قال الباحث الدكتور مصطفى لبيب، إن دار الكتب المصرية تعد واحدة من أهم المراكز العلمية العالمية تأثيرا فى توجيه جهود المستشرقين، حيث مثّلت ذخيرتها من المخطوطات العربية والفارسية والتركية، واصفا الدار بالنهر الذى لا ينضب وينهل منه المستشرقون دائما سواء باطلاعهم المباشر على الدار أثناء إقامتهم بالقاهرة أو من خلال تصوير بعض مقتنيات الدار بمساعدة أصدقائهم.
وأشار لبيب خلال الجلسة الثانية التى عقدتها دار الكتب ظهر اليوم، للاحتفال بمرور 140 عاما على تأسيسها، إلى أعلام الاسشتراق ذاكرا كارلو ألفونسو نللينو ، المستشرق الإيطالى الشهير، رائد دراسات تاريخ علم الفلك عند العرب والذى درّس بالجامعة الأهلية منذ إنشائها سنة 1908، ثم عاود التدريس من بعد بالجامعة المصرية وكان من أشهر تلاميذه طه حسين، بالإضافة إلى إجناتى يوليا نوفتش كراتشكوفسكى المستشرق الروسى وصاحب الدراسة المتميزة عن الأدب الجغرافى العربى وأيضا هنريك صمويل نيبرج، المستشرق السويدى، وماكس مايرهونى المستشرق الألمانى صاحب الدراسات القيمة عن تاريخ الطب العربى والفلسفة العربية.
حضر الجلسة كل من الباحث الدكتور حسين نصار، أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة، والباحث الدكتور محمود الشيخ، أستاذ التاريخ بجامعة فلورنسا بإيطاليا والباحث الفرنسى هيرفى ليموان وأدار اللقاء الباحث الدكتور محمد عبد الرحيم الكافود.
وقال الدكتور حسين نصار، إن الهدف الأساسى من إنشاء دار الكتب المصرية قديما، كان جمع المخطوطات الموزعة فى الجوامع وحفظها فى موضع واحد وصيانتها حتى ظهرت الوظيفة الثانية التى تسعى إلى طبع المخطوطات النفيسة ونشرها على القراء.
وأضاف نصار، عن مؤلفات أحمد زكى باشا، قائلا إن أعماله وتحقيقاته كانت أول ما احتضنته دار الكتب، حيث اتسمت جميعها بمقدمة كانت تشمل التعريف بالكتاب وأهمية مضمونه ومزاياه والترجمة لمؤلفه، والتعريف بالنسخ المخطوطة التى جمعها المحقق، وبيان قيمتها العلمية والأدبية وأسباب اختيارها، بالإضافة إلى أن نصوصه كانت تحذر من الاعتماد على مخطوطة واحدة ويدعو إلى جمع أكبر عدد أمكن من المخطوطات ويضاهى بمنتهى الدقة والأمانة بينها وبين الزيادات التى أدخلها فى النص.
وأشار نصار إلى أن زكى راعى أيضا عملية تفسير الغوامض وضبط حروفه بالشكل الكامل، أما الملاحق فقال نصار إن زكى خصصها للفهارس التحليلية، مضيفا أنه أحدث نجاحا فى صناعة التراث المخطوط.
وتحدث محمود الشيخ عن فن الخط قائلا: انفردت الحضارة الإسلامية دون غيرها بفن الخط الذى برع فيه خطاطون مسلمون اتسموا برفاهة الذوق وقوة الإبداع وبراعة هندسية فى صف الحروف، خلدهم التاريخ بما تركوا من روائع فنية تمتلئ بها مكتبات العالم شرقا وغربا.
وأضاف، عثرنا على مخطوط مجهول لياقوت المستعصمى أثناء حصرنا لنسخ القرآن الكريم المحفوظة فى المكتبات العامة بمدينة فلورنسا، والمخطوط محفوظ فى المكتبة الوطنية المركزية تحت رقم 41BR ويرجع إلى فئة المتنوعات الأدبية، وترجع أهمية هذا المخطوط إلى أنه مجهول حتى الآن ولم يذكره أى من المهتمين بالخط العربى أو من المتخصصين فى أعمال وتاريخ المستعصمى، كما أنه يتميز بزخرفة فريدة ويضيف هذا المخطوط قيمة كبيرة إلى أعمال المستعصمى وإلى تاريخ الخط العربى.