ما قام به اتحاد النقابات الفنية بالأمس يستحق التحية والتقدير، ويكشف مدى الإيمان العميق بجدوى المقاومة السلمية على الأقل فى مواجهة عدو متغطرس وطامع فى كل ما هو عربى، ولا يتوقف يومًا عن مواصلة التهامه للأرض.. فضلا عن التنكيل بأبناء الشعب الفلسطينى الأعزل.. إن التقصير فى مقاومة الكيان الصهيونى بكل الوسائل وفى مقدمتها المقاومة العسكرية، وكذلك المقاومة الثقافية يعد خيانة للوطن العربى والإسلامى ولكل القضايا الوطنية والتاريخية، ويمثل أى شكل من أشكال التطبيع ضوءًا أخضر للمغتصبين كى يمارسوا هواياتهم الأثيرة فى مص الدماء ونهب الحقوق وترسيخ الأقدام فى الأرض الشريفة وطرد أصحابها.
لا أظنه يغيب عن الخاطر ولا على المتابعين ذلك الخور الذى أصاب الموقف العربى المتخاذل، وهذا الاستسلام الممقوت لرغبات الصهاينة والأمريكيين بحجة التمسك بخيار السلام، ولا بد أن الكثيرين يلاحظون أننا فقط الذين اخترنا ورحبنا بخيار السلام، بينما البساط يسحب تمامًا من تحت أقدامنا وكل الأوراق تسلب منا يوما بعد يوم، والكيان الشائه لا يتوقف لحظة عن تنفيذ مخططه الاستعمارى من أجل محو فلسطين من الوجود، فهل عادت الأرض المسلوبة؟ وهل خرج من السجون آلاف الفلسطينيين؟ وهل أنقذ أحد أهل غزة من حصار مضت عليه سنوات من الحرمان والعنت ونقص كل مواد الحياة الضرورية؟ وهل توقفت الآلة الإسرائيلية المدعومة بالسلاح الأمريكى والإرادة الأمريكية عن قتل أهالينا؟.. عندما يتم ذلك فلا بأس من التطبيع وبدء عمليات السلام.
من هنا تتجلى قيمة ما فعله اتحاد النقابات الفنية، حيث اتخذ موقفاً حاسمًا من مهرجان أبو ظبى السينمائى، الذى تنظمه هيئة أبو ظبى للثقافة والتراث، التى استضافت منتجة بريطانية من أصول إسرائيلية ومنحتها جائزة "الجمهور"عن فيلم الغرب غربا" والعجيب أن الهيئة ذاتها سبق وأنتجت فيلمًا بعنوان "اللعبة العادلة" وقامت ببطولته الممثلة الإسرائيلية " ليزار شارهى".
ولذلك قامت النقابات الفنية المصرية بإصدار بيان يحظر التعامل مع هيئة أبو ظبى ومهرجانها، وكل من يتعامل مع الكيان الصهيونى يجب أن يشعر بفداحة ما يفعل وأن تقف له كل الجهات والهيئات بالمرصاد، وما دمنا نحرص جدًا وبشكل مؤسف على ما يسمى خيار السلام فليس أقل من استخدام القوة الناعمة لمقاومة صنيعة الاستعمار التى غرسها فى قلب الوطن العربى، حتى يظل جسده ينزف دمًا وأن يصبح مستقبل التنمية فيه دائمًا محل شك وتترصده العقبات والتحديات.
لا يتعين أن تكون هناك فيما يخص المقاومة بالذات مواقف فردية، إننا لذلك نناشد كل الهيئات والمؤسسات العربية والإسلامية أن تجتمع على قلب رجل واحد وأن تقاطع كل ما هو صهيونى، وأن تمارس المقاومة السلمية فى شتى تجلياتها كى لا تكافئ الآثمين وحتى لا تسمح للشر بالمزيد من الاستيطان والتغلغل.. ولننتبه إلى أن العدو نادرًا ما جاءنا من الخارج، ولكنه ينفذ غالبًا من داخلنا ويطل علينا من نوافذنا ويخرج علينا من جيوبنا وملابسنا ومن غرفنا.
موضوعات متعلقة..
"أبو ظبى" السينمائى يحتفى بفيلم لمنتجة إسرائيلية
منتجة بمهرجان "أبو ظبى" السينمائى: أفخر بأنى إسرائيلية
الأسوانى ينتقد مشاركة إسرائيلية بمهرجان إماراتى
مثقفون: مشاركة "إسرائيلية" بمهرجان أبوظبى "كارثة"
"النقابات الفنية" يحظر التعامل مع مهرجان أبو ظبى
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة