كتب دكتور بهى الدين حسن مقالا لمجلة فورين بوليسى تحت عنوان: "وسائل الإعلام الحرة تحت الحصار عشية الانتخابات"، ويقول، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، إنه فى خطوة استباقية تمهيدا للتلاعب بعناية فى الانتخابات تحول المشهد الإعلامى منذ شهرين رأسا على عقب، وقام النظام بإجبار الإعلام على التخلى عن الخطاب النقدى واقتلاع النقاش السياسى الحقيقى من التغطية الانتخابية.
وبعيدا عن القيود على المراقبين المحليين والاعتقالات التى طالت نشطاء المعارضة، فرضت السلطات جدولا زمنيا لتحجيم المرشحين. الفترة المخصصة لإعلان الترشيح كانت خمسة أيام فقط، وأعلنت القائمة النهائية للمرشحين قبل خمسة أيام من عيد الأضحى، بما يعوق قدرة المرشحين المرفوضين على الاستئناف فى المحكمة.
ويشير حسن إلى أنه تم تشكيل فريق أمنى إعلامى مخصص لتقديم قائمة من الأهداف الأكثر تأثير على الرأى العام: كتاب أعمدة وصحف مستقلة وقنوات أخبار والبرامج الحوارية السياسية الساخنة. وفى غضون أسابيع قليلة كان المشهد الإعلامى كله قد تغير، وتمت إزاحة رئيس تحرير الدستور وألغيت برامج حوارية تليفزيونية ومقدمى برامج.
وقد تم إغلاق قنوات فضائية خاصة على أساس أنها تبث الكراهية الدينية، بينما تجاهلت الحكومة قنوات تليفزيونية مملوكة للدولة تحث فعلا على العداء والكراهية الدينية، فضلا عن الصحف ودار النشر. هذا التحرك أثار الخوف فى أصحاب وموظفى القنوات الخاصة الأخرى، خاصة بعدما صدرت تحذيرات عدة للآخرين.
وقد بدأت كل القنوات والبرامج الحوارية فى إعادة النظر فى سياساتها. وحتى قناة الجزيرة القطرية التى قدمت أفضل تغطية للانتخابات فى 2005، استسلمت للتهديدات غير المباشرة بإغلاق مكتبها بالقاهرة.
ويتابع حسن رصده للوضع الإعلامى الذى يذكرنا بالفترة التى أعقبت ثورة يوليو، إذ يشير إلى أن الصحف المستقلة خصصت مساحة أقل للانتخابات، مما كانت عليه فى 2005 وانتشرت الخطوط الحمراء. وتم التعامل بشىء من الحظر مع الأخبار التى تستحق الصفحة الأولى إذ توضع بالصفحة الرابعة أو السادسة، حيث زادت الرقابة الذاتية. ولم تجد البيانات الصادرة من قبل الجماعات الحقوقية وغيرها حول الانتخابات سوى التجاهل.
وفى إجراء لتشديد الحصار على وسائل الإعلام، شكلت وزارة الإعلام لجنة "ماكرثيت" للتحقيق فى الخطاب الإعلامى ومدى التزامه بالمعايير المعنية والتأكد من أنها لا تعرب عن شكوك حول الانتخابات. وغير ذلك تم تقييد الرسائل النصية والتغطية التليفزيونية الحية للانتخابات. وقال حسن إن الانتخابات ستقام فى الظلام، حيث المناخ أكثر ملاءمة للجريمة.
ويؤكد حسن أن شدة هذه الموجة من القمع يمكن تفسيرها فى إطار العلاقة بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية. فالنخبة الحاكمة لم تتوصل بعد إلى توافق فى الآراء على مرشح لخلافة الرئيس مبارك. وهذا الفشل يرجع إلى صراع خطير داخل النظام وليس فقط داخل الحزب الحاكم.
رصد القيود التى وضعت على وسائل الإعلام قبل الانتخابات..
بهى الدين حسن: الممارسات القمعية المتزايدة فى مصر مؤقتة
الإثنين، 29 نوفمبر 2010 02:28 م
دكتور بهى الدين حسن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان