السؤال الذى يطرح نفسه بإلحاح الآن هو: لماذا كل هذا الصراع والتقاتل على مقاعد مجلس الشعب، إن الظاهرة التى نراها الآن، لم تكن تراها مصر قبل سنة 1952، فقد كانت الانتخابات فى ذلك الوقت تتم بهدوء وبدون إزعاج لسلطات الأمن، حيث كانت عضوية مجلس النواب تكليف من الشعب وليست تشريفا كما هى الآن، إنها خدمة وطنية يتعهد فيها المرشح بخدمة مصالح أبناء الوطن من أهل دائرته، وفى نفس الوقت يراقب عضو مجلس الشعب أداء الحكومة فى ممارساتها خلال الفترة البرلمانية لحساب الشعب ولصالح الوطن، إنهم اليوم يتكالبون على كعكة مجلس الشعب وهى قضاء مصالحهم غير المشروعة، إنهم ينفقون الملايين فى سبيل النجاح والحصول على مقعد فى مجلس الشعب وهم لا يفعلون هذا لوجه الله ولا حبا فى الوطن، ولكن مع الأسف ووفقا للتجارب السابقة يقوم العضو باستعادة ما أنفقه أضعافا مضاعفة، بأوجه مشروعة وغير مشروعة وهذا ما شاهدناه سابقاً.
إن الرقابة الشعبية على نواب الشعب أنفسهم تضعف وتغيب الشفافية عندما يصبح الكل فى واحد أى عندما تطغى سلطة حزب واحد على الحكم بدون حساب.
إن الأحزاب الهشة القائمة حاليا لن تفلح فى رقابتها ووجودها السياسى إذا لم تنزل إلى الشارع المصرى، إلى الشعب وتكون لها شعبية ظاهرة مؤثرة.
لقد عشنا عصرا كانت فيه الأغلبية لحزب الوفد حينما كانت تحكمه المبادئ والشعارات السياسية والوطنية "الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة" والدين لله والوطن للجميع.. وخلافه"، لقد أصبح واقع غالبية الشعب المصرى السيئ ينبئ بضرورة ملحة لإعادة بناء الوطن على أسس حديثة وسليمة، وهو الآن واجب وطنى ملح فى بدايات القرن الحادى والعشرين، إن ما يهمنا ليس نجاح الحزب الوطنى الديمقراطى ولا أى حزب آخر لا يعمل على تنفيذ برنامج يعيد بناء الوطن على أسس حديثة تتناسب مع حضارة وتقدم الأمم فى القرن 21، وتعمل قبل كل شىء على توفير العيش الكريم لأبناء هذا الوطن فى الحاضر والمستقبل.
إن مصر بها من الخيرات المدفونة التى لم تستغل الكثير وينهب منها الكثير وسبق نهب الكثير فى الفترات السابقة، ولم يتبق إلا الشفافية ممن سوف يتولون إدارة شئون مصر.
إن تعيين الوزراء عن طريق غير الشعب يؤدى بالضرورة أن يكون الولاء فقط لمن عينهم وله السلطة فى فصلهم وتغييرهم وبهذا يهتمون بأمور قد تكون بعيدة عن مصالح هذا الشعب، ولا يقبلون محاسبة الشعب.
إن عدم رقابة الشعب على نواب الشعب يدفعهم إلى الفساد والسعى لتحقيق مصالحهم الشخصية خلال فترة وجودهم فى الصورة.
وما سيزيد المشكلة ما نراه من ترشيح السلطة التنفيذية لنفسها فى انتخابات مجلس الشعب، وهنا يبرز سؤالا خطيراً وهو: كيف يقوم صاحب السلطة المطلقة بالرقابة على نفسه؟، إن الوزراء هم من ينفذون السياسات ومجلس الشعب هو الذى يراقب ذلك التنفيذ، فكيف يستقيم أن يكون منفذا لسياسة الدولة وهو نفسه مراقب التنفيذ؟!، ويراقب انحرافاته فى نفس الوقت؟؟!!.
إن الحديث الشريف يعنى " كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول"، فما بالنا بإثم إضاعة الوطن والشعب، إن الحساب سيكون عسيرا عند الله عز وجل، إن الأمن القومى شىء هام جدا، ولكن الأمن الاقتصادى والسياسى والاجتماعى والثقافى ليس أقل أهمية منه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة