الإسكندرية عروس البحر الأبيض المتوسط المدينة الجميلة العريقة وقفت وحدها فى مهب الريح يومى السبت والأحد الماضيين وقفت كى تدفع عن نفسها الأذى وسط العواصف والرياح والأمواج المتلاطمة وقفت الإسكندرية مكتوفة الأيدى وسط تساقط أعمدة الإنارة وأنقاض المنازل المنهارة وغرقت المدينة تحت مياه الأمطار ومياه الأمواج المتلاطمة التى تخطت سور الكورنيش وأغرقت شوارع المدينة وسقط مصنع للملابس فوق رءوس العمال المساكين واحتجزت مياه الأمطار الطلاب والموظفين ومنعتهم من الوصول لمدارسهم وأعمالهم.
كل هذه العواصف والأحداث والكوارث والمحافظة لا تحرك ساكنًا من أجل إنقاذ المواطنين كل هذه الأحداث ولا وجود للإسعاف ولا للنجدة علما بأن الأرصاد كانت قد نبهت وحذرت من شدة هذه النوة وعنفها ونوهت عنها قبل فترة ولكن كالعادة لا يتحرك أحد إلا بعد فوات الأوان وبعد حدوث الكوارث، غرقت الإسكندرية وسط غياب كامل لكل الأجهزة المعنية وتحسر أهلها على ما أصابها من دمار وخراب وكانت حسرتهم الأكبر على غياب أجهزة الدولة من دفاع مدنى وإسعاف ومحليات ومرور وكأنهم كانوا نائمين فى ثبات عميق وما حدث للمدينة كان حلما أو كابوسًا مزعجا فلم تغرق الأمطار الإسكندرية ولا الأمواج وإنما أغرقتها يد الإهمال فى كل مكان.
ومن الطبيعى أن عمال المصنع الذى انهار فوق رءوس العاملين البسطاء وأصحاب المنازل المتهدمة من المواطنين الفقراء الذين شردوا فى الشوارع الآن لن يسأل عليهم أحد ولن يكلف السيد وزير الصحة نفسه عناء زيارتهم كما فعل مع طلاب جامعة المستقبل الذين أصيبوا أثناء تأدية الرقصات على أنغام المطرب عمرو دياب، الذى قام بزيارتهم هو الآخر ومن بعده السيد الوزير على الدين هلال، ولكن الناس مقامات فشتان بين طبقة من الناس يدخلون الجامعات الخاصة ويستطيعون تحمل نفقات حفل يحييه عمرو دياب وبين عمال ومواطنين فقراء يحصلون بالكاد على قوت يومهم وكما قال الراحل عبد السلام النابلسى:
(ناس ليها بخت وناس ليها ترتر)
وبعد ما غرقت المدينة الجميلة دار سؤال فى أذهان العديد من المواطنين: أين أجهزة الدولة أين قوات الأمن المركزى التى كانت تملأ المدينة فى لمح البصر إذا ما خرج بضعة من الشباب لنصرة خالد سعيد أو لاستقبال البرادعى أين هم الآن؟
وتبقى الحسنة الوحيدة التى خلفتها النوة هى أنها خلصت الشوارع والميادين من صور المرشحين لمجلس الشعب الذين ذهبوا هم الآخرون مع الريح بعد ما نجحوا وضمنوا المقعد والمجلس والحصانة وكل نوة ومصر بخير ونحن الآن فى انتظار أزمة السيول ومن بعدها أزمة اسطوانات الغاز وربنا ما يقطع لنا عادة.
عبير حجازى تكتب: هل غرقت الإسكندرية بفعل فاعل؟
الأربعاء، 15 ديسمبر 2010 11:52 م