عطا درغام يكتب: عقول المصريين فى إجازة

الجمعة، 05 نوفمبر 2010 03:53 م
عطا درغام يكتب: عقول المصريين فى إجازة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أورد فؤاد قنديل فى كتابه (عوامل التقدم فى مصر) أهم المشكلات التى تعانيها مصر فى، ومن هذه المشكلات غياب العقل.

العقل هو المهندس الذى يستطيع به الإنسان أن يفكر ويتخيل ويبتكر، ويحلم دون أن تحده أية حدود........ والإنسان بدون العقل ليس أقوى الكائنات الحية، لأن فأرا يخيف بنى البشر، والقطة والكلب والثعبان تفعل ذلك، فما بالهم بالأسود والنمور والجاموس الوحشى والقطط البرية.

وفى حياتنا المصرية غاب العقل تماما وأصبح فى إجازة مفتوحة، وسيطرت العشوائية على معظم سلوكيات المصريين فى البناء والعمل، وتسيير شئون الحياة، وساد منطق الفهلوة وسيبها لله وقول يا باسط ويا عم مشى حالك وأمور أخرى تدعو إلى الاتكالية بصورة فجة دون الاعتماد على العقل والعمل، وسيطرت العشوائية والفهلوة على المصريين الذين يعرفون فى كل شىء، فتجد المصرى يفهم فى السباكة والكهرباء وتارة محللا سياسيا، وعندما تنبت له شعيرات فى ذقنه لا يشق له غبار فى الفتاوى الدينية.

واطلب لقبا يطلق عليك فى الحال، فليس هناك رابط ولا ضابط للألقاب قد تكون دكتورا بدون كلية الطب، وتحمل لقب مهندس ولا تحتاج لكلية الهندسة...فالسباك والنجار والخراط وسائر أصحاب الحرف مهندسون بدون كلية الهندسة، وأحيانا شيخا بمجرد بروز شعيرات لحيتك فى الوقت الذى يفنى طالب الأزهر عمره فى دراسة الدين.. ولا نريد أن نعترف بالتخصص (ادى العيش لخبازه) لأننا جهابذة نعرف فى كل شىء، ونرفض الاعتراف بالجهل، لأن الاعتراف به عار، فتسير الأمور فى مسار غير طبيعى، ويأتى غير المناسب فى مكان لا يستحقه بدون وجه حق، والمناسب فى مكان لا يتناسب مع مؤهلاته وإمكانياته التى قد ينفع بها فى مكان آخر.

ولقد نهض العرب والمسلمون عندما اعتمدوا على العقل سلاحا وأداة ووسيلة، وسادوا العالم ثمانية قرون من القرن السابع إلى القرن الرابع عشر الميلادى، وابتعدوا عن الخرافات والعشوائية التى سيطرت على أوروبا فى تلك الفترة، وانتقلت عدواها إلينا عندما غابت عقولنا وساد منطق العشوائية والفهلوة.

أما الآن فبرغم مفكرينا وعلمائنا والصحف فإن كل هذه الجهود تضيع هباء. فالعالم يتقدم من حولنا ويبدع كل يوم، ويغزو الفضاء ويصدمنا باكتشافات واختراعات وصناعات نعجز عن أن نجاريها أو حتى نحاول تقليدها، فنتفاخر للأسف بأننا نستهلك التكنولوجيا، ولكن أين كل ذلك..؟

هل نستطيع أن نصنع ماوس الكمبيوتر أو ماكينة الحلاقة، ولا حتى مشاية أطفال والكبريت، وبكل أسف سجادة الصلاة والمسبحة، وكذلك فانوس رمضان.

فنحن نضيع الوقت أمام التلفاز الذى لا يعمل إلا لصالح الإعلانات وتسويق منتجاتهم لنا والجلوس على المقاهى بالساعات، دون تقدير لقيمة الوقت وإهدارا لقيمة العقل.

والمتصفح للصحف المحلية على صفحة الحوادث سيجد العجب العجاب مما لا يصدقه عقل... أستاذ جامعى يبيع الامتحان..... مدير عام يقتل جاره... أب يغتصب ابنته... طلبة يغتصبون زميلهم... ابن يقتل والده المسن بسبب عشرة جنيهات.... أصدقاء يتبادلون نساءهم... وغيرها من أمور تنم عن أن هناك خللا فى المجتمع المصرى المتدين.

لقد غاب العقل من تصرفاتنا التى أصبحت عشوائية.. أين العقل؟ هل هو فى إجازة مفتوحة لن يرجع منها أبدا أم غياب مؤقت لن يستمر طويلا ويثوب الناس إلى رشدهم، ويواجهون الواقع بحلوه ومره...؟

فمصر ليست فى حاجة إلى هذا الغياب الطويل الذى سيطر على العقول، ونحتاج إلى أن نحكم العقل ونعود إليه... ومهما يحدث ويحدث فالمحن لا تكسرنا ولا تجعلنا نستكين... وبالرجوع لى العقل سنبدأ بالوقوف على الطريق الصحيح وتتقدم مصر.







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة