◄◄ أصحاب المراكز استغلوا الجامعات لإيهام الطلاب بالحصول على شهادات معتمدة بالمخالفة للقانون
إذا أردت أن تعمل فى مجال البترول، وتحتاج إلى شهادة عليها ختم النسر، فما عليك إلا أن تذهب إلى عشرات المراكز التعليمية والتدريبية «بعضها مرخص من وزارة التربية والتعليم وبعضها غير مرخص»، لتحصل على شهادة فنى تكنولوجيا بترول من كلية العلوم جامعة الإسكندرية، ولكن بعد حصولك على الشهادة ودفع المقابل المادى الذى يبلغ نحو 4 آلاف جنيه لمدة عامين، ستجد أنك وقعت ضحية لعملية تحايل وأن هذه الشهادة وهمية غير معتمدة، تمنحها بعض هذه المراكز التى تنتحل صفة «معهد» لإيهام الطلاب بالحصول على شهادة جامعية معتمدة مخالفة للقوانين واللوائح.
وهذه الواقعة التى تكشف تفاصيلها «اليوم السابع» لا تستفيد منها كلية العلوم بجامعة الإسكندرية إلا بمبلغ زهيد يبلغ نحو 10 آلاف جنيه، فى السنة الدراسية لكل مركز تعاقدت معه الجامعة فى الوقت الذى يحصل فيه المركز على 200 ألف جنيه استجابة لمطالبات وإلحاح «التعليم العالى» الدائم على الكليات بضرورة تنمية مواردها الذاتية، ولكن هذه الكارثة ستتسبب فى تخريج شباب حاصلين على شهادات غير مؤهلة لسوق العمل فى مجال حيوى مثل مجال البترول، ستعود أضراره على المدى البعيد على مستقبل «صناعة البترول فى مصر»، إذا لم يتم إيقاف البرنامج الذى تتخرج دفعة جديدة منه فى يونيو المقبل.
وينص التعاقد الذى حصلت «اليوم السابع» على نسخة منه بين كلية العلوم جامعة
الإسكندرية والمراكز، على إشراف «وحدة الحاسب الآلى» العلمى والفنى على البرنامج التدريبى العلمى التخصصى فى مجال علوم تكنولوجيا البترول، رغم أن الوحدة غير متخصصة نهائيا فى «علوم البترول»، وإن أشار التعاقد إلى أنه سيتم التعاون مع خبراء فى قسم جيولوجيا البترول، على أن يتم منح الطلاب الذين يدرسون لمدة عامين بمقر المركز شهادة «فنى بترول» معتمدة من الجامعة.
وتم توقيع التعاقد بين الجامعة والمركز أول مايو 2009، وتتخرج الدفعة الأولى فيه خلال أشهر قليلة، وبالبحث وراء هذا التعاقد وجدنا أن «كلية العلوم» تعاقدت مع عدد من المراكز يمثلها حمدى عبدالسميع فى محافظتى «القاهرة والإسكندرية والفروع بسوهاج والإسماعيلية ورأس غارب بالبحر الأحمر»، وذلك حسب خبر نشرته جريدة الجمهورية فى 9 مايو من العام الماضى، الذى يؤكد أن هذا البروتوكول يأتى فى إطار خطة الدولة لتطوير التعليم المهنى فى تكنولوجيا البترول.
شهادات هذه المراكز جميعها غير معتمدة من المجلس الأعلى للجامعات، وغير معتمدة أيضا من وزارة التربية والتعليم التابعة لها، ولم تراجع الجامعة القرار الوزارى، رقم 180بتاريخ 22 سبتمبر 2002، الخاص بإنشائها الذى ينص على أنه يجوز إنشاء مراكز خاصة تهدف إلى تقديم خدمات تدريبية وتعليمية فقط فى مجالات أنشطة الكمبيوتر واللغات وإدارة الأعمال وغيرها، بعد الموافقة من «التربية والتعليم» على أن تخضع هذه المراكز لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديريات والإدارات التعليمية بالمحافظات على أن يقدم صاحب المركز بيانا بأسماء القائمين على التدريب والكتب والخطة والمناهج التى تتفق مع نشاطه، متضمنة عدد الدورات والساعات، على أن تكون الدراسة وفق نظام دورات وليس سنوات دراسية، وبأيام دراسية مخصصة أسبوعيا، مع سداد رسوم الفحص المقررة إلى المديريات التعليمية.
وتنص المادتان 124 و125 من القرار الوزارى الخاص بهذه المراكز على حظر بدء النشاط إلا بعد اتخاذ إجراءات الفحص والموافقة عليها من قبل الجهات المختصة بالوزارة، ومنح ترخيص منها بذلك قبل البدء فى أى برنامج، على أن يلتزم المركز كما توضح المادة رقم 136 بإعداد لائحة داخلية من 5 نسخ يبين فيها النشاط المرخص به وأسماء الكتب التى تمت الموافقة عليها، وشروط القبول وعدد الدورات التدريبية ومدة كل دورة والرسوم المقررة على كل دارس فى الدورة، وتوافق عليها الإدارة التعليمية والمديرية المختصة بمراجعتها والموافقة عليها، ولا تصبح سارية إلا بعد موافقة «المحافظ المختص» عليها، وأن توزع النسخ فى «المديرية التعليمية، والإدارة التعليمية، والإدارة العامة للتعليم الخاص بالوزارة، والمركز، وصاحب المركز نفسه»، ولا يجوز تعديل اللائحة التى تمت الموافقة عليها إلا بعد إخطار الجهات المعنية.
لكن جامعة الإسكندرية وقعت فى عدد من المخالفات القانونية الصارخة للقرار الوزارى الخاص بإنشاء هذه المراكز التى لم تحصل أساسا على ترخيص من «التربية والتعليم«، وأول هذه المخالفات يتعلق بنظام الدراسة الذى يعتمد على نظام السنة الدراسية، وليس دورات تدريبية، بالإضافة إلى أنها تجاهلت مسؤولية وزارة التربية والتعليم عن هذه المراكز، وأعطت لنفسها حق معاينة المركز، ومتابعة توفيره للإمكانات العلمية، ووضع المناهج الدراسية، والإشراف على الطلاب، والاطلاع على سجلات الطلاب، رغم أن كل هذه الإجراءات حق أصيل لوزارة التربية والتعليم وتحديدا «المديريات والإدارات التعليمية، وإدارة التعليم الخاص بالوزارة»، مع ضرورة إغلاق هذه المراكز قانونيا فى حال تنفيذها أى اتفاقية غير معتمدة من التربية والتعليم.
الشهادات نفسها التى ستقدمها الجامعة من خلال المركز هى مجرد أوراق لا يعتد بها لمخالفتها المادة 128 من القرار الوزارى الخاص بإنشاء هذه المراكز، التى تنص على أن اعتماد «الإدارات والمديريات التعليمية» للدورات التدريبية، ولكن عقد الجامعة يؤكد أنها هى التى ستمنح للطلاب الشهادات.
«اليوم السابع» توصل إلى أحد المراكز الأخرى التى تمنح شهادة فنى بترول، وهو مركز «سايبر سوفت» الكائن فى الجيزة بشارع جعفر بمنطقة التعاون بالهرم، الذى يؤكد على موقعه الإلكترونى أنه يمنح الطالب بعد سنتين دراسيتين شهادة فنى بترول من كلية العلوم جامعة الإسكندرية، وبالاتصال بالمركز على الهاتف أوضحت المسؤولة عن الرد على الاتصال أنه المركز هو الوحيد فى مصر الذى يمنح شهادة إخصائى تكنولوجيا البترول، وأكدت أنهم فى إطار تطويرهم المعهد تعاقدوا مع «كلية كامبردج الإنجليزية»، وأنهم يحصلون على مقابل مادى قدره 2800 جنيه «كاش»، أو 3 آلاف جنيه «تقسيط».
الدكتور حسنى السيد الخبير التربوى بوزارة التربية والتعليم أشار إلى أن تلك الواقعة وأمثالها لها أسبابها وأهمها فتح الباب أمام هذه المراكز وأمام الجامعات لتنمية مواردها الذاتية، مما دفعها إلى «الترقيع» فى التعليم بمثل هذه الوسائل، مؤكدا أن ما يحدث فيه نوع من المجاملة لبعض أعضاء هيئة التدريس بالجامعات وهذه المراكز.
الدكتور محمد إسماعيل عميد كلية العلوم أكد أن الجامعة فسخت التعاقد مع الدكتور حمدى عبدالسميع لمنح شهادة «فنى بترول» بعد التعاقد بفترة قصيرة، وأنه تم إعلان ذلك فى الصحف، وأضاف أنه منذ تولى عمادة الكلية منذ نحو 4 أشهر قرر إنهاء التعاقد مع «عبدالسميع» نهائيا، لمنح شهادة حاسب آلى.
غير أن حمدى عبدالسميع يؤكد أن التعاقد مع المركز لمنح شهادات فنى بترول لم يتم فسخه إلا منذ نحو 4 أشهر فقط، على أن يتم تخرج الطلاب الموجودين حاليا، بل ويؤكد لـ«اليوم السابع» استمرار التعاون بين «علوم الإسكندرية» و«المراكز التى تعاقد معها فى الحاسب الآلى».
لكن حمدى عبدالسميع الوكيل الحصرى لهذه التعاقدات الذى تتعاقد معه مراكز من الباطن للحصول على التعاقدات يؤكد أن جامعة الإسكندرية أرسلت مؤخرا خطابا رسميا إلى المركز بإنهاء التعاقد بعد 6 أشهر «أى بتخرج الدفعة الموجودة حاليا فى المراكز» بما يتيح تنفيذ بنود التعاقد الموقع، الذى ينص على أنه فى حال رغبة أحد الأطراف فى إنهاء التعاقد يجب أن يتم إخطار الطرف الآخر بذلك قبل نهاية مدة التعاقد بستة أشهر، مع تخرج الدفعة الحالية، مضيفا أنه تم بالفعل منح شهادات معتمدة من الجامعة بمنح شهادات دبلوم تدريبى فوق المتوسط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة