مجد خلف يكتب: ابتلاء الخير والشر

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010 08:21 ص
مجد خلف يكتب: ابتلاء الخير والشر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقول الله تبارك وتعالى فى كتابه الكريم: (وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) صدق الله العظيم- الأنبياء 35.

من هذه الآية الكريمة يتبين لنا أن اختبار الله للإنسان قد يكون بافتتانه بالخير أو بابتلائه بالشر، ولكى نفهم المغزى الحقيقى للآية الكريمة؛ يكفينا أن نتابع نشرات الأخبار ليوم واحد، حيث تأتى لنا الأخبار من أفريقيا السوداء، الناس يموتون جوعا وفقراً، والأمراض تفتك بصغارهم وكبارهم فتكاً، والمشاهد التى تعرضها وسائل الإعلام للجوعى والمرضى فى مناطق المجاعات والصراعات تقشعر لها الأبدان، فى السودان والصومال وفى معظم دول أفريقيا جنوب الصحـراء، يعيش الناس فى تلك المناطق فى أسفل سافل خط الفقر والجهل والمرض.

حينما نشاهد هذه المناظر واللقطات عبر إرسال التليفزيون؛ فإننا غالبا ما نكون جالسين على مقاعد مريحة، فى حجرات مكيفة الهواء، داخل بيت به عدد من الغرف، تحت سقف تتدلى منه وحدة إضاءة كهربائية، ونتناول قدحًا من الشاى المعطر بعد وجبة الغداء الدسمة، أو كوبا من الماء البارد، ونمصمص شفاهنا، وقد نمتعض لمرأى من يموتون جوعا، فنحول المشاهدة إلى قناة أخرى لا تبث مثل هذه المناظر الفظيعة، فنشاهد (الكليبات الغنائية) والرقصات المبهرة، والأفلام العربية والأجنبية، وما أكثر هذه القنوات على الأقمار الصناعية على مدار الساعة، وكلما تحركت أصابعنا التى تضغط على مفاتيح الريموت كونترول؛ اتسع البون بين ما نرى وما نحن فيه وننسى ما رأيناه على قناة الأخبار من مشاهد أفريقيا المأساوية، وكأننا لم نشاهدها.

إن ما نسمعه ونشاهده من أخبار الكوارث الطبيعية من فيضانات الأنهار، والأعاصير الرهيبة، والسيول المدمرة، والزلازل والجفاف والتصحر، والفقر والمرض والجوع، كل هذه الكوارث هى ابتلاء الله تبارك وتعالى لعباده بالشر، ونحن الذين نشاهد من عليائنا هذه الكوارث عبر وسائل الإعلام ابتلانا ربنا بالخير، فما الذى يتوجب علينا فعله؟

إن كل شىء من حياة الرفاهية متوفر لدينا، على مستويات مختلفة، فمعظم البيوت الآن فيها إمكانات الرفاهية والترف التى تصل إلى حدّ البذخ والإسراف، وقد تتعداه بكثير، وفى ذات الوقت لا ننظر إلى من ابتلاهم الله بالشر فى أفريقيا وجنوب القارة الآسيوية من فقراء العالم، ولا حتى نتعب أنفسنا بالتفكير فيهم وفى أحوالهم، ونتناسى أننا قد نكون ذات يوم مكانهم من هذا الابتلاء الإلهى الرهيب، فهل نضع فى حسباننا هذا الاحتمال؟

إذا ابتلى الله ناسا من عباده بالشر، فهو جلّ وعلا يريد منهم أن يصبروا، والصبر أمره عسير لكنه واضح وضوح الشمس، ألا يتذمر المرء على ما أصابه، وألا يأسى على ما فاته، (لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ) - الحديد 23.

أما إذا ابتلى الله عباده بالخير؛ فأنعم عليهم بنعمه ظاهرة وباطنة، وجب عليهم الشكر والحمد لله، لا بالكلام وترديد ألفاظهما فحسب؛ ولكن بإكثار العطاء لمن ابتلاهم الله تبارك وتعالى بالشر، واضعين فى الحسبان أن الله تبارك وتعالى قادر على أن يبدل أحوال عباده كيفما شاء، فهو الذى قال:(وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) – آل عمران 140، فقد يكون المبتلى بالخير اليوم مبتلى بالشر غدًا، أو العكس، وهذا يحدث كسنة من سنن الله فى الكون، على مستوى الأفراد والأسر والمجتمعات والأمم، (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِى قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) – الفتح 23، صدق الله العظيم.. والله من وراء القصد.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة