من الحبس 15 عاماً إلى البراءة

علام عبدالغفار يروى قصة 30 يوماً صعبة

الخميس، 25 نوفمبر 2010 07:56 م
علام عبدالغفار يروى قصة 30 يوماً صعبة علام يتوسط زملاءه فى «اليوم السابع».. والسعادة على الجميع

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ طاردتنى الهواجس فى الزنزانة.. قبل أن أحصل على حكم البراءة من المستشار مصطفى أبو طالب

فى قفص الاتهام تشعر أن روحك تتذوق لأول مرة طعم الحرمان كأنها طائر صغير كسر جناحيه، ماضيك ينبئك بـ15 عاما من السجن، وحلم بمستقبل تزينه براءة فى علم الغيب قد ينزل حكمها من فوق سبع سماوات.. ببطء وترقب بدأت صباح السبت جلسة محاكمتى، استدعانى القاضى من قفص الاتهام وسألنى: علام.. ماذا تعمل وحاصل على مؤهل إيه، قلت: اعمل صحفيا بجريدة اليوم السابع، وحاصل على بكالوريوس إعلام جامعة القاهرة بتقدير جيد جدا، رد القاضى: إيه القضية وماذا حدث، وهنا سردت وقائع القضية التى بدأت منذ النصف الأول من شهر فبراير عندما اتصل بى موظف بالشؤون القانونية للشركة المصرية للمصل واللقاح يدعى «أشرف. ح» على تليفون الجريدة، مؤكدا أن لديه مستندات تخص قضية رأى عام تتعلق بأمصال شلل أطفال فاسدة، وظللنا على اتصال حتى أرسل لى المستندات يوم 26 من نفس الشهر ونشرت فى عدد 29 مارس فى العدد الأسبوعى.

سألنى القاضى: طيب يا علام إنت لم تعرفهم ولم تتقابل معهم، قلت: لم أتقابل معهم وعندما حاولت تحجج بسفره خارج البلاد، سألنى القاضى: أنت استقبلت المستندات على الإيميل، هو إنت عندك كمبيوتر، ده أنا معنديش كمبيوتر، ضحتكت وقلتك آه عندى كمبيوتر.
فعاد ليسألنى: هل من المنطق أن تشترى بدلة دون أن تراها بعينك، وهل يصلح أن نعتمد على التكنولوجيا لنشر أخبار تضر بالبلد، مش لازم نشوف بعنينا مصادرنا ونتأكد قبل ما ننشر، فرديت قائلا: نعم، أفترض حسن النية والصدق فى المصدر، والمستندات كانت موقعة ومختومة ويصعب تصور أنها مزورة.

انتهى الحوار ليبدأ دور هيئة الدفاع التى تضم كلا من الأستاذين الكبيرين لبيب معوض المحامى، وجميل سعيد، اللذين دفعا بانتفاء القصد الجنائى وبطلان أمر الإحالة فى الحكم الغيابى القاضى بسجنى 15 عاماً مشددا، وانتفاء الركن المعنوى للجريمة، بعد أن شرحت تفاصيل الواقعة التى تبين منها حسن النية.

وبعد سماع أقوالى فى القضية، وبعد جلسة المداولة جاء المستشار ليدلى أحكام البراءة على خمسة من أصل 7 متهمين، أخرجنى القاضى للمرة الثانية من قفص الاتهام لأقف أمامه وأنا فى رعب شديد، وإذا به يقول لى: علام أنت حاصل على مؤهل عال وهو بكالوريوس إعلام جامعة القاهرة بتقدير جيد جدا، وهذه الكلية تخرج رموز الإعلام والصحافة، والإعلام وسيلة مهمة فى المجتمع لأن هدفه إنارته، فقلت: نعم سيادة القاضى. قال:« أنا عارف اللى جالسين فى القاعة هم زملاؤك الصحفيون وعلشان كده لازم قبل ما تنشروا أخبار وتفرحوا بها على أنها سبق لازم تتأكدوا منها حتى لاتضروا المجتمع وأنفسكم، لأن الإعلام له رسالة مهمة فى المجتمع، وإلا اختاروا عملا آخر، خلاص يا علام» .. حكمنا بالبراءة.

فرحتى بعد حكم البراءة لا ينسينى أبدا مرارة أصعب 30 يوما فى حياتى، فى يوم الخميس 21 أكتوبر 2010 وأثناء إجازتى المرضية بشقة أحد أقاربى رن زميلى مخلص عبدالحى، الصحفى بجريدة الأخبار على موبايلى فى الساعة الثالثة عصرا، وقبل أن أساله عن أحواله فاجأنى:« يا علام جودت زملينا حاول يتصل بك لأنه سمع حكم اليوم بحبسك 15 عاما فى قضية المصل واللقاح ويا ريت تستخبى علشان بتوع تنفيذ الأحكام بيدوروا عليك، والاثنين الآخرين فى القضية حصل كل منهما على 5 أعوام» ثم انقطع الاتصال. اعتقدت أنه «ملعوب» من دفعتى فى كلية الإعلام، واستكملت نومى لمرض لحق بى آنذاك.

دقائق ورن موبايلى وكان الأستاذ خالد صلاح، رئيس تحرير «اليوم السابع» وقلت: «السلام عليكم يا أستاذ خالد»، ولكن فوجئت بصوت زميلى محمود سعد الدين يقول: «هو قضية المصل واللقاح بتاعتك إمتى يا علام؟»، فرديت عليه قائلا: «والله ما أعرف أنا سألت المحامى من فترة فقالى لسه شويه»، بعدها رد علىّ الزميل محمود سعد الدين: «متأكد يا علام إن ميعاد القضية لسه بدرى عليه»، فقلت له نعم، فرد علىّ مرة ثالثة: «طيب خير ما تقلقش»، وانتهت المكالمة.

10 دقائق حتى جاءت مكالمة أخرى ولكن من زميلى محمود المملوك، كعادته يقول إيه يا ابنى أخبارك إيه، بس يا غالى فى خبر وحش مش عاوز أقول لك عليه، ولكن متقلقش، فقلت له «قول إيه اللى حصل»، فقال: «بس النهاردة اتحكم عليك بـ15 سنة غيابيا فى قضية المصل واللقاح ومش عاوزك تقلق الموضوع إن شاء الله هيخلص والناس كلها معاك».
حل المساء وعقب صلاة عشاء يوم الخميس «المشؤوم» بدأت أفيق من الحلم بسيل من الاتصالات التليفونية من الزملاء والأصدقاء للاطمئنان والدعم، بدأت باتصال الاستاذ أكرم القصاص، مدير التحرير، قال «إزيك يا علام بس مش عاوزك تقلق، ده حكم غيابى، والمحاميان سيعيدان الإجراءات من أول وجديد، واطمن، وحاول تغيير شريحة موبايلك لفترة حتى ينتهى المحامون من إعادة الإجراءات».

فى اليوم التالى على الفور بدأ الأستاذ لبيب معوض فى اتخاذ الإجراءات القانونية بإعادة إجراءات المحاكمة، وهى الإجراءات التى كانت صعبة بالنسبة لى لتخوفى منها ورهبتى من أن إدارة تنفيذ الأحكام قد تلقى القبض على بين حين وآخر، وأظل محجوزا فى الحبس لحين ميعاد المحاكمة.

الإجراءات تمت بسلام وبتوفيق من الأستاذ لبيب معوض. والأساتذة المحامين. وكان حكم البراءة بمثابة إعادة الروح من جديد.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة