القاموس المحيط.. فى أصول التسويد والتقفيل والتصويت

الخميس، 02 ديسمبر 2010 09:59 م
 القاموس المحيط.. فى أصول التسويد والتقفيل والتصويت
أكرم القصاص - تصوير : محمد نبيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ البلطجية للدعم الانتخابى.. والسنجة والمولوتوف أسلحة عفية.. التربيطات تبيح المحظورات.. والرشاوى الانتخابية لاصطياد الأصوات
◄◄ انتخابات الرجل الشريف والوزير الظريف.. أفندية بطعم العمال.. ولواءات برائحة الفلاحين..
◄◄ أقرب طريق لقلب الناخب معدته وأحياناً جيبه.. والفسفورى للزينة.. والجمل والهلال للوطنى.. والطعون لسيد قراره


فى كل انتخابات، تبدأ المعركة الانتخابية بالدعايات والمسيرات، حتى موعد التصويت، والأحد الماضى جرت العملية الانتخابية كالعادة، بين الحزب الوطنى وآخرين من المعارضة والإخوان، والمستقلين. الحزب الوطنى يصر على تحصيل الأغلبية، والباقى للمعارضة والمستقلين. انتخابات هذا العام كانت واضحة، لاصوت يعلو على صوت الأغلبية.

ومثل كل انتخابات هناك مصطلحات وأسماء وأدوات فرضت نفسها على السيرك الانتخابى، بدءا من الدعايات التى رفعها المرشحون وصولا إلى قلوب وعقول ناخبين، أغلبهم لا يهتم أو يشعر بالملل من تكرار وعود يعرف أنها بلا قيمة.

عرفت الانتخابات البرلمانية «ابن الدايرة»، والقصد الدائرة الانتخابية، لكن المصريين حرفوه إلى «ابن الدايرة» كناية على سوء السلوك، مثل «خير من يمثلكم» وهى كلمات تعنى لدى الناخبين شتيمة أكثر منها مدحا. وبعض المرشحين ممن هم تحت مستوى الشبهات يرفعون شعارات ضد الفساد الأمر الذى يجعل بعض الناخبين يعلنون أنهم مع الفساد ما دام الفاسدون ضده. عرفنا فى الانتخابات المولوتوف، والبلطجة، والحبر الفسفورى، والسنجة، والمسيرات، والتربيطات، وترشح وزراء، وهتيفة، وهذا هو دليل الناخب الذكى إلى انتخابات نزيهة خالية من التلاعب.

رشاوى.. الطريق لصوت الناخب معدته
الرشوة هى مبلغ أو خدمة يقدمها شخص لموظف حتى يحصل على مصلحة لاحق له فيها، والرشوة الانتخابية، تختلف فى أنها وعد أو طعام أو مال يقدمه المرشح للناخب حتى يحصل على صوته، الذى لاحق له فيه. والرشاوى الانتخابية تختلف من مرشح وطنى إلى مرشح مستقل، ومن الثرى إلى العادى، الأغنياء يقدمون الرشوة مباشرة إلى معدة الناخب. مرشحون كثيرون ذبحوا عجولا وخرفانا وأقاموا الولائم للناخبين، عشرات الآلاف من العجول أريقت دماؤها فى الدوائر، بالنسبة للحكومة فإنها تقدم نوعا خاصا من الرشاوى مثل الوعود والدعايات والإنجازات، فلا مانع من مشروع صرف معطل تعلن الحكومة استكماله استجابة لمطالبة المرشح الوطنى ابن الدايرة، أو استكمال سور مدرسة.
والمرشحون يعملون بالمثل «إن كان لك عند الناخب حاجة قل له يا مواطن». وانتشرت ظاهرة شراء الأصوات كجزء من الرشاوى الانتخابية، ويتراوح سعر الصوت بين 100 جنيه و600 جنيه، وقد ساهم بعض المرشحين من رجال الأعمال وأصحاب الثروات الغامضة فى رفع أسعار الأصوات ضمن بورصة كبيرة تتجاوز بورصة الدواجن.

مرشحون وزراء.. العين عليها حارس
يشعر الناخبون هذا العام أن الحكومة كلها رشحت نفسها، فقد قرر 7 وزراء خوض الانتخابات، هم يوسف بطرس غالى وزير المالية، والدكتور على المصيلحى وزير التضامن، والدكتور سيد مشعل وزير الإنتاج الحربى والدكتور نصر الدين علام وزير الرى، وسامح فهمى وزير البترول، والدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون البرلمانية، واللواء عبدالسلام المحجوب وزير التنمية المحلية. وبالرغم من الجدل حول مدى قانونية ترشح الوزير، وهو سلطة تنفيذية للسلطة التشريعية، فقد خاض الوزراء الانتخابات تحت شعارات الحزب الوطنى، وبالطبع اندفعت وراءهم الحكومة والحزب باعتبار أن نجاحهم مسألة حياة أو موت.،ولايهم أى تداخل بين التنفيذى والتشريعى.

غرامة انتخابية نظرية
بالرغم من تهديدات سابقة وحالية بتغريم كل من يمتنع عن الذهاب للإدلاء بصوته فى الانتخابات، فقد استمرت نسبة التصويت حول الـ20% أو أقل، ولم يلتفت أحد إلى الغرامة ولم يبد أنه يخاف منها، وفى كل مرة تهدد الحكومة بتطبيق الغرامة ولاتنفذها، ويعتبر المواطنون أن عدم الذهاب إلى الانتخابات حق قانونى ودستورى.

معركة الجمل والهلال
تغيرت الدنيا وتغير العالم، ظهرت دول واندثرت إمبراطوريات، قامت حروب وسقطت أنظمة.. وبقى الجمل والهلال شاهدين على النظام الانتخابى فى مصر، ويحرص الحزب الوطنى على الاحتفاظ لنفسه برمز الجمل للعمال والفلاحين والهلال للفئات، ومهما حاول المعارضون أو غيرهم الاستيقاظ مبكرا لاقتناص الجمل والهلال فإنهم يفشلون، ويبقى الرمزان شاهدين على أن شيئا لا يتغير، وأصبح الجمل والهلال رمزين مثل حكايات كليلة ودمنة.
وقبل فتح الباب للترشيح، يحصل الحزب الوطنى على رمزى الجمل والهلال، مع أن القانون يحدد منح الرموز بعد فتح باب الترشيح، لكن الحزب حجز الرمزين لنفسه، بصرف النظر عن القانون والدستور، وليس مهما الأحكام القضائية التى ألغت حق الحزب الحاكم فى الاحتفاظ بالجمل والهلال.

شعارات شعارات بلا انتخابات
يمكن القول إن انتخابات 2010 هى انتخابات الشعارات، فقد أعلن الحزب الوطنى أنه يخوض الانتخابات تحت شعار «علشان تطمن على مستقبل أولادك»، بينما رفع الإخوان شعارهم الأثير «الإسلام هو الحل»، فقال الحزب الوطنى إن الإخوان يرفعون شعارا دينيا، وإن القانون يمنعه، فعادت الجماعة لتصر على الشعار، ويصر الوطنى على إعلان برنامج ملىء بالوعود، والإصرار على إزالة كل المشكلات المستمرة من سنوات، فالحزب الذى أعلن أنه ينهى البطالة منذ خمس سنوات عاد ليعلن نفس الأمر ضمن برنامج ملىء بالتعهدات والوعود، وأعلن 7 تعهدات و75 التزاماً ترفع مستوى المواطن وتخفض التضخم وتزيد السعادة وتقلل الكوليسترول، ولا نستبعد أن يساعد البرنامج فى إزالة الحصوة والقولون.
برنامج الحزب لاعلاقة له بمرشحيه الذين يخوضون حسب نظام شراء الأصوات وبيع الشركات وقوة العائلات.

البلطجة الممارسة السياسية العلنية
«البلطجى»: مصطلح دخل إلى الواقع المصرى على استحياء، وكان يطلق على بنى آدمين طوال عراض، واتخذ الاسم من أن البلطجى يستخدم البلطة فى معاركه لكن مع تطور أسلحة البلطجة وظهور السنجة وقبلها مطواة قرن أو أنابيب البوتاجاز استخدمها البلطجية لإرهاب خصومهم أو الاعتداء عليهم. البلطجية لا يخافون القانون ولا الدستور ولا يعرفون عنها شيئا. قبل سنوات طويلة عرفت مصر محترفى الانتخابات أو الهتيفة الذين يسيرون مع المرشح وينظمون الدعاية والمؤتمرات الانتخابية، وهناك الخطاطون وعمال الفراشة واللافتات، ومع الوقت تضاعفت أعداد محترفى الانتخابات، وشهدت السنوات الأخيرة اتساع دائرة العنف والبلطجة، وانضم «المسجلون خطر» إلى مسيرات الانتخابات، وأصبحوا أعضاء فاعلين فى العملية الانتخابية، وكلما كان المرشح قادرا على حشد البلطجية، كان قادرا على الفوز لأن دور البلطجية يوم الانتخابات يتطور إلى الضرب والإرهاب والرعب خارج اللجان وداخلها، لتصبح البلطجة عنونا انتخابيا وديمقراطيا كبيرا.

مولوتوف.. الدعم الانتخابى
«المولوتوف» زجاجة بداخلها سائل قابل للاشتعال، غالبا ما يكون البنزين، وتوضع بها مادة تساعد على إمساك السائل المشتعل بالهدف المراد حرقه مثل السكر وزيت المحركات، ويوضع شريط قماشى مبلل فى عنق الزجاجة، ويتم إشعال الشريط ورميه مباشرة، فتسقط الزجاجة على الهدف وتتكسر، فتشتعل المادة الحارقة الممسكة بالشريط، و«المولوتوف» منسوبة إلى «فاياشسلاف مولوتوف»، وهى من الأسلحة التى تصنع منزلياً وتستخدم فى أعمال الشغب والتخريب، لكنها تحولت إلى إحدى أدوات العملية الانتخابية فى مصر منذ انضمام البلطجية إلى الممارسة العامة للتصويت والتحكم فى الأصوات، ويستخدمها البلطجية لإرهاب المنافسين، أو تدمير المؤتمرات الانتخابية، لأنها تحرق وتجرح وتدمر دون إمكانية متابعتها جنائيا، وشهدت انتخابات 2010 ظهور المولوتوف فى بعض مؤتمرات ومسيرات مرشحى الحزب الوطنى ومنافسيهم فى الوجه القبلى والبحرى، ليدخل مولوتوف التاريخ، وتدخل البلطجة العملية الانتخابية.

الشومة والسنجة سلاح المرشح الذكى
الشومة تُعرف فى الصعيد وبعض قرى ومدن الوجه البحرى، لكنها تنضم للعملية الانتخابية لتمثل نوعا من أسلحة الردع بجانب السلاح الأبيض، وقد عرفت مصر السنجة منذ الثمانينيات لكنها تطورت لتصبح السلاح البلطجى الأول فى المناطق الشعبية والعشوائية، وتصنع على هيئة سيف من «سوستة» سيارة، ويتم تصنيعها لدى الحدادين، وتختلف فى الشكل والحجم والكفاءة القتالية، وهى أداة للبلطجة والردع والترويع والإرهاب، وقد انضمت السنجة إلى أسلحة الانتخابات منذ حوالى عشر سنوات، وبينما العالم يسعى للتصويت الإلكترونى، توصل الحزب الوطنى وبعض المستقلين لاستخدام البلطجية، وبعض العاطلين المسلحين بالشوم والسنج والمطاوى، لخوض المنافسات الدعائية، وأيضا للاستعراض «السنجوى» أمام اللجان لإرهاب من يحاول التزوير ضد المرشح، بالاضافة إلى الردح، واستخدام النساء، أو استخدام الشطة وتقطيع الملابس، وتحرير محاضر ضد مؤيدى المنافسين.

أفندية بطعم العمال ولواءات برائحة الفلاحين
عندما تم إقرار نسبة الخمسين فى المائة عمالا وفلاحين فى مجلس الشعب كان الهدف هو حماية الفئات الضعيفة، وإيجاد ممثلين لها، لكن الأمر تحول إلى لعبة، وقفز الأفندية والوزراء على نسبة الخمسين فى المائة عمالا وفلاحين فى البرلمان، وشهدت عملية الترشيح مرشحين من كبار الموظفين والصحفيين والوزراء أحيانا يخوضون الانتخابات على أنهم عمال، لكن الأمر الجديد هو خوض لواءات سابقين وضباط وموظفين كبار للانتخابات بمسمى فلاح، وبالرغم من أحكام الإدارية العليا وانتهى الأمر إلى أن يحتل مقاعد العمال والفلاحين أفندية ومهندسون وأخيرا رجال أعمال ولواءات، وأصحاب مصانع وأغنياء، وتم حرمان أصحاب الحق من حقهم، ورأينا لواءات برائحة الفلاحين وباشوات بطعم العمال.

تسويد وتقفيل
الطبيعى أن تجرى الانتخابات بشكل طبيعى، يذهب الناخب إلى اللجنة ويدلى بصوته وينصرف، ويتم فرز الأصوات لكن العملية الانتخابية فى مصر تشهد منذ عقود عملية تسويد البطاقات، أى التصويت نيابة عن بعض الناخبين أو نيابة عن أموات يبقى صوتهم فى الدنيا شاهدا على إمكانية إحياء الموتى. الانتخابات الأخيرة شهدت أخطاء فى الكشوف الانتخابية، وتسويد البطاقات الانتخابية، ومنع المندوبين والمراقبين من القيام بأعمالهم، كل هذا ضمن ما يسمى بالانتخابات سابقة التجهيز، والتى تتم بشكل آلى وذاتى ودون الحاجة لأصوات الناخبين.

جابوا الفسفورى يا مرشح لكن تصويته معايا
الحبر الفسفورى البنفسجى استخدم لأول مرة فى مصر فى انتخابات الرئاسة عام 2005، والهدف منه علامة فى اليد لمنع تكرار التصويت أى أنه لمنع التلاعب، ومع الحبر الفسفورى تأتى الصناديق الزجاجية الشفافة التى يعنى استخدامها ضمان خلوها من البطاقات سابقة التصويت. وبالرغم من الحبر الفسفورى والصناديق الزجاجية فإن مرشحين مختلفين قالوا إنه تم تسويد البطاقات والتصويت نيابة عن الموتى أو حتى عن الأحياء ممن لم يذهبوا، بما يعنى أن الفسفورى لايمنع التلاعب، والزجاجى لايحجب التزييف.

التربيطات تبيح المحظورات
التربيطات الانتخابية تجرى فى السر بين مرشحين فئات وآخرين عمال، يمكن لمرشح الحزب الحاكم بحثا عن الأصوات أن يعقد صفقات سرية مع منافس زميله العمال المعارض أو المستقل، ونفس الأمر والتربيطات لاعلاقة لها بالبرامج أو المبادىء، وتتم فى جلسات سرية يقرأ فيها بعض المرشحين الفاتحة تأكيدا للاتفاق، ولا يجدون غضاضة من استخدام القرآن فى اتفاقات غير مشروعة.

المقاهى مؤتمرات انتخابية لتجارة الولاء
تعتبر المقاهى فى القاهرة والأقاليم مكانا لاجتماع فئات متنوعة من الناخبين المحتملين، وغالبا يحرص المرشحون على المرور بالمقاهى وإلقاء الخطب أو السلام على الناخبين وتقبيلهم على طريقة جميل راتب فى «طيور الظلام»، وعلى المقاهى تعقد الصفقات و«تُرش» المشروبات، ويجلس محترفو الانتخابات فى انتظار مرور مرشح يقدمون له أنفسهم وولاءهم، وما إن يختفى ليظهر منافسه، يسارع المحترفون لتقديم ولاء آخر وقراءة فاتحة أخرى، موسم انتخابات، الكل لايقول الحقيقة، والفشر للركب، والشاطر من يكسب من الجلوس على القهوة.

الطعون الانتخابية فى انتظار سيد قراره
منذ بدء إعلان التقديم للانتخابات تبدأ الطعون الانتخابية التى يقدمها محامو المرشحين طعنا فى منافسيهم فى الصفات، أو بسبب منع مرشح من الترشيح، فيطعن طالبا وقف الانتخابات، وقد تلقت محاكم القضاء الإدارى آلاف الطعون، وأصدرت أحكامها فى حوال 600 دعوى بين الوقف أو تغيير الصفة الحكومة، تنفذ أحيانا واللجنة العليا تعلن التنفيذ، لكن اللجوء إلى الاستشكالات يعطل الطعون ويدخلها فى دائرة مفرغة فإذا انعقد مجلس الشعب يشهر فى وجه الجميع مبدأ سيد قراره، ويحصل المضارون على تعويضات من خزانة الدولة، وقد صدرت أحكام بوقف الانتخابات فى الإسكندرية ومحافظات الصعيد، ويستمر المحامون فى الطعون وتستمر المسيرة ويبقى البرلمان سيد قراره.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة