محمد فوزى طه يكتب: الحالمون الأشرار!

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010 08:56 ص
محمد فوزى طه يكتب: الحالمون الأشرار!

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الخارج يأتيه صوت المطر مقترنا بهواء بارد عاصف فتهتز النوافذ من هذا الهجوم الفجائى بعد طول هدوء.. قطرات المياه تتناثر هنا وهناك على الزجاج مخلفة أصواتا محببة مع أنها مبهمة كمعزوفة موسيقية سريعة متواصلة.. موسيقى كونية يحبها ويتمنى لو واصلت العزف.. ما أحلى المطر حتى لو كان مصحوبا بهواء بارد.. وسمع صوتا آتيا من تلفازه كان صوت رصاص لا صوت مطر.. انتبه.. فيلم وثائقى عن أشهر الاغتيالات التى حدثت لزعماء العالم بقناة (مشفرة للأسف) مشتركا هو بها تعرض كل ماله قيمة ومعنى وهدف بعيدا عن الإسفاف والخواء حتى فى الفن.. هذا جون كينيدى فى سيارته المكشوفة وهو يرتمى للخلف جراء رصاصات نافذة جاءته من أعلى وجاكلين تحتويه هامسة ماذا فعلوا بك؟ مؤامرة ومن المستفيد.. الروس.. إسرائيل.. مافيا.. لكنه اغتيل فى قارعة الطريق وسط كل الحراسات الموجودة، والتى لم تمنع محترفا من التصويب ليصيبه إصابات قاتلة.. هاهو محمد أبو ضياف، الرئيس الجزائرى يبدأ فى الخطابة.. عشرون دقيقة ويتصاعد دخان وصوت رصاص وصراخ ويتم نقله مقتولا.. هذا هو الرئيس أنور السادات وسط جنوده وحرسه فى يوم عرسه وإذ فجأة تحيد سيارة على الجانب يهبط منها قاتلوه ينهمر الرصاص وتتعالى فيسلم الروح ويذهب رئيس فذ.. هاهو بشير الجميل فى اليوم الذى انتخب فيه رئيسا يعقد اجتماعا موسعا للحزب لاختيار حكومة فيسقط المبنى من التفجير الهائل الذى حدث به وتجتاح إسرائيل لبنان.. و.. أغلقت التلفاز.. وجال فى ذهنى سؤال عن المسئولية فرأيتها كبيرة جدا.. صعبة جدا.. هالكة مهلكة فأتعجب من الذين يفعلون كل شىء للوصول وهم غير مؤهلين.. حتى لو كان الثمن مؤامرات وضيعة وزيف وتزوير وابتزاز واستعمال العنف المفرط والسير على أجساد الضعفاء.. ثم الخروج على الناس بوجه يشى بالبراءة وكلمات تنم عن عذوبة وصدق.. وعزف على أوتار المنهكين والمهمشين وما أكثرهم للدلالة على عدم نسيانهم وأن ما يحتاجونه له الأولية القصوى عندهم.. لماذا لا يقرأون التاريخ مرات ومرات ليعرفوا ويدركوا بأن العدل هو أساس الملك وبما إنهم من داخلهم لا يعرفون قيمة العدل فلن يكون لهم أبدا ملك ؟ الأحسن أن يغيروا مسلكهم تماما ولا يطمحوا كثيرا فيكفى عمل على قدر قيمهم وثقافتهم البسيطة أما إذا طمحوا ونجحوا بمبدأ الغاية تبرر الوسيلة فمهما طالت أيامهم فلهم يوم سيحاسبهم فيه الله_ هذا لو فروا ونجوا من عباده ولم يحاسبوا من الاثنين! إن المسئولية فى المطلق مضنية معذبة للعاقل السوى.. لماذا لا يقرأون التاريخ ليعلموا ما يجهلونه فيصبحوا بشرًا أخيارًا ؟ لو قرأوا لخافوا وفروا من مسئولية هم أضعف من أن يحملوها.. لكنها عندهم تعنى المنصب والجاه والثراء دون أى التزامات فعجبا لهؤلاء الأشرار وأتذكر الحكمة التى تقول عنهم: لا يملك الأشرار أبدا وقتا للقراءة وهذا أحد أسباب شرهم.. وأنظر من نافذتى لأرى الهدوء وقد ساد المكان ومضت السحب شيئا فشيئاً إلى جهة لا أعرفها فأطلت الشمس على استحياء وكأنها تعتذر عن الغياب!





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة