أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم تقريراً بعنوان "العلاج على نفقة الدولة.. نشأته وما آل إليه"، يتناول نشأة نظام العلاج على نفقة الدولة وتطوره كأحد صور الرعاية الصحية التى تقدمها الدولة، وفقا لالتزاماتها بكفالة حقوق المواطن فى التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة.
وكشفت المبادرة فى تقريرها عن استحواذ بعض النواب على معظم قرارات العلاج على نفقة الدولة، مؤكدة عدم وجود أساس قانونى يمنحهم هذا الحق، وأن ما يحدث هو منح أعضاء مجلس الشعب قرارات العلاج على نفقة الدولة لمواطنى دوائرهم الانتخابية ممن يحتاجون هذه الخدمة، تيسيرًا عليهم.
وأكد التقرير أن نواب المجلس أساءوا استخدام قرارات العلاج على نفقة الدولة، بما يؤكد وجود تلاعب تم باشتراك عدد من مسئولى وزارة الصحة فيه، وهو ما يعد إساءة استخدام وإهدار للمال العام، منتقداً استخرج كثير من قرارات العلاج على نفقة الدولة لغير مستحقيها قانونًا ولإجراء جراحات تجميلية لأقاربهم وذويهم فحرموا بذلك كثيرًا من المواطنين المرضى أصحاب الحق الأصيل فى العلاج على نفقة الدولة.
وأوضح التقرير أن الفترة الأخيرة أظهرت تقارير الجهات الرقابية حصول العديد من الشخصيات البارزة على قرارات علاج على نفقة الدولة، رغم أنها ميسورة مادياً، أو تتمتع بمظلة تأمينية، مطالباً بضرورة التفرقة بين الشخصيات التى أدت خدمات جليلة للوطن، وتستحق فعليّا العلاج على نفقة الدولة، نظرًا لعدم قدرتها ماليّا، أو عدم تمتعها بمظلة تأمينية، وبين غيرها من الشخصيات البارزة التى ربما لا تكون بحاجة إلى العلاج على نفقة الدولة، سواء لتمتعها بتأمين صحى أو علاجى، أو لقدرتها المالية على الإنفاق الذاتى على العلاج.
وأكد التقرير أن الواقع العملى لرحلة حصول المواطن على قرار علاجه على نفقة الدولة عكس حالة من التخبط، إذ إن المئات من المرضى القادمين من محافظات مصر المختلفة يتزاحمون على أبواب الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة بالقاهرة، منتقدا عدم إنشاء الدولة فروعاً للمجالس الطبية المتخصصة بكافة محافظات الجمهورية بما يتماشى مع حاجة المريض السريعة والملحة إلى العلاج.
وبحسب التقرير، فإن القانون أعطى لرئيس الوزراء، د.أحمد نظيف، حق استصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، وتفويض آخرين للقيام بذلك نيابة عنه، لافتا إلى انفراد د.نظيف بإصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة للشخصيات التى شغلت مناصب عامة قيادية، أو أدت خدمات جليلة للوطن، وفوّض وزير الصحة فيما عدا ذلك.
وأشار التقرير إلى أن حصول الشخصيات العامة على قرارات العلاج على نفقة الدولة حملها مبالغ طائلة، لأن قرارات علاجهم لا يتم فيها الالتزام بالمعدل المالى الذى ينفق على أى مواطن عادى صدر له قرار علاج على نفقة الدولة، مطالباً بحرمان الشخصيات العامة من العلاج على نفقة الدولة، وأن يتم منح المئات من الفقراء حقهم الأصيل فى العلاج الذى يمنحهم إياه القانون.
وانتقد التقرير تدنى المخصصات المالية الموجهة للرعاية الصحية فى الموازنة العامة، حيث إنها أقل من 5% من إجمالى المصروفات العامة للدولة، معتبرا أن هذا القدر الضئيل لا يتناسب مع حجم التحديات التى تواجه القطاع الصحى فى مصر، ولا تفى بكفالة حق المواطنين فى الصحة، وطبقًا لما أعلنته الحكومة بشأن موازنة العام المالى الحالى 2009 - 2010، فإن مخصصات الصحة تصل إلى حوالى 15 مليار جنيه، أى بنسبة 4.7% من إجمالى المصروفات، وهى نفس النسبة التى تم تخصيصها للصحة فى موازنة عام 2005 - 2006 ( 9.7 مليار جنيه بما يعادل 4.7% من مصروفات موازنة ذلك العام).
كما انتقد التقرير امتناع المستشفيات الجامعية التابعة لوزارة التعليم العالى عن تقديم الخدمات العلاجية للمرضى الحاصلين على قرارات العلاج على نفقة الدولة، بسبب عدم سداد وزارة الصحة ما عليها من مديونيات لهذه المستشفيات التى تتبع وزارة مصرية أخرى، هى وزارة التعليم العالى، مؤكداً أن المرضى من الفقراء هم الضحية.
وكشف التقرير أن نظام "العلاج على نفقة الدولة" بلغت ديونه قرابة مليارى جنيه مصرى، وعجزت وزارة المالية عن تسديدها لعدم توقعها المستقبلى، بحجة أنها لم تضع له نصيباً من ميزانية وزارة الصحة المالية من الموازنة العامة، بما يعكس عدم الكفاءة فى تخصيص موارد الدولة، والفشل فى استخدامها بعدالة تعكس نموذجًا دالاّ على سوء إدارة نظام العلاج على نفقة الدولة، وكذلك سوء استخدامه السياسى، دون مراعاة لطبيعته الانتقالية المرحلية.
تقرير حقوقى: المرضى الفقراء ضحية ضعف ميزانية "الصحة"
الأحد، 19 ديسمبر 2010 04:51 م
كثير من المرضى الفقراء لا يحصلون على حقهم فى العلاج - صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة