أكد ديفيد أجناتيوس، الكاتب الأمريكى البارز، أن هناك نوع من الخلافة السياسية بدأت تظهر ملامحه فى الحقل السياسى لأكبر ثلاث قوى فى الشرق الأوسط، وينطوى على ظهور جيل جديد من السياسيين يحلون محل زعماء لطالما عرفوا بموقفهم الموالى للولايات المتحدة الأمريكية، غير أن ولاء هذا الجيل الجديد المرتقب أن يتولى مقاليد الحكم فى مصر والسعودية والعراق على ما يبدو غير واضح المعالم، خاصة وإن انتقال السلطة يتزامن مع وقت يعتقد فيه البعض أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تفقد نفوذها وزخمها فى هذه المنطقة.
وقال الكاتب فى مقاله المعنون "جيل السياسيين القادم فى الشرق الأوسط" بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية إن عملية التغيير هذه يمكن استشعارها بوضوح بأشكالها المختلفة فى كل من مصر والسعودية والعراق، فجميع هذه الدول تشعر بالاستياء حيال الألية التى تسير على خطاها الجمهورية الإيرانية الإسلامية الثورية إلى جانب تزايد قوة مسلحى القاعدة، فكلا منهما يشجع المعارضة على النخب الحاكمة.
ورأى أجناتيوس أن عملية الانتقال السياسى الأولى بدأت بالفعل فى المملكة العربية السعودية، أثرى دولة عربية وأكثر الأنظمة تحالفا مع واشنطن على مر التاريخ، وأشار إلى أن عناوين الصحف الرئيسية فى المملكة تناولت جميعها زيارة الملك عبد الله إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضى لتلقى العلاج، ولكن أكثر ما كان ملفتا للنظر هو عودة ولى العهد، الأمير سلطان عبد العزيز، إلى المملكة، كما كان أمرا غير معتادا أن تنقل وسائل الإعلام تفاصيل رحلة العلاج.
ولكن الأخبار الحقيقية فى المملكة كانت تولى نجل الملك عبد الله، متعب منصب رئاسة الحرس الوطنى، وهو أحد أبرز المناصب العسكرية فى المملكة، ورأت "واشنطن بوست" أن هذه الخطوة كانت بمثابة نقل السلطة إلى "الجيل الثالث"، أى أحفاد الملك عبد العزيز بن سعود.
ويرى المحللون السعوديون أن هذه التغيرات على ما يبدو تمهد الطريق للخلافة، وتوريث الحكم إلى الأبناء عن طريق توظيفهم فى مناصب بارزة بالحكومة، الأمر الذى سيخلق نوعا من النظام، ولكنه فى الوقت عينه يغلف التوترات التى بدأت تظهر بين أعضاء العائلة المالكة حول الاتجاه الذى ستتبعه المملكة سواء على الصعيد الإقليمى أو الدولى.
ومن ناحية أخرى، زادت التكهنات حول من سيخلف الرئيس مبارك، الذى تمكن خلال الثلاث عقود الماضية من الحفاظ على استقرار البلاد، فضلا عن إقامة علاقة وطيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية. وقال الكاتب الأمريكى إن الرئيس مبارك الذى حكم البلاد منذ اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981، تمكن طوال حكمه من التصدى للأصوليين الإسلاميين، على حساب الإصلاحات الديمقراطية.
وزادت التوقعات بشأن تولى جمال مبارك لمقاليد السلطة بعد والده.
وأشار أجناتيوس إلى أنه مع السيطرة المحكمة على المعارضة، أغلب الظن سيفوز الحزب الوطنى بيسر فى الانتخابات البرلمانية اليوم الأحد. ولم تكن عملية التوريث أكثر وضوحا مما كانت عليه فى سوريا، بعد أن خلف حافظ الأسد نجله بشار الأسد، ورغم أن الأخير استغرق عدة سنوات لفرض سيطرته على البلاد، إلا أنه تمكن من فعل ذلك فى نهاية المطاف، وبات أحد أهم القادة العرب من جيله، فهو غالبا ما يثير غضب الولايات المتحدة ولكنه ينجو دائما بفعلته، على حد تعبير الكاتب.
وأضاف الكاتب أن العراق كذلك يقف على أبواب انتقال سياسى، ووصفه بأنه الأصعب للتنبؤ به، وهنا لا يوجد والد على وشك أن يترك المشهد السياسى وإنما دولة بأكملها وهى الولايات المتحدة الأمريكية، فمنذ غزو العراق عام 2003، والإطاحة بنظام الحكم القديم، وتتعامل واشنطن وكأنها والدة بغداد. ولكن هذا كله سينتهى بسحب القوات الأمريكية من العراق بحلول نهاية عام 2011، ومع تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة رئيس الوزراء، نورى المالكى.
فى أكبر ثلاث قوى فى المنطقة.. مصر والسعودية والعراق..
كاتب أمريكى: الخلافة السياسية فى الشرق الأوسط تقلق واشنطن
الأحد، 28 نوفمبر 2010 06:31 م