يطل علينا أسبوعياً الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل من قناة الجزيرة، منذ ما يقارب الست سنوات، وهو لمن لا يذكر أو يعرف تاريخ الأستاذ، فهو من أبرز الصحفيين العرب والمصريين فى القرن العشرين، وكانت له الفرصة بملازمة جمال عبد الناصر، والحياة بالقرب منه ومتابعته على المسرح ووراء كواليسه.
وظل رئيساً لتحرير جريدة الأهرام 17 سنة، وفى تلك الفترة وصلت الأهرام إلى أن تصبح واحدة من الصحف العشرة الأولى فى العالم، كما رأس محمد حسنين هيكل مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم ومجلة روز اليوسف، كذلك فى مرحلة الستينات، كما عين وزيراً للإرشاد القومى عام 1970، وله العديد من المؤلفات والكتب بالعربية وغيرها من اللغات.
إن الكلام عن الأستاذ ليس مجاله هنا، لأن المكان يضيق بالحديث عن حياة الأستاذ الحافلة، ولكن يكفى أن يقول عنه أنتونى ناتنج، هو وزير الدولة للشئون الخارجية البريطانية فى وزارة أنتونى إيدن: "عندما كان قرب القمة كان الكل يهتمون بما يعرفه.. وعندما ابتعد عن القمة تحول اهتمام الكل إلى ما يفكر فيه"، على أى حال، وهى الكلمة الشهيرة للأستاذ، أنا بصدد الحديث عن جزء من حياته أو بالتحديد ما يمكن أن نستفيد من محاضرته الأسبوعية فى مجال التطوير والدعم الذاتى.
إنك عندما تستمع إليه تلاحظ عدة أشياء مجتمعة نحاول سرد أهمها هنا:
1- النظام:
إنك تلحظ أنه منظم جداً، بحيث لا يترك فرصة للفوضى أن تتسلل إلى عماله، لأنها، وأقصد الفوضى، من شأنها أن تتسبب فى الكثير من المشكلات وبالخصوص عند الحديث عن التاريخ والدبلوماسية، ومن شأنها أن تدخل الأحداث وتفقد الأستاذ المصداقية.
هذا النظام لا يأتى من فراغ أو فجأة، بل هو نتاج عمل طويل متصل وهو ما أوصل الأستاذ لأن يعرف أكثر وأن يتميز بعلومه وعلاقاته، وهو ما تحتاجه جدا فى كل شئون حياتك، بدءاً من المنزل وخزانة ملابسك مروراً بمكتبك ومكتبتك وعملك، ونتيجة النظام والترتيب سوف تلحظها جلية فى تطوير نفسك، وتحقيق نجاح فى الحياة العائلية والمهنية على حد سواء.
2- التدوين والكتابة:
فهو يقوم بكتابة كل ما يدرو فى خاطره ويدونه وهو ما يحمى ذاكرته من النسيان، جرب مرة أن تدون وتكتب مرة معلومة مهمة وضعها على مكتبك، وتعمد أن تكون فى طريقك، أى تقع فى يدك لعدة مرات خلال الأسبوع وصدقنى سوف لن تنسى هذه المعلومة، بل قد تتذكر شكل الورقة المكتوبة فيها.
3- مراجع للمعلومات:
إنك تلحظ فى كلام الأستاذ اعتماده على مراجع صحيحة وتاريخية فى كلامه حتى فى كلامه عن علاقاته مع أشخاص شغلوا أماكن مهمة، وبنفس الطريقة، فأنت تحتاج إلى أن تراقب أقوالك، وأفعالك، وتعاملاتك مع الآخرين، وأن لا تأخذ فى تعاملاتك، وخصوصاً فيما ينقل لك كلاماً من مصدر واحد بل عليك أن تتحلى بتلك الفطنة والحكمة فى التعاطى مع ما يطرأ لك من مشكلات.
4- الثقة:
إنك تلحظ ثقة عالية ذات نبرة واضحة فى كلامه، تلك الثقة تأتى من معلومة صحيحة، وهى ما تطلب بالضرورة جهداً وعملاً كثيراً حتى يصل إليها، وأنت تحتاج إلى المزيد من العمل والمثابرة، حتى تصل لتك الثقة والتى لا تأتى بسهولة، فالعمالقة أصبحوا عمالقة بقدرتهم على المثابرة.
5- اللباقة فى الحديث:
أحياناً ما تلاحظه يتوقف عن الحديث لبرهة قصيرة، والتى تظهر بوضوح أنه يفكر لكى ينتقى أفضل تعبير عن أحد المواقف التى يتكلم عنها. أنت تحتاج إلى التدريب والتمرين حتى تفقد القدرة المكتسبة لديك منذ الطفولة أو على الأقل تتحكم فيها، وبالطبع أقصد القدرة التلقائية على الكلام والرد السريع، وهو أن أختلط بغضب، فأنت قد لا تعلم العواقب. فكر دائما قبل أن تتحدث لعدة ثوانٍ، ابدأ بثانيتين وزدها حتى تصل إلى خمس ثوانٍ وبالقدرة على التكيف سوف تنمو داخلك القدرة على التفكير الجيد قبل الحديث بغض النظر عن الثوانى.
6- العلاقات:
إن أكثر حديث الأستاذ هو عن علاقاته بأشخاص مختلفين، وعلى نطاق واسع، وهو ما وفر له الفرصة ليعمل الكثير، وربما لينفرد فى بعض معلوماته أيضا. كن واضحاً فى علاقاتك بالآخرين، وقيم تلك العلاقة جيداً واحرص على معرفة إمكانيات محيطك جيداً، وقم بتوسيع قاعدة معارفك.
على أى حالٍ، هذا ليس كل شىء، ولكن الخلاصة تتضمن أن تكون منظماً وأن تكتب ما يدور فى خلدك، وما تحتاج إنجازه فى وجود مرجعية واضحة لطريقك فى الحياة، وهى ما سوف تولد لديك الثقة فى المضى قدماً بقدرتك على اكتساب أصدقاء جدد، بحسن طريقة كلامك ولباقتك فى الحديث.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة