أثار اقتراب تنفيذ البنوك بنود وقواعد «بازل 3» مخاوف الكثير من المراقبين لسوق المال، خصوصا أن من أهم بنود هذه الاتفاقية قيام البنوك بزيادة رؤوس أموالها لتكون بحد أدنى 500 مليون جنيه، وهو البند الذى يمكن تنفيذه فقط من خلال الاكتتاب العام أو الاندماجات بين البنوك الصغيرة أو دخول مستثمرين ومساهمين جدد فى رأس مال هذه البنوك.. وهو الأمر الذى جدد المخاوف مرة أخرى على تأثير هذه الاكتتابات على البورصة، خصوصا فى البنوك التى يتم تداول أسهمها فى البورصة وعلى رأسها البنك التجارى الدولى صاحب أكبر وزن نسبى فى البورصة.
رانيا نصار، رئيس قسم البحوث فى المجموعة الاقتصادية، أكدت أن أى اكتتابات كبيرة بالتأكيد سيكون لها تأثير كبير على البورصة، خصوصا أن سوق المال المصرية تعانى منذ فترة من أزمات سيولة كبيرة كان من أهم أسبابها مجموعة من الاكتتابات التى قامت بها الشركات لزيادة رأسمالها، وهو ما جمد ملايين الجنيهات فى هذه الاكتتابات، وأثر تأثيرا كبيرا على حجم التداولات خلال الفترة الماضية.
وأضافت نصار أن ما سيزيد المشكلة فى حالة إقدام البنوك المدرجة فى البورصة بشكل جماعى على زيادة رؤوس أموالها عبر الاكتتاب هو أن البورصة مدرج بها حوالى 11 بنكا ومنها البنك التجارى الدولى وهو صاحب أكبر وزن نسبى فى السوق وبالتالى فأى اكتتاب فيه مثلا سيحبس ملايين الجنيهات فى هذا الاكتتاب لفترة لا تقل عن 3 أشهر، مشيرا إلى أنه رغم أن هذه الزيادات فى رؤوس الأموال والاكتتابات يمكن أن تدخل مستثمرين جددا للسوق وسيولة جديدة ولكن على المدى الطويل، لكن ذلك لن يحدث إلا بعدما تحدث هزة مضادة فى السوق «بسب نقص السيولة»، ولذلك لابد من أن تكون هذه الاكتتابات فى وقت مناسب مثل أوقات صعود المؤشر وليس فى أوقات ضعف وتراجع السوق.
أما محسن عادل العضو المنتدب لشركة بايونيرز لصناديق الاستثمار وخبير سوق المال فأكد أن الإصلاحات المقترحة بموجب اتفاقية بازل 3 تهدف إلى زيادة متطلبات رأس المال، وإلى تعزيز جودة رأس المال للقطاع البنكى حتى يتسنى له تحمل الخسائر خلال فترات التقلبات الاقتصادية الدورية، كما أن الانتقال إلى نظام بازل الجديد يبدو عملياً، إذ إنه سيسمح للبنوك بزيادة رؤوس أموالها خلال فترة ثمانى سنوات على مراحل، ورغم أن تبنى المعايير المقترحة سيتطلب من البنوك الاحتفاظ بنسب عالية من رأس المال وكذلك برأسمال ذى نوعية جيدة، فإن هذا الانتقال سيتم بشكل سلس بالنسبة للبنوك المصرية التى تتمتع برسملة جيدة، وهذا الأمر له مدلولاته الإيجابية للاقتصاد المصرى وسوق الأسهم فى البورصة، ولفت إلى أن تأثير الإصلاحات المقترحة على القطاع البنكى المصرى من المحتمل أن يكون محدودا، نظراً لأن القطاع يتمتع حاليا بمستوى جيد من كفاية رأس المال.
وأضاف عادل أن البنوك فى مصر ظلت تحتفظ بنسبة أكبر من نسبة رأس المال المطلوبة من قبل البنك المركزى واتفاقية بازل 2، حيث كانت نسبة كفاية رأس المال (معايير بازل) للنظام البنكى كله أكثر ارتفاعا من متطلبات معايير بازل 2 التى حددت نسبة 8 %.
ويرى أن البنوك الأكبر حجما فى مصر لديها نسبة كفاية رأس مال أعلى من نظيراتها من البنوك الأصغر حجما، وتعتبر هذه إضافة أخرى للوضع القوى من حيث كفاية رأس المال للقطاع البنكى فى مصر، لكن البنوك فى مصر فى الوقت الراهن فى وضع جيد من حيث كفاية رأس المال مما يعنى أنه ليس من المتوقع أن تجد هذه البنوك صعوبة فى تنفيذ قواعد بازل 3، وبناء عليه فإنه يجب ألا تحدث أى تأثيرات سلبية مفاجئة فى القطاع خلال تنفيذ عملية الانتقال إلى مرحلة اتفاقية بازل 3. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يتوقع أن تدعم قوة القطاع البنكى الانتعاش الاقتصادى الذى تشهده مصر فى الوقت الراهن حيث أصبحت البنوك تدريجيا أكثر رغبة فى الإقراض، ومن شأن ذلك أن يوفر دعما جيدا للاقتصاد ولسوق الأسهم.
وأوضح أن لجنة بازل تقترح أن يتم رفع الحد الأدنى من متطلبات حقوق المساهمين، وهو أعلى أشكال رأس المال الذى يمكن أن يستوعب الخسائر، من النسبة الحالية التى تبلغ 2 % إلى 4.5 %، وأضافت الإصلاحات نوعاً جديداً من رأس المال الذى يمكن تسميته الأموال التحوطية الإضافية تحتفظ به البنوك بنسبة 2.5 % علاوة على الحد الأدنى المطلوب وفقاً للأنظمة الحالية على أن يتكون من حقوق المساهمين، وأن الغرض من الأموال التحوطية أو أموال (الحماية) هو ضمان احتفاظ البنوك برأسمال حماية يمكن استخدامه لامتصاص الخسائر خلال فترات الأزمات المالية والاقتصادية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة