أكد السفير روبن بنجامين، نائب ممثل حكومة جنوب السودان فى القاهرة، على أن الانفصال عن الشمال أصبح واقعا لا مفر منه من أجل السلام بين الجانبين، قائلا: "الانفصال فى جنوب السودان يعنى شيئا واحدا فقط هو السلام، أما الوحدة فتعنى لدينا القتل والحرب، ولذا الخيار الأفضل لنا هو الانفصال وفيه الخير لنا وللسودان ولمصر وللعالم، وفى شهر يناير سنحدده كخيار لنا لأن الوحدة غير جاذبة لنا نهائيا".
وأشار بنجامين صباح اليوم، الأحد، فى افتتاح مؤتمر "العلاقات المصرية السودانية فى ظل الظروف الراهنة فى السودان"، إلى أن العلاقات بين مصر وجنوب السودان قوية وبدأت منذ فترة طويلة، وأنها ستستمر على ذلك الوضع بين البلدين، مؤكدا أن مصر تبنى المدارس والطرق وتمد الكهرباء فى الجنوب، وأن معظم الدبلوماسيين تخرجوا فى الجامعات المصرية، وأن 8 وزراء فى الجنوب تخرجوا فى جامعات مصر".
وقال "بنجامين" إن مصر تتخوف من مشكلة المياه، ولكننا فى الجنوب مسالمون من هذه الناحية، وندرك أننا لا نحتاج إلى مياه النيل، لأن الأمطار لدينا لمدة 9 أشهر فى السنة، وليس لدينا مشاريع ضخمة على النيل، والمياه خطر على حياتنا، والشىء الوحيد الذى نحتاج إليه من النيل هو "الأسماك" فقط.
وأضاف روبن أنه فى حال الانفصال، كما هو مقرر، فلن نقترب نهائيا من حصة مصر من النيل، والتى تبلغ 55 مليار متر مكعب، وإنما سنتقاسم نحن والشمال حصة السودان بالنصف، والتى تبلغ 18 مليار متر مكعب، موضحا أنه بعد الاتفاقية بين الجنوب والشمال كان من المفترض أن يساهم الشمال فى التنمية، ولكن لم يحدث أى تقدم منهم فى ذلك الجانب-بحسب قوله.
من جهته، قال أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، إن مصر تواصل بذل مساعيها ودعمها للسودان "الشقيق" من أجل استقراره، وأنها تؤكد دعوتها لضرورة إجراء استفتاء عادل نزيه، فيما يتعلق بحق تقرير المصير لجنوب السودان، مع ضرورة دعم علاقات الأخوة والتواصل بين الطرفين أيا كانت نتائج الاستفتاء بما يجعل التزامهما بعدم العودة للحرب نهائيا.
وشدد أبو الغيط، فى كلمته التى ألقاها نيابة عنه السفير محمد موسى عوض مدير إدارة السودان بـ"الخارجية"، على أن مصر بذلت جهداً تنمويا مشروعا لجعل خيار الوحدة محببا للأشقاء فى الجنوب، مضيفا أنه أياً كانت نتيجة الاستفتاء فمصر تحرص على ترسيخ العلاقات بين الجنوب والشمال.
وأوضح أبو الغيط أن اهتمام مصر لم يقتصر على جنوب السودان فقط، وإنما امتد ليشمل ملف دارفور، داعيا الفصائل "الدارفورية" إلى الالتزام بحلول السلام دون قيد أو شرط، للوصول إلى حل عادل، مشيرا إلى أن مصر ستواصل جهودها للمشاركة فى كافة الأنشطة بدارفور.
من جانبه، قال السفير سمير حسنى، مدير إدارة أفريقيا والتعاون العربى الإفريقى بجامعة الدول العربية، إن عددا كبيرا من الحكومات العربية والخارجية والمنظمات الداخلية والخارجية، لم تعمل بإخلاص من أجل أن تكون الوحدة خيارا جاذبا لأهل الجنوب، مضيفاً:"كان لدينا 6 سنوات كان يمكن خلالها أن نفعل الكثير، ولكن الآن نبكى على اللبن المسكوب"، معتبرا أن عددا من الدول العربية لم تبذل الجهد الكافى للقيام بالعمل المنوط بها من أجل "وحدة السودان"، محمّلا المجتمع الدولى الذى لم يف بالتزاماته التى أقرها فى مؤتمرى أوسلو وباريس المسئولية الرئيسية فى الوضع الحالى، مؤكدا أن المليارات التى لم يقدمها المجتمع الدولى للجنوب كان يمكن أن تجعل الوحدة خيارا جاذبا.
وأكد "حسنى" على أن جامعة الدول العربية ستحترم إرادة الجنوب سواء كانت انفصالا أو وحدة، فى حال ضمان نزاهة الاستفتاء، وأنها سترسل بعثة كبيرة من 80 دبلوماسيا سيركز أعضاؤها على استفتاء 9 يناير المقبل، وأن هذا الوفد سيقدم تقريره إلى أعلى سلطة فى الدول العربية.
وقال: "بعد 9 يناير أمامنا فى حال الانفصال 6 أشهر كفترة انتقالية، علينا أن نجعل العلاقات بين الجنوب والشمال والدول العربية قوية ومتينة، وسنركز على المشروعات التنموية، وعلى علاقات عربية من منطقة الجنوب باعتبارها منطقة تمازج عربى وأفريقى".
فى المقابل، أكد السفير "الطيب أبو القاسم" القائم بأعمال سفارة السودان فى القاهرة، أن دولته تعمل بكل جهد من أجل وحدة السودان قبل الوصول إلى صناديق الاقتراع، وقال "تحاربنا لفترات طويلة مع الجنوب بشجاعة، ووقعنا اتفاقية سلام بشجاعة ونفذناها بكل جدية واهتمام".
إلى ذلك، أشار الدكتور محمد أبو العينين، عميد معهد الدراسات العربية والأفريقية ورئيس المؤتمر، إلى أن المصريين والسودانيين يواجهون حدثا فاصلا، أصعب خياراته المحتملة هو الحرب الأهلية، من جديد، بما يهدد بأوضاع سيئة تعود بالسلب على الجميع، مشدداً على ضرورة الوقوف لتجنب هذا الخطر.
وأضاف أبو العينين أن خيار "الانفصال" من خلال استفتاء نزيه شفاف هو الخيار "الأبغض"، قائلاً: "هذا الخيار يمثل الحالة الأبغض لأنه لا توجد دولة تفضّل الانقسام والانفصال، ونحن فى مصر لدينا حساسية خاصة أننا ذقنا مرارته من قبل عند الانفصال عن السودان، وبعدها عن سوريا".
ودعا أبو العينين إلى ضرورة العمل من أجل وحدة السودان بكل السبل والطرق، كما دعا إلى ضرورة تحقيق الوحدة الكونفيدرالية بين مصر والسودان.
مسئول بـ"جنوب السودان" يؤكد اتجاه حكومته للانفصال عن الخرطوم ويتعهد بعدم المساس بحصة مصر من "النيل"..وأبو الغيط يطالب باستفتاء عادل.. والجامعة العربية "تأسف" لعدم بذل الجهد اللازم لتجنب الانقسام
الإثنين، 13 ديسمبر 2010 12:07 ص
جانب من مؤتمر "العلاقات المصرية السودانية" الذى عقد صباح اليوم بالقاهرة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة