بعد انتخابات الكونجرس الأخيرة سادت نغمة بين الناخبين الأمريكيين عن الحاجة إلى مراجعة كل ما قام أوباما خلال أول عامين من حكمه فهل يريدون أيضا إغلاق انفتاحه على العالم الإسلامى؟
قبل الإجابة على هذا السؤال بدورنا يجب علينا أن نجيب على سؤال آخر.. ما الذى فعلناه نحن (المسلمين) للحفاظ على السمعة والشراكة مع الولايات المتحدة، ولإنقاذ التزامنا ببناء الثقة والتعاون القائم على الاحترام وصقله ودفعه إلى الأمام؟
من هنا تأتى أهمية الدور الذى يمكن للمؤسسات الإعلامية أن تلعبه ويتمثل فى خلق مناخ من الثقة وإنتاج مضمون إعلامى يربط فيما بيننا، فهل نستطيع أن نستمع إلى بعضنا البعض بشكل هادئ ومحاولة كسر هوة سوء الفهم القائمة، وهل نستطيع إظهار الاحترام المتبادل حتى عندما نختلف؟ هل يمكن أن نبحث معا عن أرضية مشتركة؟
إن على وسائل الإعلام مسئولية كبرى إزاءنا نحن فى العالم الإسلامى لإيضاح وإظهار الاختلافات والتعددية داخل هذا العالم نفسه، ولا أقصد هنا الخلافات المزمنة بين السنة والشيعة أو بين المذاهب الصوفية المتنوعة، ولكن الاعتراف والتأكيد على التباين بين المذاهب السياسة ومن ثم لابد من التسليم بأن تركيا بلد علمانى، وإن كانت حكومتها ذات توجهات إسلامية وأندونيسيا بلد مسلم، ولكنه بلد ديموقراطى، كما أن هناك الملكيات والإمارات فى الخليج وهى دول أحادية التوجه، كلهم لديهم ما يجمعهم، كما أن هناك أيضا ما يفرقهم، وإذا ما قبلنا هذا بيننا فحينئذ نستطيع التوجه إلى امريكا مسلحين بثنائية رائعة، تعددية سياسية وعالم إسلامى واحد.
لا بد لنا من إظهار استعدادنا للتكيف مع التحولات الحادثة فى العالم الذى يمكنه أيضا الاستفادة من تراثنا الثقافى والعلمى والتاريخى والاجتماعى، ومن الأهمية بما كان أن نبدى استعدادا لأن يستفيد العالم من خبراتنا هذه، وأن نشرك الأمريكيين فى تجاربنا وبهذا يتعلم ويستفيد كل طرف من الآخر، ونظهر أن العالم الإسلامى يمكنه مواجهة الأخطار، و قبول التحدى لحل مشكلاته من نقص فى المياه والارتقاء بالصحة العامة إلى المستويات العالمية، ومحاربة الإرهاب وقضية التحولات المناخية وهى القضايا التى تهم دول العالم اليوم.
إن بناء عملية التعاون الوثيق واستمرارها تتطلب منا تجنب الانزلاق إلى التبسيط أو المغالاة لأن كلا الاتجاهين لا يعبران بشكل حقيقى عما نقوم به أو لماذا نقوم به، وفى أى اتجاه نسير والإجابة على كل هذا لا بد أن تصب فى اتجاه واحد غايته تحقيق السلام والرفاهية لكلا الطرفين.
وفى نفس السياق يجب علينا أن نساند تلك المؤسسات التى تعمل على التقارب بين الغرب والعالم الإسلامى مثل مؤسسة عالم واحد، والبحث عن أرضية مشتركة، ومؤسسة الإمارات الإنسانية، ومؤسسة الولايات المتحدة والعالم الإسلامى، وغيرها الكثير.
وثمة حقل ألغام آخر يجب أن نعمل معا على إفراغه من هذه الألغام وأعنى هنا قضية الأمن ليصبح حقل تعارف وتقارب بيننا لا مكانا للمواجهة.
وعلى الميديا أن تولى أهمية قصوى للقضايا المشتركة التى تستطيع فتح الأبواب على العالم الغربى مثل قضايا حقوق الإنسان واستقلال القضاء وحرية الصحافة، وعلينا أن نبين للمجتمع الدولى أننا نقف على مسافة واحدة من هذه القضايا وأننا لسنا أقل اهتماما منه بهذه القضايا.
وفى نفس الوقت علينا أن نعلن بكل حزم رفضنا لاستمرار العنف فى العراق والحرب فى أفغانستان والموقف الحازم هنا لا يكون فقط بالكلمات، ولكن بالعمل السياسى والمشروعات الإعلامية التى تؤمن أن الحرب يجب أن تتوقف، وأن الرابح من جهودنا الدبلوماسية والاقتصادية فى النهاية هو السلام.
إننا فى العالم الإسلامى ننتظر من الولايات المتحدة تحقيق العدل والحقوق المشروعة للفلسطينيين ولنا كل الحق فى ذلك وفى المقابل فإن على العالم الإسلامى الاعتراف بإسرائيل وأمنها، ونرى أن المبادرة السعودية للسلام تحقق تلك المعادلة والوقت مناسب الآن للتعامل معها بنوايا خالصة، بدلا من محاولات الالتفاف عليها لإفراغها من مضمونها.
لقد كانت الآمال عالية حين جاء أوباما إلى القاهرة فى عام 2009 ودعوته للتقارب وإقامة جسور الحوار بين أمريكا والعالم الإسلامى، فلنظل متمسكين بهذا الأمل ولنقم بواجبنا أيضا ونقابل الولايات المتحدة وأوباما هذه المرة فى منتصف الطريق.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة