"ن والقلم وما يسطرون..." من أول وهلة تسمع أو تقرأ هذه الآية تعلم مدى خطورة الكلمة المكتوبة، لذا أقسم الله "سبحانه وتعالى" بالقلم فهو سلاح ذو حدين، إما إن يكتب فيسمو بالإنسان إلى أعلى درجات الرقى والصدق والتحضر وينشر المحبة ويقرب الأمم والشعوب ويعلى كلمة الحق ويجهض الباطل ويبرز الجمال بكل صوره ومعانيه وينصف المظلوم، وإما أن يكون وبالاً على الناس يستخف بعقولهم ويسفه أحلامهم ويحبط آمالهم ويقطع أوصال مجتمعهم بنشر كلمات الشك والظن والتحريض على الكراهية فيكون سبباً فى تحجر العقول قبل القلوب، فيوقد فى النفوس نار الفتنة ويستعر البغض ويسقط المجتمع فى هوة العنف، وتكون بداية النهاية لكل مجتمع مترابط، فتتقطع أوصاله وتتفكك وينهار المجتمع.
فالكلمة نور ونار ولقد انغمست بعض الأقلام الصحفية فى حبر مسموم طالت كلماته رموزا يجلها ويقدرها مجتمعنا لمكانتها الدينية والسياسية، فأحدثت جرحاً وألماً طال عدداً كبيراً من المجتمع، وأثار ردود فعل غاضبة وأشعل فتيل نار وسط بارود ونشر بكلماته سموما انتشرت فى جسد المجتمع تعرض أمنه وسلامته للخطر وتزكى نار الفرقة والتمزق وتعرض ما يفعله عقلاء هذه الأمة من محاولات لوأد الفتنة والحفاظ على سلامة المجتمع من التمزق والتشرذم ونبذ ثقافة الحقد والكراهية والعنف لأن تذهب أدراج الرياح، إن مجتمعنا المصرى له طبيعة دينية وثقافية واجتماعية، خاصة يجب أن يتعامل معها كل صاحب قلم بحذر شديد ويزن كلماته بموازين الحكمة ويخطها على سطور البصيرة حتى يستقبلها القارئ برداً وسلاماً وتكون نوراً يهدى إلى طريق الرخاء والتقدم لهذا المجتمع لا نارا تأكل أحلامه وتدمر آماله وتقطع أوصاله وتعيق تقدمه.
إن مصر نسيج واحد مسلمون ومسيحيون قدرهم واحد وأرضهم واحدة وشريانهم الذى يرويهم واحد عاشوا مئات السنين مترابطين يجمعهم حبهم لوطنهم وإخلاص كل منهم لدينه وارتباطا بأرضه وتمسكا بثقافته، وعليهم جميعا أن يتحصنوا ضد تلك الأقلام المسمومة سواء من الداخل أو الخارج، وعليهم أن يضعوا نصب أعينهم مصلحة وطنهم فهى ضمان لهم فى أن يعيدوا لوطنهم حضارته التى كانت كلماتها الأولى نورا للبشرية كلها وأقلامها تفيض علما وأدبا علم العالم، ومازالت تشهد آثارها لأجدادنا بالوحدة والقوة ولن نصل إلى تلك الحضارة إلا فى نسيج يحترم فيه كل منا الآخر ويقدر رموزه الدينية، بلا تطاول أو تجاوز أو طعن فى تلك الرموز، وأن يضمن الجميع نبذ تلك الأقلام المسمومة حتى لا تنال من وحدة الوطن وتضامنه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة