محمد حمدى

جريمة محرم بك

الأربعاء، 15 ديسمبر 2010 12:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حسب "اليوم السابع" انتهت فجر اليوم عملية انتشال ضحايا مصنع محرم بك الذى انهار بسبب الأمطار الغزيرة التى تعرضت لها الإسكندرية مطلع الأسبوع الجارى، وبلغت الحصيلة النهائية للضحايا 26 قتيلا و11 مصابا بينهم بعض الأطفال الذين كانوا يعملون بالمصنع المنهار.

قصة مصنع محرم بك نموذج للفساد المستشرى فى هذا الوطن، حتى النخاع، والذى غالبا ما ينتهى بمأساة دامية تتعدد أشكالها، فالمصنع مبنى منذ عام 1965 أى منذ 45 عاما، والمفاجأة أن المصنع مبنى بدون ترخيص، ولا يوجد له أى أثر فى دفاتر الحى، ولم يتم تحرير أية مخالفات له، وبالتالى فقد تم توصيل كافة المرافق من مياه وكهرباء لمبنى غير موجود على الورق.. وبالتالى أيضا لا يمكن تسجيل المصنع فى السجل التجارى، مما يعنى أيضا أنه ليس له سجل ضريبى ولا يسدد صاحبه الضرائب.. وتمتد سلسلة المخالفات إلى عدم التأمين على العمالة العاملة به، وتشغيل أطفال تحت السن لا يجوز تشغيلهم وفقا لقانون العمل.

نحن أمام مأساة إنسانية شديدة الوطأة، حيث فقد 26 شخصاً حياتهم دون ذنب، فقط لأنهم كانوا يسعون وراء لقمة العيش، وانتظموا فى هذا المصنع، وبعد أن فقدوا حياتهم اكتشفنا كتلة فساد كبيرة ومستعصية اسمها المحليات، وغياب القانون الذى أدى إلى مقتل كل هؤلاء الناس دون ذنب أو جريمة اقترفوها.

قد لا يكون عدد الضحايا كبيراً مقارنة بمن ماتوا فى حادث العبارة السلام التى راح ضحيتها نحو ألف شخص، لكننا فى قصة العبارة الحزينة، كنا أمام مخالفة واحدة لشروط السلامة البحرية، لكننا فى هذه الحالة أمام جملة مخالفات تتعلق بسلامة البناء، وسلامة الأنشطة الصناعية وامتصاص دم الغلابة، دون أن يكون لهم أية حقوق.

فى جريمة محرم بك تقف الدولة عارية أمام صاحب مصنع خالف عشرات القوانين، لكنه ليس وحده الذى يخالف القوانين، ففى كل شبر فى مصر يتصرف الناس ويعيشون ويعملون بعيدا عن الدولة، ثم تحدث كارثة مثل ما حدث فى مصنع محرم بك، لنكتشف غياب الدولة وكافة أجهزتها عن حياة الناس.

مهمة أى حكومة فى العالم هى السهر على راحة المواطينين، توفر لهم الخدمات، وتحمى أمنهم، وتحافظ على حياتهم، وتفرض القانون، وتضمن أنه ينفذ على الجميع بمساواة ودون تفرقة.. لكن مصنع محرم بك يكشف عن غياب كل المهام المفترضة لأى حكومة، وبالتالى يغرق ألف شخص فى عبارة، ويحترق ثلاثة آلاف فى قطار، ويموت 26 شخصا تحت أنقاض مصنع غير مرخص وغير مسجل، ولا وجود له فى الأوراق الحكومية.

رحم الله ضحايا مصنع محرم بك، لكن إلى متى سنترحم على ضحايا الإهمال الحكومى، وفساد المحليات، وغياب ضمير البعض؟!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة