قبل أقل من ثلاثة أسابيع على استفتاء حق الجنوب فى تقرير مصيره المحدد له التاسع من يناير المقبل والذى تشير كافة التوقعات إلى أن نتيجته ستكون فى صالح انفصال الجنوب عن السودان، ألقى الرئيس السودانى عمر البشير بورقته الأخيرة لمحاولة جذب الجنوبيين للوحدة، بعد إعلان استعداده للتخلى عن حصة شمال السودان فى نفط الجنوب إذا صوت الجنوبيون لصالح الوحدة، وهو ما رحبت به الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة فى جنوب السودان، لكنها اعتبرت هذا العرض "متأخراً"، ودعت البشير إلى اتخاذ موقف مماثل لحل قضية أبيى.
عرض البشير الأخير يراه البعض متأخرا، فى حين أكد الدكتور وليد السيد مدير مكتب حزب المؤتمر الوطنى السودانى بالقاهرة أنه يأتى فى إطار إيمان الخرطوم بأن المواطن الجنوبى يتعرض لضغط كبير جدا من جانب القيادات الجنوبية لدفعه للانفصال، مشيرا إلى أن خطوة البشير فى التنازل عن النفط هى رد على اتهامات الحركة الشعبية بأن هدف المؤتمر الوطنى من الوحدة هو بترول الجنوب، فهذه الخطوة لنقول إن غايتنا هى الوحدة فى مضمونها وليس لغايه النفط.
وقال السيد: "إن المؤتمر الوطنى قاد ملحمة البترول لوحده وقدمها لشعب السودان، ونحن كل همنا من الوحدة هو الحفاظ على السودان شعبا وبلدا موحدا، ليكون قوى ضد أى اعتداء، وهذه الخطوة لنؤكد للعالم كله أننا مصرون على الوحدة، لكن الحركة الشعبية مصرة على أن الوحدة لها هدف آخر وعندنا غايات كبيرة وراءها وهذا غير صحيح".
وعلى الجانب الآخر قال نصر الدين موسى قشيب رئيس مكتب الحركة الشعبية لتحرير السودان بالقاهرة إن خطوة البشير جاءت متأخره جدا، قائلا "ليس التنازل عن البترول فقط هو الذى سيحقق الوحدة، لأنه توجد مطالب أخرى أساسية للحركة الشعبية تريدها"، مؤكدا أن هذه الخطوة كانت من المفروض أن يتم عرضها قبل عملية تسجيل الجنوبيين وتقديم كثير من التنازلات قبل الاستفتاء لتكون خطوة جاذبة للجنوبيين ولكن الآن ليس لها أى أهمية.
وأشار قشيب إلى أن إعلان التخلى عن نفط الجنوب فى هذا التوقيت معناه ترهيبى، لأن المتبقى على الاستفتاء حوالى عشرين يوما، وكل الجنوبيون متجهين لخطوة الانفصال.
من جهته، قال هانى رسلان مدير وحدة السودان بمركز الدارسات السياسية بالأهرام، إن هذه الخطوة جاءت متأخرة لأن الجنوبيين عقدوا النية والعزم على الانفصال، وحتى لو ترك لهم كل البترول، لأن الجنوبيين قطعوا شوطا كبيرا فى هياكل الدوله الجديده، وفى خطوة الانفصال، مشيرا إلى أن توجه الجنوبيين نحو الانفصال هو توجه عاطفى وليس سياسى، لإحساسهم أنهم مواطنين من الدرجه الثانيه، وهم لا يعرفون مصالحهم ولا يعرفون أن فى الانفصال خطورة كبيرة عليهم، لأن الانفصال يحمل أجندات وتدخلات خارجية كثيرة.
وأكد رسلان على أن الحركة الشعبية تلقت مساعدات هائلة من إسرائيل والإدارة الأمريكية نفسها، وهم غير قادرين على الرجوع عن الانفصال واختيار الوحدة لهذه الأسباب.
من جهته، قالت الدكتورة أمانى الطويل، خبيرة الشئون، إن البشير عرض صفقة النفط على جنوب السودان بعد أن أدرك المخاطر السودانية المحتمل وقوعها بعد انفصال الجنوب عن الشمال، فمن وجهة نظرى أدرك البشير ثلاثة احتمالات يمكن حدوثها وهى احتمال أن يكون هناك قاعدة غربية إسرائيلية فى الجنوب بعد انفصاله، تعمل على تدمير الشمال والاستحواذ عليه، أو أن الانفصال سيخلق مشكلات متعلقة بالصراع على الموارد الطبيعية للسودان، وأهمها المياه والنفط، وبذلك ستكون هناك حرب على هذه الموارد، فضلا عن أنه عند انفصال الجنوب عن الشمال، ربما يسعى غرب السودان إلى الاستقلال عن الشرطة المركزية ويستقل بذاته، مما يهدد أمن السودان بأكملها فيما بعد.
وأكدت أمانى الطويل، أن تلك الاحتمالات جعلت البشير يدرك أخطاءه وخطورة انفصال السودان التى ستؤثر خاصة على مصالحه الشخصية، وعلى السودان فى مجمل قرارته، لذلك تقدم بهذا العرض لجنوب السودان لضمان الوحدة.
بعد عرضه التخلى عن حصة الشمال فى نفط الجنوب درءاً للانفصال..
خبراء: البشير تأخر فى جذب جنوب السودان للوحدة
السبت، 18 ديسمبر 2010 06:20 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة