حذر الروائى السودانى أمير تاج السر من هروب قراء الرواية، وذلك نتيجة لغزارة الفرص المتاحة للموهوبين وغير الموهوبين فى كتابة هذا الشكل من الأدب، وهو ما أدى إلى وجود مشكلة فى التلقى، فأصبح من الصعب أن يعثر الكاتب المبدع على قارئ جيد، مؤكدًا على أن ذلك سيؤدى إلى هروب قراء الرواية كما فرَّ قراء الشعر من قبل.
جاء ذلك خلال الندوة الثالثة التى عقدت مساء أمس، الأحد، ضمن فعاليات اليوم الأول لملتقى الرواية بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة، وشارك فيها السودانى أمير تاج السر، ود.عبد الحميد المحادين، والروائى محمد صلاح العزب، والروائية منصورة عز الدين، وحسن حمَّاد، وأدارها الناقد د.مصطفى الضبع، وحضرها عدد كبير من الأدباء والمثقفين ومنهم الروائى الكبير بهاء طاهر.
وقال أمير تاج السر إن الأزمة الحقيقية التى تعانى منها الرواية هى الكتابة، وركز فى كلمته حول "الرواية هل هى مشكلة كتابة؟ أم مشكلة تلق ونشر"، وأرجع ظاهرة هوس كتابة الرواية إلى عدة أسباب وهى الفراغ القاتل الذى تعيشه الأجيال الجديدة، والتى عانت من صعوبة التعليم والبطالة، ومن ثم لجأت إلى ملء ذلك الفراغ ولو بكتابة رواية، بالإضافة إلى انتشار دور النشر بطريقة "مرعبة" وسعيها الدائم لجنى أكبر قدر من الأموال وهذا ما حولها من مؤسسات ثقافية إلى مؤسسات ربحية لا تهتم سوى بالمال، قائلا: "عندما اطلعت على عدد من تلك التجارب الجديدة، اكتشفت أن غالبية أصحابها لم يقرءوا كتابًا واحدًا من قبل".
وتابع تاج السر "وساعد على ذلك أيضًا كثرة المواقع الإلكترونية والتى سهلت لكاتب الخواطر المبتدئ أن يصبح كاتبًا فى نظر الكثيرين".
وأدان د.عبد الحميد المحادين فى كلمته حول "الرواية ومشكلات التلقى" ما آلت إليه طرق بيع الكتاب فى مصر والعالم العربى، وطرحها بـ"أبخس" الأثمان على الأرصفة، واصفًا إياها وكأنها أحذية تُباع على الأرصفة".
وانتقد د.المحادين أداء بعض النقاد عندما يفسرون النصوص الأدبية، قائلا: "لو حضر المتنبى أحد دروس اللغة العربية فى مدارسنا واستمع لشرح قصائده لتبرأ منها واستنكرها، وذلك لأن كثيرا ممن يبنون شهرتهم على تفسير النصوص الأدبية هم فى الأساس بدون وعى".
وأضاف د.مصطفى الضبع معلقًا "برأيى أن الكتاب العربى سيظل طفلاً ضالاً، وأن النشر الإلكترونى هو المخلص للمثقفين"، مؤكدًا على أن أحد أهم مميزات النشر الإلكترونى هو الإمساك بأصحاب السرقات الأدبية التى يصعب الإمساك بها أثناء عملية البحث فى الكتب الورقية.
وأوضح محمد صلاح العزب فى كلمته حول "الرواية ومشكلات النشر" أن واقع الكتابة والنشر حاليًا أفضل بكثير من الصورة القاتمة التى كان عليها قبل سنوات، فأصبح القراء أحد المساهمين فى رفع مبيعات كتاب معين أو خفض مبيعاته.
وركز العزب على المشكلات الحالية التى تواجه الكتاب باعتباره سلعة، وأجملها فى عدة نقاط، وهى الإعلاء من قيمة الكتاب الشرائية على حساب قيمته الفنية، وظاهرة دور نشر "بير السلم"، والكتابة وفق "كتالوجات" الجوائز الجديدة، واستسهال كتابة الرواية وهجرة الجميع نحوها، والرقابة الخماسية والمتمثلة فى (الذاتية من الكاتب، ومن الناشر، ومن عامل المطبعة، والحكومة ومسؤولى المعارض، ومن المتلقي)، بالإضافة إلى غياب النقد والصحافة الثقافية، وفساد المؤسسات الثقافية.
وأشارت منصورة عز الدين فى كلمتها حول "الرواية وغواية الأعلى مبيعاً" إلى دور بعض المكتبات التى ساهمت بشكل ملحوظ فى رفع حجم القراءة فى مصر وجذب شريحة من الطلاب لقراءة الأدب العربى، كما ساهمت فى رفع مبيعات بعض الكتب".
وعارضت منصورة دعوة بعض الناشرين للكاتب بالنزول إلى مستوى القارئ العادى حتى يباع الكتاب، متسائلة "لماذا نتحدث دائمًا باسم القارئ ونصرُّ على أنه لا يفهم، ونتخذ من ذلك حجة لنا لنقدم كتابة سيئة؟"، مضيفة "على الكاتب الحقيقى أن ينهض ويعلى من وعى القارئ لا أن يدعوه لقراءة أدب مبتذل".
وختمت عز الدين كلمتها قائلة: "أتمنى أن يكون لدينا فى مصر مشروعات ثقافية جديدة مثلما يحدث فى أبو ظبى وأن تتم تربية الأطفال على القراءة".
وركز د.حسن حمَّاد فى كلمته حول "مستقبل الرواية العربية فى اللغة الألمانية" على أهداف الترجمة والتى دائمًا ما تكون سياسية، مؤكدًا على أن الغرب يتعامل مع الترجمة من خلال نظرية "ثقب الباب" والذى ينظر من خلاله ليرى مساوئ العرب.
موضوعات متعلقة:
عصفور يفتتح ملتقى الرواية بالوقوف دقيقة حدادا
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=317707&SecID=94&IssueID=144
فيصل دراج: القمع السياسى ساهم فى تطور الرواية العربية
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=317770&SecID=94&IssueID=0