د. خميس الهلباوى

المستقبل فى ظل الحاضر السياسى لمصر

السبت، 18 ديسمبر 2010 08:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا نتجاهل الماضى والحاضر ونحن نتحدث عن المستقبل، يخدع نفسه من ينجم ويقرأ الكف والفنجان ليعرف مستقبل مصر السياسى، إن التنبؤ السياسى يعتمد على دراسة حقيقة تجارب الماضي، والحاضر، والتنبؤ بطموحات الشعب فى المستقبل، التى يجب أن يعبر عنها صناع أو صانع القرار فى الدولة المعينة، بشرط أن يكون لديه الرؤيا الثاقبة المعبرة عن طموحات الشعب الذى يمثله.

قراءة الماضى والحاضر تقول أن الصراع فى منطقة الشرق الأوسط مازال محتدما بالرغم من اتفاقيات السلام الموقعة، ومازالت حدود مصر الشرقية مهددة، وهذا هو سبب منطق تنازل الشعب عن حقوقه منذ عهد جمال عبد الناصر وهذا قد يكون أحد المحركات الأساسية لقرارات القيادة السياسية، للحفاظ على الأمن القومى وتلك القيادة ترى أن كشف الحقائق قد يؤثر بالسلب على موقف مصر من قضية الشرق الأوسط، ولكن هذا يتطلب وضوحا مطلوبا وصراحة بين الشعب والقيادة السياسية لإعداده لفهم الموقف، ولكن غموض الموقف السياسى يعطى الفرصة للتخمينات السياسية والصحفية الخاطئة، وبالتالى يدفع الكثير من قوى الشعب لانعدام الثقة فى صناع القرار.

فقد كان للشعب المصرى قبل الثورة أحزاباً سياسية يثق بها الشعب وثوقه بزعمائها مثل حزب الوفد الذى كان الشعب المصرى يثق فيه ثقته فى زعمائه من الزعيم أحمد عرابى إلى مصطفى كامل إلى سعد زغلول، وكانت مصر ترزح تحت وطأة الاستعمار العسكرى الإنجليزى واستطاعت كاريزمية هؤلاء الزعماء القراءة والتعبير عن الرؤيا الوطنية للشعب المصري، فكان هؤلاء الزعماء بمثابة الرايات والرموز التى يرفعها الشعب، لتحقيق رؤاه الإستراتيجية لتحرير الأرض ورفع الظلم عن الشعب.

وكانت أهم نقط التلاقى بين الزعماء والشعب، الشفافية والمصداقية والالتزام الوطني، بين الشعب وقادته السياسيين بدون وسيط، وكان الحزب الذى يمثله هؤلاء القادة هو حزب الوفد المصرى "مع الفارق بين حزب الوفد القديم، وصراعات حزب الوفد الجديد"، فكانت لغة الحوار مفهومة وواضحة بين الزعماء الوطنيين وبين فئات الشعب المختلفة، فكان ذلك العصر بحق عصرا ديمقراطيا ذهبيا، برغم وجود الاستعمار البريطانى حيث كان نظام الحكم يقوم على المؤسسات الدستورية وفقا لدستور 1923، ثم حدث ماحدث وقامت ثورة 23 يوليو سنة 1952 وكان من أهم سمات تلك الثورة ومن مهارة وكاريزمية الرئيس جمال عبد الناصر صفة المكاشفة على الهواء والاتصال بفئات الشعب وقوى الشعب العاملة وكانت (الشفافية) والحوار المباشر المعبر عن طموحات الشعب وآماله وأحلامه من أهم صفات تلك الفترة، فتفاعل الشعب بكل فئاته مع الزعيم، وكان الطريق واضحاً حيث كانت هناك خططا اقتصادية خمسيه طموحة تعرض على الشعب قبل تنفيذها وكنا نرى تنفيذها رؤيا العين.

وكان الاتجاه الشعبى كله يتجه إلى هدف واحد أو أهداف واحدة بين القيادة العليا والقاعدة العريضة من الشعب، وكان الزعيم يحمل الراية فى مقدمة الصفوف، "وبصرف النظر عن التجاوزات وما لذلك النظام وما عليه " فهذا نتركه لحكم التاريخ"، فإن الاتصال المباشر والتفاعل بين الزعيم والشعب كان عبر أجهزة الإعلام أو مباشرة أو متابعته الشخصية لمصالح شعبه وإحساس الشعب، بذلك ترسخت وقويت ثقة الشعب فى زعيمه وفى المستقبل الذى يرضى عنه الشعب.

فماذا يحدث الآن؟، أُنشئ الحزب الوطنى الديمقراطى بمعرفة الرئيس محمد أنور السادات ولأول مرة يكون رئيس الدولة المصرية هو رئيس الحزب الحاكم!! مما أدى إلى تعرض الحزب الوطنى لبعض الانتهازيين متسلقى السلطة والمغامرين من محترفى السياسة حتى ولو كانوا لا يقتنعون بمبادئ الحزب.

وترتب على ذلك تشوهات وفساد وإفساد فى تصرفات بعض أعضاء الحزب ممن لا يهمهم سوى مصالحهم الشخصية، وحدث ما حدث من استغلال مراكزهم السياسية فى الاستيلاء على أموال البنوك، وارتكاب أنواع أخرى من الفساد مثل الاستيلاء على أراضى الدولة بقروش قليلة مما دفع البعض للابتعاد عن الحزب "وقد ابتعدت أنا عن الحزب بعد أن أسست أمانة الحزب الوطنى بالعاشر من رمضان". وقد أعلن الحزب الوطنى أنه تمت تنقية كشوف مرشحى الحزب ممن لا تنطبق عليهم الصفات المطلوبة لعضوية البرلمان باسم الحزب، ونأمل أن تكون خطوة مفيدة فى الفترة المقبلة؟!!

وأعلن قبل موعد الانتخابات عن بعض أهداف الحزب الإجمالية التى يرغب فى تحقيقها على لسان بعض وزراء الحزب الوطنى ولم يتعهد بها الرئيس شخصياً ولكن أعلن عنها بعض الوزراء عن الحزب، فما هو مدى التزام الحزب بتحقيق تلك الأهداف، لاسيما أنه لم يعلن عن كيفية تنفيذ تلك الأهداف ولا مواعيد تنفيذها، فكيف سينفذ الحزب أهدافا، من تصميمه بدون أى علاقات شخصية بين الشعب ورئيس الحزب؟، اللهم مجرد كلام مرسل من بعض الوزراء الذين لا يدينون بأى التزام حزبى أمام الشعب اللهم سلطة الرئيس فى تعيينهم وفصلهم، ولا نعلم هل سنجدهم فى وزاراتهم يوم الحساب أم نجد غيرهم.
• دكتوراه فى إدارة الأعمال ورجل أعمال.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة