستمرار ليس شقاوة فيه - ولكن لأن طبيعة تكوينه لا تتحمل أن يبقى ساكناً لفترة طويلة.
انتباه هذا الطفل يكون مشتتاً - مضطرباً - ضعيفاً، فالطفل يستقبل كل المثيرات الحسية بنفس الحساسية- ولهذا يلفت نظره كل شىء- ولا يستطيع تركيز انتباهه، أو التفريق والتمييز بين المهم وغير المهم، فإذا كان جالساً فى الفصل يحاول التركيز على حديث المعلم، فإذا مر أحد المعلمين أمام باب الفصل- أو تحرك أحد الطلاب - أو ظهرت أصوات من بعيد، فإنه لا يستطيع مواصلة الانتباه والتركيز بل يحدث لديه تشتت، بينما الطفل العادى يستطيع إهمال هذه الأشياء غير المهمة ومواصلة التركيز على المهم، ولهذا يكون ذهن هذا الطفل كالذى يسمع المذياع الذى يبث 10 محطات فى لحظة واحدة، لا يستطيع السامع تمييزاً بينها الاندفاعية، فهؤلاء الأطفال يستقبلون ما يدور حولهم ثم يتصرفون مباشرة قبل أن يفكروا فى الفعل أو رد الفعل.
فى الحالات المشخصة تشخيصاً علمياً دقيقاً كان الاعتقاد السائد أنهم يشفون مع التقدم فى العمر، ولكن الدراسات الحديثة أثبتت عكس ذلك فى أغلب الحالات، ولكن الأطفال المصابين بفرط الحركة وقلة الانتباه تتحسن حالتهم مع التقدم فى العمر، ويتعلمون كيفية التصرف والمواءمة لحالتهم، فالحركة المفرطة تقل مع البلوغ، ولكن لوحظ أن نصف الحالات يمكن الـتأثير عليهم ولفت انتباههم بسهولة، تقلب المزاج، الانفعالية الزائدة، عدم القدرة على إكمال العمل المناط به.
ولكن كيف يتم التشخيص؟ فاضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه حالة نمائية، أى أن الطفل يصاب بها فى مرحلة الحمل وقبل الولادة، ويمكن تشخيصها فى أى مرحلة عمرية معتمدة على شدة الأعراض ونوعيتها، ولكن بعض تلك الأعراض تحدث بشكل متكرر لدى الأطفال الطبيعيين خلال مرحلة النمو، الذى يكون من الصعوبة القدرة على التشخيص الكامل، ولكن عند دخول الطفل للمدرسة (خمس - ست سنوات)، فهناك العديد من العوامل التى تساعد على ظهور الأعراض مثل البيئة المدرسية واختلافها عن المنزل، الضغوط التى يواجهها الطفل فى المدرسة، كما أن الأعراض التى يتم تجاهلها فى المنزل كأعراض طبيعية يمكن إبرازها فى المدرسة، ويتم التشخيص من خلال الفحص الطبى لاستبعاد الحالات المرضية الأخرى، كما يتم التقييم الطبى والنفسى من خلال معايير مقننة لكل مرحلة عمرية، كما يتم متابعة الطفل وملاحظة التغيرات التى تحدث- والسلوكيات، وتسجيلها من خلال الوالدين والمدرسين ومن يقوم برعايته.. أما عن العلاج فليس هناك علاج شاف يزيل الحالة، ولكن الطرق العلاجية يمكن من خلالها التحكم فى الأعراض المرضية ومنها العلاج الغذائى والعلاج السلوكى والعلاج الدوائى.
تدريبات عملية لمعالجة تشتت الانتباه وضعف التركيز وذلك لمساعدته على تنظيم وقته والاستفادة من الوقت المثالى للدراسة من خلال :
عمل جدول دراسى مناسب يتم تنفيذه بعد العودة من المدرسة بحيث يتم تحديد الوقت لإنهاء الواجبات المنزلية والدراسية وأوقات اللعب والالتزام به حرفياً.
التجاهل للجوانب السلبية لدى الطفل وعدم التركيز على جوانب الضعف أو القصور لديه.
ضرورة تقديم المعززات الإيجابية بأنواعها حسب رغبة الطفل لأى إنجازات دالة على استجابته للتعليمات بدقة والانتهاء من النشاط أو العمل المحدد.
تهيئة المكان المعد للدراسة بحيث يكون خالياً من كل المشتتات سواء أكانت المشتتات صوتية -صوت التلفاز- أو بصرية- الرسومات واللوحات.
ضرورة ألا ينتهى وقت الدراسة بمسألة صعبة أو معقدة -- إذ يجب إعطاؤه مهمات يستطيع النجاح فيها فى نهاية كل فترة حتى لا يصاب الطفل بالإحباط.
تجزئة المهمات الصعبة إلى مهمات بسيطة- والانتقال من البسيط إلى المعقد- مع جعل عملية التعلم شيقة ومصدرًا للمتعة باستخدام الوسائل التعليمية المناسبة وأساليب التعزيز.
تواصلوا معنا بإرسال أسئلتكم واستشاراتكم على health@youm7.com
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة