فى حياة كل منا لحظات نشعر فيها بسعادة تتملك كل وجداننا، لحظات تنساب كنسمة ربيع دافئة بعد شتاء طويل قارص البرودة, سعادة لا توصف عندما تجد من يقدر جهودك من أجل الآخرين من غير أن تسعى أنت إلى طلب أى شىء لأنك تقدم ذلك بكل المحبة والتقدير. ومن غير ما تشعر أن هناك من ينظر ويراقب عن كثب كل ما تقوم به من عمل وجهد وعرق. وبعد عدة سنوات تجد رسالة تأتى إليك عبر البريد الإلكترونى تشعر معها بهذا الفرح مع تكريم معنوى من الطراز الأول.
أحببت أن أكتب هذا الموضوع قرب حلول اليوم العالمى للتسامح فى 16 نوفمبر القادم، وهذا اليوم اعتبرته الأمم المتحدة منذ عام 1996 يوما تحتفل به دول العالم بأنشطة توجه إلى المؤسسات التعليمية وعامة الجمهور للتشجيع على التعاون والتسامح والاحترام والحوار بين الشعوب والثقافات المختلفة فى العالم بغية دعم تلك الممارسات والأفعال التى تحظر التمييز العرقى والدينى.
والحقيقة أن علاقة ما سأكتب هو قمة فى التسامح، ففى رسالة تلقيتها من مديرة الفرع الإقليمى لشمال أفريقيا بالقاهرة لمنظمة المؤتمر الإسلامى الأمريكى تخبرنى فيها باختيارى كشخصية العام "كمحاربة من أجل حرية العقيدة"، باعتبار أننى فى الأعوام الماضية دافعت عن حرية العقيدة وحقوق المواطنة, وكما قالت داليا زيادة، مديرة المنظمة، بأننى شاركت معهم ومجموعة من المصريين ذات خلفيات دينية وثقافية واجتماعية مختلفة فى حملة سلمية باسم "محاربون من أجل حرية العقيدة" فى محاولة لتشجيع المصريين من مختلف الطوائف الدينية أن يتحدثوا بصراحة عن مشاكلهم وأن يناقشوها معًا, وخلق مناخ صحى للحوار بين الأديان كخطوة أولى نحو إنهاء التوتر الطائفى فى مصر وتوفير الاحترام والحقوق والكرامة الإنسانية لكل مواطن مصرى بغض النظر عن انتمائه الدينى، من منطلق حق المواطنة الذى يكفل لنا جميعًا المساواة فى كافة الحقوق والواجبات. وشاركت أيضا معهم فى مؤتمرات عن المرأة المسلمة المعاصرة فى الوطن العربى ومهرجانات سينما حقوق الإنسان.
وهذه المنظمة غير الحكومية تسعى لنشر ثقافة التسامح وقبول الآخر وإظهار الروح الحقيقة للدين الإسلامى الحنيف وأيضا للعمل على دعم حقوق المرأة والطفل بالوطن العربى, وقامت بمبادرة من مسلمين أمريكيين فى أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، لتساهم فى تحسين صورة المسلمين فى الغرب. والتأكيد على وجود تنوع هائل فى المجتمعات الإسلامية فى جميع أنحاء العالم, والمساهمة فى بناء مجتمعات متعددة الأديان ومزدهرة بالحريات فى كل دول العالم.
إن هذه الجائزة وسام على صدرى وتمثل لى حافزا على المزيد من العمل، خاصة وأنها جاءت من منظمة إسلامية, فقد شاركتهم على مدار ثلاث سنوات بالعمل من أجل خدمة مصر سويا بعيدا عن التعصب واختلافات الرأى، مما سيشجعنى للمزيد من العمل التطوعى فى الفترة المقبلة، فى كل ما يساهم فى إرساء السلام والعدل والتسامح وحقوق المرأة والطفل. فالأعمال الإنسانية تذيب الفوارق لأن أى عمل يؤدى بروح الخدمة هو كفيل بمحو جميع أنواع التعصبات من أى أصل كانت.
لذا أوجه الشكر إلى العاملين بمنظمة المؤتمر الإسلامى الأمريكى من خلال مكتبها الإقليمى بشمال أفريقيا, لإعطائى هذه الجائزة والتى تهدى لأول مرة فى تاريخ المنظمة.
وأوجه ندائى إلى وزير التعليم بتفعيل اتفاقية الأمم المتحدة للتسامح بتعزيز ثقافة السلام والتسامح القائمه على احترام حقوق الإنسان والتنوع الدينى من خلال برامج التعليم الابتدائى والمقررات الدراسية حتى يشب جيل جديد من الأطفال غير المتعصبين لا يدخل قلوبهم الصغيرة البريئة أى لمحة تمييز ضد بعضهم البعض بل تتشابك أيديهم النضرة بالأمل والوحدة والتعاون والعمل المشترك من أجل كل المجتمع فالتسامح يعنى السلام الاجتماعى.
وأن تتبنى وزارة الإعلام إلقاء الضوء على يوم التسامح العالمى وكيفية تفعيل روح التسامح فى المجتمع وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف فئات المجتمع من خلال البرامج الحوارية والمسلسلات والأغانى، فالفنون دائما هى أبسط وسيلة لإيصال الكلمة الطيبة لأنها أيضا تدخل إلى بيوتنا بكل سلاسة ويسر.
وكذلك أوجه نداء لقادة ورؤساء دول العالم أن يساهموا بالقدر الذى يسمو بالبشرية إلى قمة العدالة الاجتماعية من خلال ترسيخ السلام والتسامح والمحبة والعمل التطوعى الجماعى لخدمة المجتمعات والدول بل وكل العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة