علت بعض الأصوات التى تطالب بالرقابة الدولية على الانتخابات المصرية القادمة، ويخلط الكثيرون بين الرقابة الدولية على الانتخابات وبين متابعة وملاحظة الانتخابات.
فالرقابة الدولية على الانتخابات هى أن يقوم المجتمع الدولى بإدارة عملية الانتخاب والإشراف عليها إدارة كاملة، وهذا لا يكون إلا فى الدول حديثة النشأة أو الدول التى بها خلافات طائفية أو قبلية.
ويستشهدون بأن دولة كبرى مثل أمريكا كانت قد أخضعت انتخاباتها للرقابة الدولية، ومن هنا يأتى الخلط بين الرقابة على الانتخابات وبين متابعة المجتمع الدولى لها، فأمريكا لم تخضع للرقابة الدولية على الانتخابات وإنما للمتابعة والمراقبة الدولية، حيث دعت العديد من مؤسسات وهيئات ودول المجتمع الدولى لمتابعة ومراقبة وتصوير العمليات الانتخابية، لكن دون الحق فى التدخل فى إدارة العملية الانتخابية نفسها، والجدير بالذكر أن مصر قد شاركت فى متابعة ومراقبة الانتخابات فى بعض الدول الأخرى.
أما مصر تلك الدولة العريقة صاحبة السبعة آلاف سنة حضارة، مصر الدولة المستقلة الدولة الحرة، الدولة صاحبة الشرعية و السيادة على أراضيها لابد أن تشرف بنفسها على إدارة انتخاباتها ولا يصح أبداً أن يقوم المجتمع الدولى بإدارة الانتخابات، ولا أظن أى مصرى لديه من الكرامة يقبل بهذا.
كيف نقبل بهذا ونحن نطالب دوماً بأن يحفظ المصرى كرامته فى الداخل والخارج، وتعلو أصواتنا إذا ما مست كرامة أى مصرى فى أى دولة أخرى، انظروا جميعاً كم غضبتم لمقتل الشاب المصرى فى لبنان، وماذا فعلتم حين قُتل خالد سعيد، إذاً فكيف تقبلون أن تأتى دولة أخرى وتدير لكم انتخاباتكم؟ كيف يكون لكم كرامة بعد ذلك؟
أعرف جيداً أن من يطالب بهذا لا يقصد إلا أن يضمن نزاهة العملية الانتخابية، خاصة أن العديد متخوفون من عدم إشراف القضاء عليها، لكن هذا ليس مبرراً لأن يطالبوا بالرقابة الدولية على الانتخابات، الأمر الذى يرفضه الكثيرون، لكننا فى نفس الوقت نرحب بالمتابعة الدولية بالمراقبة، لا الرقابة، فمرحباً بالجميع متابعاً وملاحظاً، مرحباً بكافة دول العالم وبكل الهيئات والمؤسسات لمتابعة وملاحظة الانتخابات التى نتمنى جميعاً أن تدار بطريقة تليق باسم وسمعة مصر كدولة لها تاريخ عريق، ونتمنى ألا يسيطر عليها سماسرة وأباطرة الانتخابات، وأن تدار بطريقة حضارية وألا يتكاسل الناخبون فى الذهاب إلى صناديق الاقتراع، أن نكون جميعاً على قدر المسئولية.
أعرف أن الكثير سينتقدون مقالى وسيقولون إن الانتخابات سوف تزور لا محالة، وأن هذا أمر واقع وأن الوطنى سوف يفوز بها كالعادة، وأرد عليهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين قال: "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده وإن لم يستطع فبلسانه وإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"، أدعوهم جميعاً أن يبدأوا بأنفسهم فى تغيير واقع لا نرضى عنه جميعاً بأيديهم وبألسنتهم وألا يكتفوا بأضعف الإيمان فى هذه المرة، وأن يشاركوا ويقولوا كلمة الحق ويعطوا أصواتهم لمن يستحقها، لا أن يتقاعسوا عن المشاركة بحجة أن الانتخابات سوف تزور فى النهاية، وأقول لهم أرجوكم لا تأمموها بالكامل للحزب الوطنى، ولا تجعلوا من أحزابكم مجرد خلفية لتجميل الصورة، ولا صدى صوت للحزب الحاكم، بل كونوا كياناً حقيقياً ولا تكتفوا بواقعكم الافتراضى، اذهبوا وشاركوا حتى ترتاح ضمائركم، فتقاعسكم عن نصرة الحق هو الذى يعطيهم الفرصة للتزوير، فلنعمل جميعاً ما علينا ولنترك الباقى على الله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة