محمد إبراهيم الدسوقى

شكوى يابانية

الأحد، 28 نوفمبر 2010 07:15 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الصدفة وحدها كانت سببا فى لقاء جمعنى يوم الجمعة الماضية فى العاصمة اليابانية طوكيو، مع عدد من المسئولين اليابانيين العاملين فى قطاع السياحة، وما أن مرت لحظات على بدء الحديث، حتى باغتنى أحدهم بقوله: البنية التحيتة فى اليابان أصبحت سيئة وتنهار، على الرغم من أن المواطن اليابانى يدفع ضرائب كثيرة للحكومة، وسارع الحضور لإبداء موافقتهم الفورية على ما ذهب إليه المتحدث، بدورى حدثتنى نفسى بأن اليابان تغيرت كثيرا عما تركتها عليه قبل أربع سنوات مضت، فالكل كان يتحدث بانبهار عن الطرق والكبارى والمواصلات العامة فى هذا البلد العاشق للإتقان لحد يغيظ، وقلت يا ترى هل أصابها داء الإهمال القاتل الذى يكبلنا ويضاعف من معاناتنا اليومية أينما ذهبنا؟.

لعبت الظنون والشكوك برأسى وتساءلت: هل لا سمح الله عندهم طفح لا يتوقف للمجارى، وتغرق مياه المطر منازلهم وطرقاتهم وشوارعهم، حينما تهطل عليهم بغزارة صيفا وشتاء، مثلما يحدث فى بلادنا، أم أنهم لا يجدون مقعدا شاغرا فى وسائل مواصلاتهم المكيفة طوال فصول العام، أم أن القطارات تخلت عن عادتها الأثيرة فى القيام والوصول فى مواعيدها المحددة ولا تتأخر عنها ثانية واحدة ولا تمر أسابيع إلا وتقع حوادث اصطدام قطارات، بسبب سرقة الجزرة أو أن طفلا شقيا عبث بها خلال لحظة لهو غير بريئة، وذهبت بى الظنون بعيدا وقلت: ربما أن مياه الشرب ملوثة وغير صالحة للاستخدام الآدمى، بعدما اختلطت بمياه الصرف الصحى، وتذكرت أن الحكومة اليابانية سنت قانونا يلزم شركة المياه بإرسال موظفيها مرة فى العام للسفارات والشركات والمبانى الحكومية، لأخذ عينة من المياه لتحليلها للتأكد من صلاحيتها للشرب، خصوصا وأن اليابانيين لا يخشون من شرب مياه الحنفية، أم أن الكهرباء تنقطع باستمرار لتخفيف الأعباء عن الشبكة المنهكة من انتشار وزيادة أعداد التكييف فى البيوت، وأن الجميع لا يقدر قيمة وحتمية ترشيد الاستهلاك، حتى لا تدمر شبكات الكهرباء التى لا يتم صيانتها إلا عند ظهور مشكلة أو خلل ما.

وكادت الهواجس والتساؤلات أن تأخذنى لأبعد من هذا، لكننى تنبهت على صوت محدثى متسائلا: ما تعليقك على هذا الأمر؟ أجابته دعنى أرد عليك بسؤال: ما هو بالضبط ما تراه غير جيد وسيئ فى البنية التحيتة الموصوفة بأنها الأفضل عالميا، صمت قبل أن يقول: إنها لم تعد كما كانت وتحتاج لتحسين، قطعته قائلا: أريد شيئا محددا، مثل أن الطرق بها حفر ومطبات تتسبب فى حوادث ومقتل العشرات كل يوم أو أن طعم المياه غير مقبول وغريب والأمثلة أكثر من أن تحصى، ورد بأنه يريدها أحسن، ثم تذكرت أن اليابانى يريد دوما الكامل فى كل ما يوجد تحت يده، ولذلك فإنه دائم الشكوى والانتقاد من أن حكوماته لا تود واجباتها والتزاماتها بالشكل المنتظر، عندها لم أعد قادرا على الصبر فطلبت منه راجيا إلا يثير معى أو مع غيرى قضية البنية التحيتة فى بلاده وإن كان مصرا على فتحها فليتفضل أولا بزيارتنا فى القاهرة، وبعدها يحدد مدى أحقيته فى القول بان البنية التحيتة اليابانية غير جيدة وسيئة.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة