تساءلت مجلة "فورين بوليسى" عن إصرار جماعة الإخوان المسلمين على التمسك بفكر سيد قطب، على الرغم من تعرض الكثير من قادتها لمشكلات أمنية بسبب تعلقهم بفكره المتطرف، على حد قولها، مشيرة إلى أنه تم اعتقال ثلاثة من أبرز قادة الجماعة أوائل هذا العام، هم عصام العريان ومحيى حامد وعبد الرحمن البار بتهمة الانتماء لجماعة متطرفة تتعلق بفكر "قطب".
وتابعت المجلة: "مع ذلك، فإن هناك الكثيرين ممن يتبعون الجماعة يفضلون بقاء فكر قطب طى الكتمان، وجزء كبير من السبب له علاقة بأفكاره المعقدة التى تدعو لاستخدام العنف، وتنوع أفكار قطب التى مرت بمراحل مختلفة مقترنة بالنظر إليه كشهيد تجعل من الصعب على جماعة الإخوان المسلمين أن تشير إليه بأى أحكام سلبية أو ناقدة، ونتيجة لذلك فإن تأثيره استمر على فكر البرجماتيين من الإخوان، على الرغم من تحفظات إصلاحيى الجماعة".
وأوضحت: "كانت أفكار قطب وتفسيراته للإسلام مصدر انقسام داخل صفوف الجماعة منذ البداية، لاسيما ما يخص قضية تكفير الآخر التى أثارت جدلاً وانقساماً واسعاً بين أعضاء الإخوان المسلمين، وتشير المجلة الأمريكية إلى أنه على الرغم من محاولة الإخوان التنصل من الجوانب المثيرة لأفكار قطب، لكنهم لم يستطيعوا التخلص من نفوذه تماماً، وبصفته المفكر الإخوانى الوحيد ذا الفكر المنهجى، فإنه لا يمكن التخلى بسهولة عن كتبه".
وتؤكد المجلة: "لكن اتباعاً للفكر القديم فى الدفاع، فإن مؤيديه من الجماعة يزعمون أن أفكاره أسيأ فهمها، وأن التعذيب الذى تعرض له بالسجن دفعه لقراءة القرآن من منظور غاضب، وعلاوة على ذلك، فإن إعدامه قضى على مشروع أيديولوجى كان من الممكن أن يوضح الكثير".
وترى "فورين بوليسى"، أن هناك احتمالاً دائماً لعودة فكر سيد قطب إلى السطح، فخلال انتخابات مكتب الإرشاد فى يناير 2009، أثار الفصيل المحافظ المنتصر إرث قطب لدعم القوة الروحية والفكرية والتنظيمية للجماعة، وتتهم هذه المجموعة غيرها من العناصر الإصلاحية من الإخوان بإضعاف القيم الأساسية للجماعة فى جهودهم للعمل من خلال النظام السياسى السائد، وقال بعض الأعضاء المحافظين فى ذلك الوقت: "لقد حان الوقت على أن نسير على خطى سيد قطب فى تأسيس كادر من المسلمين المتفانين، لتمهيد الطريق أمام نجاح الحركة الإسلامية.
وتلفت المجلة إلى أن الخبرة الشخصية لمحافظى الجماعة دفعتهم للاعتقاد بأن أسلوبهم سليم، فالكثيرون ومن بينهم محمد بديع، مرشد الجماعة، الذين ينتمون للجيل القديم ممن عانوا فى سجون عبد الناصر، أدركوا أن البقاء يعتمد على بعض الانطواء عن الثقافة السياسية للدولة العلمانية.
ويتساءل كثير من الإصلاحيين بالإخوان المسلمين مثل عبد المنعم أبو الفتوح عن الحكمة من إستحضار أفكار قطب، إذ أنهم يرون أن إحياء فكر قطب ما هو إلا منزلق يمكن أن يؤدى إلى اللعبة ذات المحصلة صفر التى شكلت العلاقات بين الإخوان والدولة فى الخمسينيات والستينيات، ويصر أحد المدونيين على أن الاختلاف بين حسن البنا وسيد قطب مثل التناقض بين "السلام والحرب".
وقد أدهش القليل من إصلاحيى الجماعة عندما اعتقلت السلطات فى فبراير 2010 ثلاثة من قياديى الجماعة بتهمة إحياء "تنظيم 65".
لكن يبقى السؤال لماذا تصر القيادة الجديدة للجماعة على استحضار بعض جوانب أيديولوجية قطب، وما هى الجوانب التى تروق سياسياً لهم، لكن يبدو أن المحافظين باتوا أكثر تركيزاً على حشد منهج قطب فى حشد القوة الفكرية والروحية والتنظيمية للجماعة بعدما اعتبروا أن جهود الإصلاحيين للعمل وفق المنظومة السياسية وخوض الانتخابات والتحرك فى اتجاهات أكثر ليبرالية أدت فقط إلى القمع من قبل الدولة.
وتخلص فورين بوليسى إلى أنه تحت كل ظروف، وبالرغم من الانقسامات التى تحدثها أيديولوجية قطب داخل صفوف الجماعة، لكنه سيظل يؤثر وستظل الجماعة الإسلامية تستحضر أفكاره سواء بصفته مثالاً يحتذى به أو رمزاً للفكر الخطير الذى عفا عليه الزمن.
فورين بوليسى: لماذا تُصر "الإخوان" على استحضار أفكار سيد قطب المتطرفة؟
الأربعاء، 15 ديسمبر 2010 07:34 م