اهتمت الصحف العالمية الصادرة اليوم الأربعاء، بالتعليق على نتائج الانتخابات البرلمانية فى مصر، واعتبرتها جميعها نذيراً لما ستكون عليه انتخابات الرئاسة المقرر إجراؤها العام المقبل، وذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن النتيجة التى أسفرت عنها الجولة الأولى من الانتخابات، والتى منحت الحزب الوطنى فوزاً ساحقاً، وعرضت أكبر حركة معارضة، وهى جماعة الإخوان المسلمين لهزيمة منكرة، كانت متوقعة ولا تدعو للدهشة.
ولكن ما يدعو حقا للدهشة، أضافت الصحيفة، هو الحصة التى استحوذت عليها الإخوان من مقاعد البرلمان، "صفر"، فالجماعة الإسلامية التى كانت تحظى بـ88 مقعداً فى انتخابات عام 2005، باتت لا تحظى بأى وجود سياسى، على الأقل فى الجولة الأولى من العملية الانتخابية، فى حين لم تحقق أحزاب المعارضة الأخرى سوى مكاسب ضئيلة على عدد صغير من المقاعد.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن هشام قاسم، الناشر الصحفى والمدافع عن حقوق الإنسان، قوله "على الأقل حاول أن تكون مبدعاً فى كيفية تزوير الانتخابات، وكنت أتوقع أن تحصل المعارضة على مقاعد أكثر فى البرلمان.. ولكن لا شىء يمكنه أن يدهشنى الآن".
ورغم أن هذه الأعداد من الممكن أن تتغير بالنسبة للـ26 مرشحاً التابعين للإخوان فى جولة الإعادة الأحد المقبل، إلا أن الجماعة وأحزاب المعارضة الأخرى على ما يبدو يرون أن النتائج الأولية تعكس نية الحزب الوطنى لتضييق الخناق على انتخابات الرئاسة العام المقبل، فى محاولة لاحتكار مقاعد مجلس الشعب الـ508.
ومن جانبها، أكدت الحكومة أن الانتخابات كانت نزيهة، لافتة إلى أنه تم استبعاد 1.4% من صناديق الاقتراع فى انتخابات الأحد الماضى. ونقلت الصحيفة عن سامح الكاشف، المتحدث الرسمى باسم اللجنة التى عينتها الحكومة للإشراف على الانتخابات قوله إن نسبة الإقبال كانت 35%، واشترك قرابة الـ14 مليون مصوت.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن الكثير من المصريين استقبلوا هذه الأنباء بشىء من الاستسلام، معتبرين العملية الانتخابية برمتها "مسرحية نتائجها معروفة مسبقا"، بينما أعرب آخرون عن دهشتهم لتحقيق الحزب الوطنى مثل هذا الفوز.
ومن جانبها، علقت صحيفة "الجارديان" البريطانية على نتائج انتخابات مجلس الشعب التى أجريت يوم الأحد الماضى، وقالت إن النظام القمعى بعث برسالة درامية إلى المجتمع الدولى بشأن عزمه تخطى أى تحديات لسلطاته بعد الانتخابات التى تم فيها القضاء على المعارضة بشكل رسمى.
وتحدثت الصحيفة عن العنف الذى شهدته الانتخابات، وقالت إن النتائج، التى وصفها المراقبون المحليون والدوليون بأنها "مذهلة" فى مستويات التزوير التى شهدتها، تشير إلى أن الحزب الوطنى فاز بـ 96% من المقاعد، فى حين من المحتمل ألا يحصل الإخوان المسلمون على أى مقعد على الإطلاق.
واعتبرت "الجارديان" أن هذا النوع من التزوير سيسبب على الأرجح حالة من "الذعر" فى العواصم الغربية، فى ظل وجود ضغوط قوية على الرئيس حسنى مبارك لتطبيق الإصلاح الديمقراطى.
ورأت الجارديان أن نتائج الانتخابات تمثل صفعة على وجه إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما بشكل خاص، والتى مارست ضغوطاً على مصر فى الأسبوع الماضى لضمان أن تكون هذه الانتخابات ذات مصداقية.
ونقلت الصحيفة عن شادى حميد مدير الأبحاث بمركز بروكنجز قوله "كنا نعلم أن الأمور ستكون سيئة، لكننى لا أعتقد أن أحداً كان يدرك أن الأمور ستكون بهذا القدر من السوء". وأضاف أن مصر كانت ضمن صفوف أكثر دول العالم استبداداً، لكنها الآن تتحرك نحو الديكتاتورية.
ويمضى حميد فى القول إن نتائج الانتخابات تشير إلى أن النظام مرعوب من انتقال الحكم، وليس فى مزاج يسمح له بمواجهة أى مصادفة تتعلق ببقائه، فى الوقت الذى تدخل فيه مصر واحدة من أكثر الأوقات تحدياً فى تاريخها الحديث.
ويؤكد الباحث المصرى أن مستويات القمع فى مصر لم تصل أبدا من قبل إلى ما يحدث فى سوريا أو تونس أو العراق. فكان هناك دائماً حرص على الاحتفاظ ببعض المظاهر السطحية للديمقراطية، لكن الانتخابات الآن ترسل رسالة قوية بأن المعارضة لن يتم التسامح معها، وتعد الانتخابات دليلاً على أن الزمرة الحاكمة ليست لها مصلحة فى تهدئة المجتمع الدولى.
ومن ناحية أخرى، اعتبرت صحيفة الفايننشيال تايمز تعبير الولايات المتحدة عن استيائها من الانتخابات البرلمانية فى مصر الأحد مجرد انتقاد خفيف جداً للواقع الذى وصفته الصحيفة البريطانية بأنه "مهزلة".
وقالت الصحيفة أنه بعد خمس سنوات من انتخابات برلمانية كانت عادلة إلى حد ما، عادت البلاد الأسبوع الماضى بمهزلة انتخابية لن تخدع المصريين ولا الحلفاء الدوليين. وأضافت، بالتأكيد بعد كل الحيل التى اتبعها النظام بدءاً من فرض القيود على الإعلام وغيره قبيل الانتخابات مروراً بالتخويف وحتى مضايقة المرشحين يوم الاقتراع، فإنه النظام المصرى يمكنه أن يزعم الفوز الساحق، لكن النتيجة الرسمية لا تعكس حقيقة واقعة.
وتوضح أن حجم الإقبال على التصويت يرثى له، والذى يقدره جماعات المراقبة وحقوق الإنسان بأنه لا يزيد عن 10%، مما يؤكد عدم ثقة المصريين فى النظام الانتخابى. وتؤكد الفايننشيال أن النظام يشعر بالضعف، ولذلك فهو غير مستعد لتحمل أى معارضة، حتى أنه يعرقل عمداً ظهور أحزاب علمانية مستقلة قادرة على التنافس. وترى أن تراجع الحريات الديمقراطية يقوده حاجة النظام إلى إحكام السيطرة على المجال السياسى.
توابع نتائج الانتخابات فى الصحف العالمية.. "نيويورك تايمز": فوز "الوطنى" كان متوقعاً ولكن "صفر" الإخوان يدعو للدهشة.. و"الجارديان": النتائج تمثل صفعة على وجه أوباما
الأربعاء، 01 ديسمبر 2010 04:52 م