توقعت دراسة حديثة تحت عنوان " أثر انخفاض معدل الاستثمار الأجنبى المباشر الناتج عن الأزمة على النمو فى مصر" أصدرها مركز معلومات مجلس الوزراء شهر أغسطس الماضى تراجع الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة القادمة وهو ما أثار التساؤلات حول أسباب هذا التراجع وتأثيره على الاقتصاد المصرى وكيفية علاج هذا الانخفاض؟ بالرغم من آراء البعض بآن آثار الأزمة العالمية بدأت تتلاشى.
عبد الرحمن العليان أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أكد أن البيئة فى مصر أصبحت غير مواتية للاستثمار، لافتا إلى أن هناك العديد من المعوقات التى ستؤدى إلى هروب الاستثمارات الأجنبية، بالإضافة إلى أن تغيير القوانين بشكل مستمر يضعف الاستثمار ووجود حالة من عدم الاستقرار والارتفاعات الضخمة فى الأسعار.
هذا إلى جانب المشاكل السياسية الموجودة فى مصر مع وجود نوع من الاحتقان الطائفى حاليا كل هذه الأسباب أدت إلى تراجع الاستثمارات والتخوف من إقامة استثمارات على الأراضى المصرية.
موضحا أن هناك عاملا آخر أدى إلى فشل العديد من الاستثمارات وهو أن التسهيلات التى يتم منحها للمستثمرين الأجانب تعتمد بشكل رئيسى على العلاقات الشخصية ولا توجد عدالة فى منحها، من حيث تسهيل منح رخص الأراضى أو توصيل المرافق وغيرها من التسهيلات.
وأكد العليان أنه يجب أن يتم علاج البيئة المصرية بشكل كامل والقضاء على كل العشوائية والفساد إذا أردنا توسيع وزيادة الاستثمارات فى مصر.
ومن جانبه أكد قاسم منصور رئيس المركز الاقتصادى المصرى، أنه غالبا ما يبرر تراجع الاستثمار الأجنبى المباشر إلى استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية على مصر، بالإضافة إلى العديد من العقبات التى يتحملها المستثمر نتيجة بعض السياسات السلبية فى مصر.
ولفت إلى أن أهم المعوقات تتمثل فى أتباع سياسة التقليد والمحاكاة فى إقامة المشروعات الاستثمارية وعدم استقرار السياسات الاقتصادية، بالإضافة إلى عدم الاستقرار الاقتصادى بصفة عامة ، ومشاكل إجراءات التخليص الجمركى فى الصادر والوارد.
وأوضح منصور أن هناك تكرارا لحالات الفساد موثقة بتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات وتقارير الرقابة الإدارية والتى توضح أن بيئة الاستثمار فى مصر غير آمنة.
هذا بالإضافة إلى المشاكل التى حدثت لبعض الاستثمارات الأجنبية مثل إعادة التعاقد على بعض المشروعات والمشاكل الخاصة بالبيع فى الشركات وغيرها من الأمور التى تجعل المستثمر الأجنبى يفكر قبل اللجوء إلى مصر.
ولفت إلى أن الاستثمار الأجنبى فى مصر مازال غير حقيقى وينحصر فى الاستثمار غير المباشر القصير الأجل الذى يسعى فقط لتحقيق أرباح سريعة عن طريق مضاربات مفتعلة وضارة بصرف النظر عن تحقيق خطة الدولة من خلال مساهمات الاستثمارات الأجنبية.
وأضاف أن مصر تتمتع بالعديد من المزايا منها توافر الموارد الطبيعية العديدة، وتوافر القوى البشرية المتنوعة بأجور رخيصة نسبيا من السائدة عالميا، فضلا عن الموقع الجغرافى المتوسط قارات ثلاث مما يوفر زمن النقل وكلها عوامل محفزة على الاستثمار بشرط أن يتم إدارتها بشكل جيد.
ويختلف معهم فى الرأى الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادى والاستراتيجى الدولى الذى أكد أن الأزمة المالية العالمية منذ عامين تقريبا وبالتالى فإن الآثار السلبية للأزمة بدأت تتلاشى، مؤكدا أنه حدث تراجع كبير فى الاستثمارات الأجنبية خلال الفترة الماضية لكن من المتوقع أن تعود هذه الاستثمارات لمعدلاتها الطبيعية مرة أخرى.
وأشار عبده إلى أن مصر لديها مقومات هائلة تساعد على جذب استثمارات ضخمة فى كل المجالات، مشيرا إلى أن المشكلة الرئيسية التى نواجهها هى عدم وجود ترويج وتسويق جيد لهذه المقومات، ولكن لا نستفيد من هذه المقومات بشكل جيد وهو ما يتسبب فى الفشل أحيانا أو ما يدفع إلى تفوق دول أخرى على مصر فى جذب الاستثمار.
