وائل السمرى يكتب: من هويدى لمهرجان أبو ظبى

الجمعة، 05 نوفمبر 2010 09:34 م
وائل السمرى يكتب: من هويدى لمهرجان أبو ظبى فهمى هويدى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصادفة، قرأت مقالا للكاتب الكبير فهمى هويدى فى جريدة الشروق بعنوان "مهرجون يلعبون فى الوقت الضائع" كان المقال يحلل ويشرح ويفند حالة التجبر الإسرائيلية، وما يصاحبها من خنوع عربى مقيت، هويدى "كعادته" استند فى مقاله على ما جمعه من الصحف بمهارة وقدرة واقتدار، معلومة من هنا، وتصريح من هناك، ورؤية ثاقبة من عنده، فاتضحت الصورة، مقال هو أشبه باللوحة الفنية التى تعتمد على تقنية الكولاج، جمعت ما تناثر، ووركزت على ما قد يتوه عن البال، فكان الناتج مشهدا متكاملا من النقصان الموجع، والخذلان المستفز.

شرح هويدى كيف نشارك فى خداع أنفسنا، ونمهد الطريق لأعدائنا، فإسرائيل فعليا لم تعد بحاجة إلى السلام، لأنها حلت مشكلتها الأمنية بطريقتها، ولكنها تحتاج للمماطلات التى تسميها "مفاوضات" لتحمى صورتها الخارجية من الضغوط والاستهجان العالميين، ولتتثب أنها لسيت عدوة للإنسانية، ولا مبيدة الشعب الفلسطينى، ولتنفى عن نفسها شبهة العرقية والعنصرية، وفى ذات الوقت تحاول تذويب وتدجين عرب 48 لتقضى على الوجود العربى داخلها بالشكل الذى يحميها من أن تكون دولة ثنائية القومية، وتتمادى فى ممارسة عنصريتها بما يخالف كل المواثيق والأعراف الدولية التى تكفل لكل فرد حرية الفكر والعقيدة، بمحاولة تمرير 15 قانونا عنصريا وطائفيا، لتنزع الهوية العربية عن عرب الداخل.
إسرائيل انتهت بالفعل من عملياتها العسكرية، ومن عمليات السلام، ولم يبق لها إلا أن ترتب البيت الإسرائيلى من الداخل، لتنقى نفسها من كل ما له علاقة بالعرب والعروبة، ولتمحو نهائيا مشكلة فلسطين، وفى ذات الوقت تضمن لنفسها السلامة والأمان، وتطمئن إلى أن وجود العرب على أراضيهم لن يزيد على وجود الخدم ببيوت الأسياد، ولهذا كما يقول هويدى سعت إلى سن مجموعة من القوانين تضمن لعنصريتها الاستمرار والتقدم، عن طريق اشتراط الولاء للدولة "اليهودية" كشرط أول للمواطنة، ومنع التحريض أو المشاركة فى إحياء ذكرى النكبة، ويذكر هويدى نقلا عن حوار أجرته النائبة العربية فى الكنيست حنين الزعبى مع جريدة الحياة أن حركة "شاس" تعد قانونا، يقضى بإسقاط حق المواطنة عن كل من يثبت عدم ولائه "وخيانته" للدولة الصهيونية، وهو ما يعنى أن أكثر من مليون ونصف المليون فلسطينى فى أراضى 48 سيصبحون عرضة لسحب الجنسية والهويات منهم ومنعهم من مواصلة حياتهم على أرضهم، وسحب الامتيازات من النواب العرب بسبب مواقفهم السياسية واعتبار الحركة الإسلامية الشمالية تنظيما ممنوعا، ومنع النقاب، وإزالة ذكرى النكبة من برامج التعليم، وحظر إحياء فعاليات النكبة، ورفض السماح بسكن أى شخص لا تتلاءم أفكاره مع "فكرة نشوء البلدة الصهيونية" وحظر إعطاء إذن لإقامة جمعية لا تتلاءم مع سياسة الدولة، وغلق أى جمعية تقف خلف الدعاوى القضائية التى يرفعها العرب ضد الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية، والعمل على خفض نسبة فلسطينيى 48 من 20 فى المائة اليوم إلى نحو 5 فى المائة لإبعاد ما يسمى شبح "التوازن الديموجرافى وتحول الدولة"، بالإضافة إلى موافقة الكنيست على قانون "لم الشمل المؤقت" الذى يمنع الفلسطينيين من الحصول على حق الإقامة فى أراضى 48، أو الحصول على الجنسية الإسرائيلية من أزواجهن أو زوجاتهم من فلسطينيى 48، وكذلك قانون "أملاك الغائبين" فى القدس المحتلة، الذى استهدف بسط سيطرة إسرائيل على آلاف الدونمات والعقارات والأبنية التى تقدر قيمتها بمئات المليارات من المناطق التى احتلت سنة 1967، ويعقب هويدى على هذه القوانين قائلا: هذه الحزمة من القوانين والإجراءات تستهدف شيئا واحدا هو اقتلاع الفلسطينيين و"تطهير" إسرائيل من الوجود العربى لتثبيت "نقائها" للشعب اليهودى.
كل هذه الممارسات العرقية والإجرامية التى تمارسها حكومة اليمين الإسرائيلى المتطرف، بقيادة نتنياهو وتابعه المجرم ليبرمان، تأتى فى ظرف عالمى حرج، تفتر فيه عزيمة الإصلاحيين وتتعاظم قدرات المتطرفين، ومنذ أيام تلقى أوباما لطمة قوية بعد انهزام الديمقراطيين، وأصبح على حد تعبير الصحف الأمريكية بطة عرجاء، ومن المتوقع أن يأتى رئيس جمهورى للولايات المتحدة، ومعروف أن الجمهورييين كانوا إخوان الإسرائيليين، يناصرونهم ظالمين وناهبين وسارقين وقاتلين، وهذا الوقت بالطبع هو فرصة اليمين المتطرف إسرائيليا، ليمرر كل مشاريعه العنصرية ويضرب بالمواثيق الدولية عرض الحائط، وأتت بوادر هذا فى فشل مفاوضات السلام الأخيرة، ورفض إيقاف الاستيطان، وتحدى كل مشاريع السلام المتفق عليها.
انتهت اللعبة، ولم يبق لإسرائيل إلا أن تعلن وجودها الشرعى القوى، ولا يؤرقها فى هذا إلا وقوف المثقفين العرب ضد أفكارها واستعمارها وبجاحتها، ومقاطعتهم المتحضرة لكل أشكال التطبيع الثقافى، فهل كانت إدارة مهرجان أبو ظبى السينيمائى الدولى تعى خطورة دعوة منتجة إسرائيلية لحضور فعاليات المهرجان؟ وهل كانت تعى أن هذه الخطوة ترسخ أقدام إسرائيل القذرة فى بيوتنا وعقول أطفالنا؟ وهل تنازلت الإمارات عن وجهها الثقافى والتنويرى الذى نحب أن نراه مزدهرا وولت وجهها شطر إسرائيل؟ أسئلة أتمنى أن يجيب عنها مهرجان أبو ظبى ويخرج من صمته الذى لم يعد يجدى.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة