كثيرا ما نشعر بالضيق من أحداث كثيرة حولنا تجعلنا فى حاجة للموت لا للحياة . فكل ما حولنا يدعونا للتشاؤم والإحباط أما فى أناس نراهم اقرب الينا من سواهم إذ بنا نستيقظ على وجوهم البغيضة ونفوسهم المريضة بطعنة فى ظهورنا، وأما فى نفوسنا التى غالبا ما تقودنا للهلاك بسبب طمعنا أو خوفنا أو جهلنا.
أصبحنا لا نثق حتى فى أنفسنا فى ظل ذلك الجوالخبيث الملىء بالفساد وسيطرة القوى على الضعيف وكره الضعيف للقوى، فقدنا كل معانى الحياة والأمل، فقدنا تعاليم ديننا، فقدنا حضارتنا، أصبحنا أناسا بلا ملامح لا نستطيع التفرقة بين الطيب والخبيث، فقد أصبح مجتمعنا مجتمعا مظلما بفسادة وكثرة الظلم، فيه ترى الظلام يملأ حياتنا فى تعامل الناس مع بعضها البعض، فى كثرة الفقر والتشرد فى الوجوة العابسة الحزينة.
أصبح الهم يملأ الصدور والحزن يطفى العيون والخوف يميت القلوب.
أصبحت أخاف من كل شىء حولى، أصبحت أخاف أن أكون الأخ الذى باع أخاه فى طريق الثروة، أو الصديق الذى خانة صديقه فى طريق السلطة أو أكون ذلك الغريق فى عبارة السلام، أو ضحية قطار الصعيد، أصبحت أخاف لمجرد أنى مصرى بل لمجرد أنى إنسان.
لماذا وصل بنا الحال إلى هذا؟ لماذا أصبحنا كالأشباح لا قيمة لنا ولا ثمن؟ من السبب فى ذلك؟ وإن كان هناك من هو سبب فى ذلك أين كنا نحن لنجعل غيرنا يتحكم فى مصيرنا ومصير أبنائنا؟ قد مر علينا مصائب وشدائد كثيرة ومع ذلك لم يتغير معدننا لما انقلب الحال فى هذا العصر فقط؟ هل العيب فى هذا الزمن أم العيب فينا؟ ماذا نقول لأبنائنا ونحن نسلم لهم مستقبلا مظلما وماضيا معيبا لاقيمة له، فقد أصبح فسادنا كالسوس الذى يضرب فى جسد أبنائنا. لابد أن نوقظ ذلك النائم المسمى بالضمير، الذى أخاف أن يكون قد مات، وقتها لن نستطيع إيقاظه، ونضيع فى أعماق الظلام الذى خلقناه بأيدينا.هل مازال هناك أمل فى المستقبل؟ هل مازال هناك شئ نقدمه لأبنائنا؟ على الأقل نترك لهم ولو ضوءا خافتا فى عمق الظلام ينير ظهورهم ويبصرهم مستقبلهم، ويكون هو طوق النجاة فى بحر الظلام ويكون الذكرى لنا عندهم التى تكاد تكون الوحيدة. يجب أن نبحث عن مخرج ، لنا عن مأمن لأبنائنا، عن مستقبل لماضينا. يجب أن نعيد الأخلاق الضائعة والانتماء المفقود والإحساس بالمسئولية، يجب أن نبدأ بأبنائنا الصغار الذى لم يصل اليهم الداء بعد، يجب أن نبنى فيهم الشخصية التى نستطيع العبور بها إلى مستقبل آخر نريده ونحتاج إليه بشدة، فهؤلاء الصغار هم الأمل الوحيد الباقى، يجب أنا نحاول أن نوفر لهم تعليما مناسبا وجوا صحيا وأقل ضروريات الحياة، وأنا واثق أنهم قادرون بهذه الإمكانيات البسيطة الوصول إلى ما نرجوه والوصول إلى الأفضل، ولكن المهم هى البداية.
يجب توفير جو ديمقراطى يستطيعون من خلاله تحقيق أحلامهم وإبداء آرائهم، يجب التفكير فى إعادة هيكلة كلية للدولة ومؤسستها، وإلغاء كثير من القوانين العرجاء التى تكاد تنهى حياة تلك الأمة بسبب بعد المنتفعين من فساد تلك القوانين، يجب تحرير أبنائنا من كل قيود الفساد وكل مايعركل المسيرة، وبعدها سنجد أنفسنا فى وضع مختلف تماما وفى وقت قياسى، فهيا لنبدا وأضعف الإيمان أن نحصل على شرف المحاولة قبل الموت والنسيان فى غياهب التاريخ.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة