قال الكاتب البريطانى جون برادلى، إن الإسلاميين بما فيهم "الإخوان المسلمين"، سيستفيدون فى حال أصبح جمال مبارك رئيساً للبلاد أو لا.
وتحدث برادلى (صاحب كتاب "مصر.. أرض الفراعنة على حافة الثورة"، بالإضافة إلى كتب هامة أخرى عن الشرق الأوسط أبرزها "حجاب الخطيئة: تجارة وثقافة الجنس فى الشرق الأوسط"، و"فضح السعودية: داخل مملكة فى أزمة") عن احتمالات أن يصبح جمال رئيساً، والتغيير الذى سيطرأ على الإستراتيجية المصرية نتيجة لذلك، محذراً من احتمال اندلاع ثورة شعبية إذا تولى جمال الحكم.
وبدأ برادلى مقاله فى صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية فى نسختها الإنجليزية، عن أزمتى الخلافة فى مصر والسعودية قائلا: "فى عام 2007، أذاعت قناة "إم بى سى" الفضائية السعودية مسلسل الملك فاروق من إنتاجها، وكان النظام المصرى الحالى، الذى جاء إلى السلطة بالإطاحة بالملك فاروق عام 1952، قد حاول تخريب إنتاج مصرى لنفس المسلسل برفض تمويله ووضع العراقيل أمامه، فجاء قرار "السعودية" بإنتاج هذا المسلسل فيما بعد بأبعاد سياسية خاصة عندما ثبت أنه حظى بشعبية كبيرة بين الجماهير المصرية".
وأضاف برادلى، أن المفارقة الحقيقية، رغم ذلك، كانت أن النظام المصرى أظهر عداءً شديداً لذلك المسلسل فى المقام الأول، فبعد كل شىء يفضل النظام حالياً الحكم الملكى الذى كان سائداً قبل عبد الناصر تماماً مثلما يفعل السعوديون، بل إن إعادة عرض مسلسل فاروق ربما كان وسيلة دعائية خفية من قبل النظام.
ويتابع برادلى: مما لا جدال فيه إن مصر والسعودية كانا أكثر قطبين متنافرين بالعالم العربى فى الفترة من عشرينات إلى سبعينيات القرن الماضى، لكن الآن من الممكن الحديث عن أزمتى خلافة تلوح فى الأفق فى كل دولتين تشبهان بعضهما البعض بشكل متزايد من حيث الحماسة الشعبية الإسلامية والتمثيل السياسى المحدود.
ويتساءل الكاتب: كيف تتلاقى مسارات هذه البلدان المختلفة جذرياً؟ وكيف أن معركتى الخلافة تتعلقان بقضايا جيوسياسية ودينية، ويحاول الإجابة على هذه التساؤلات قائلاً: إن تنافس أبناء آل سعود على الأراضى التى سميت باسمهم عام 1932 كان نتيجة القمع العنيف للمعارضين الدينيين والقبليين وفرض الهيمنة الوهابية، أما القاهرة فى هذا الوقت، وعلى النقيض من ذلك، كانت تحتفل بتنوعها الدينى والفكر الإسلامى المتقدم والديمقراطية البرلمانية.
وجمال عبد الناصر، رغم كل ميوله الديكتاتورية، وضع حداً للثيوقراطية الإسلامية عندما بدأت فى الظهور، ووجدت خطبة ضد نظام الحكم فى السعودية صدىً هائلاً فى دول الخليج.
ومنذ الطفرة النفطية فى السبعينيات، أدى تراجع دور مصر الإقليمى إلى صعود السعودية، وكانت إحدى نتائج ذلك انتشار الوهابية بشكل لا رجعة فيه داخل المجتمع المصرى، على حد قول برادلى، فأعاد أنور السادات الإخوان المسلمين من منفاهم فى السعودية، واستخدموا أفكارهم السلفية لمواجهة اليساريين، وفى الوقت نفسه، أصبحت مئات الملايين من أموال المصريين الفقراء الذين يعملون فى السعودية بدورها خاضعة للمعايير السعودية الاجتماعية، قبل أن تعود إلى مصر فى نهاية المطاف، وفى المقابل، أدى الجمود السياسى والانحلال الاجتماعى خلال العقود الثلاثة التى تولى فيها، ولايزال، الرئيس مبارك الحكم إلى زيادة جاذبية الإخوان المسلمين، وهو ما أكدته نتائج استطلاع حديث أجراه مركز بيو، حيث كشف هذا الاستطلاع عن أن غالبية المصريين يؤيدون الرجم كعقوبة للزنا، وقطع يد السارق، وإعدام المرتدين عن الإسلام، مثلما يحدث فى السعودية، على حد قوله.
ويتابع : "هذه الأمور أصبحت سائدة فى مصر بلا اتجاه لدرجة أن الحنين لعهد فاروق قد يكون للوهلة الأولى أمر جيد للقوى الموالية لجمال مبارك، أو على الأقل ليس بالخبر السيئ".
غير أن الكاتب يرى، أن الاختلافات الحاسمة بين مصر والسعودية لا تزال قائمة بالطبع، أقلها أن مصر لا تزال ديمقراطية "اسماً"، فى حين أن الوراثة فى السعودية لا تزال المبدأ الأساسى.
وزعم برادلى، أنه ربما يشهد انتقال السلطة بعد وفاة الملك عبد الله فى السعودية فوضى، وسيفتقر بالتأكيد إلى الشفافية، لكن الفروع المختلفة فى العائلة المالكة السعودية ستصل فى نهاية المطاف إلى توافق فى الآراء سراً كما فعلوا دائما، وطالما كان الحديث عن الانقسام داخل صفوف آل سعود، والاضطرابات الاجتماعية المحتملة شائعاً، ومسألة المشورة الخاصة مقبولة، لكن على مضض، من قبل أغلبية السعوديين الذين ينتظرون بفارغ الصبر الإعلان عمن سيخلف الملك، حرصا على النظام الاجتماعى.
أما فى مصر، يحدد برادلى أكبر عقبة أمام الانتقال السلس للسلطة فى حالة الترقب العام الشديد الذى ستواجهه أسرة مبارك إذا اختير جمال مبارك ليكون رئيساً، إلى جانب محاولات التوفيق بين هذه الخطوة مع العملية الديمقراطية السطحية فى البلاد، كما يمكن أن يكون حفظ ماء الوجه فى الواقع عاملاً هاماً فيما إذا قرر جمال الترشح للرئاسة، أما إذا قرر غير ذلك، فإن المخاطرة بالنسبة له ستكون إلى جانب تعرضه للإذلال والتهميش من قبل النظام الجديد، وتأثير ذلك على مصالحه التجارية، فى أن إخفاقه سيفسره البعض كانتصار ساحق للإسلاميين، لكن إذا انتخب جمال رئيساً، فإن ذلك سينظر إليه شعبياً باعتباره المسمار الأخير فى نعش الديمقراطية المصرية، وسيتم تقزيم المعارضة التى يقودها الإسلاميون وستكون هناك مخاطر باندلاع ثورة شعبية.
وفى نهاية مقال برادلى أوضح بأن فى كلتا الحالتين، سوف تكون النتيجة تسارعاً فى الإستراتيجية المصرية لتبنى أجندة الإسلاميين كوسيلة لتهدئة المنتقدين، وحتى أولئك الذين يستفيدون من معضلة جمال مبارك على المدى الطويل، وستستمر وتتعمق "سعودة" المجتمع المصرى (أى يصبح مثل السعودية).
وختم الكاتب مقاله بالقول، إن نظام مبارك يجب أن يحسد آل سعود على قبضتهم الحديدية على السلطة، حتى على الرغم من أجندتهم الوهابية التى تهدده.
حذر من تنامى الإسلاميين..
كاتب بريطانى يتنبأ بـ"سعوَدة" المجتمع المصرى
الثلاثاء، 14 ديسمبر 2010 03:11 م
جون برادلى مؤلف "مصر.. أرض الفراعنة على حافة الثورة"
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة