من بين 444 مقعدا تجرى عليها انتخابات مجلس الشعب المقبلة رشح الحزب الوطنى الحاكم مرشحين أو ثلاثة أو أربعة لكل مقعد، فى إجراء سياسى هو الأول من نوعه فى الحياة الحزبية، ليس فى مصر وحدها وإنما فى أرجاء المعمورة، وربما خارجها لو ثبت أن هناك حياة أخرى خارج كوكب الأرض.
ولا أدعى أننى سياسى مخضرم، لكن بعض الخبرة العملية على الأرض، والقراءة السياسية المتعمقة، وحتى دبلوم السياسة الذى حصلت عليه بعد الجامعة لم يساعدنى فى فهم ما أقدم عليه الحزب الوطنى، الذى ابتدع نظرية جديدة فى العمل السياسى حصل على براءة اختراعها، وعليه تسجيلها دوليا، قبل أن تلطشها أحزاب أخرى فى مختلف أنحاء العالم.
أبسط قواعد السياسة العامة تقول إن الحزب عليه اختيار مرشح واحد لكل مقعد، وفى بعض الأحيان تترك أحزاب مقاعد لا ترشح عيلها مرشحين رسميين، إما لأن هناك شخصية حزبية أو قومية تحظى بإجماع وطنى، أو لأن مرشح الحزب لا يمتلك فرصا كبيرة فى الانتخابات، أو حتى ترك بعض المقاعد خالية لإمكانية التنسيق السياسى مع مرشحين او أحزاب فى دوائر محددة بعينها.
ويفترض فى أى حزب أنه يمتلك آليات واضحة ومحددة لاختيار مرشحيه للانتخابات العامة، فبعض الأحزاب تلجأ للتصويت الداخلى، والبعض الآخر لقياس شعبية المرشحين، لكن فى النهاية تصدر ترشيحات محددة وغير مفتوحة ولا ينافس حزب نفسه فى دائرة واحدة.
وفى تصورى المتواضع أن هذه الترشيحات المتعددة على المقعد الواحد هى نتاج عدة عوامل قد يكون أى منها هو السبب أو تلك العوامل مجتمعة ومن أبرزها:
1- يخشى الحزب الوطنى من انشقاقات كبيرة بين صفوفه إذا استقر على مرشح واحد داخل كل دائرة، فتفادى المشكلة بتصديرها للشارع ليحسم اى مرشح يختار.
2- قد يعنى هذا التعدد أن الحزب لا يملك آليات حقيقية لقياس قدرة المرشحين وإمكانيات كل مرشح وكتله التصويتية.
3- ربما يعكس هذا الاختيار أيضا حالة من الصراع الداخلى بين مراكز صناعة القرار الحزبى، فارتأت قيادة الحزب، جمع ترشيحات جميع الأجنحة حتى لا تغضب أحدا.
وبعكس ما يرى مسئولون فى الحزب من أن تعدد المرشحين على المقعد الواحد تكتيك جديد يربك الخصوم أعتقد أنه يضعف مرشحى الحزب، ويجعل المنافسة بينهم مشتعلة لحساب مرشحين منافسين، مما يعنى أن خسائر الاختيارات المتعددة قد تكون أكثر من المكاسب التى يرى قادة الحزب الوطنى أنهم سيحققونها.
عموما يبدو أن الحزب الوطنى قد اختار مرشحيه على طريقة فؤاد المهندس فى مسرحية سك على بناتك.. بلاها نادية خد سوسو، فإذا لم يعجبك المرشح الوطنى الفلانى.. خد المرشح الوطنى العلانى.. لكن المشكلة أن فلان وعلان سيذبحان بعضهما البعض لصالح المنافسين!!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة