خياران فقط أمامك عند مشاهدتك فيلم «زهايمر» لعادل إمام، تأليف نادر صلاح الدين ،وإخراج عمرو عرفة، وإنتاج الشركة العربية، الأول أن تتساءل عن اسم الفيلم وعلاقته بالموضوع وترصد السذاجة الدرامية فى الكثير من تفاصيل السيناريو، وإذا أخذتك الجلالة لتتعامل بحرفية أكثر ستتحدث عن الملامح الأحادية التى رسمها كاتب السيناريو نادر صلاح الدين لشخصيات الأبناء، والتى جسدها أحمد رزق وفتحى عبدالوهاب وأيضا زوجة أحمد رزق - تجسد دورها رانيا يوسف - والتى جاءت باهتة فى ملامحها، وتحاكى كلاشيهات السينما المصرية فيما يتعلق بالزوجة المتسلطة التى تسيطر على زوجها فى سكناته وحركاته
.
أما الخيار الثانى فهو أن تنظر لفيلم «زهايمر» على أنه تجربة تختلف كلياً عن فيلم «بوبوس» آخر أفلام الزعيم، والذى لم يحقق إيرادات كبيرة وكان من نصيبه أيضاً هجوم نقدى كبير، ولذلك سنتحدث عن «زهايمر» فى إطار اختلافه كلياً عن «بوبوس»، فلأول مرة يتخلى الزعيم عن «دينجوانيته» وكونه معشوقاً للنساء، وحركاته المعتادة من الضرب على «الأفخاذ والمؤخرة» ليظهر الزعيم فى هذا الفيلم بدون ماكياج كثير أو فلاتر تقلل من ظهور التجاعيد، وهو من المرات القليلة التى لا يبالى فيها بمثل هذه التفاصيل، ليجسد دور رجل الأعمال «محمود شعيب» الذى يعمل ابناه فى مجال البيزنس أيضاً، ويبدأ الفيلم بداية هادئة فى فيلا رجل الأعمال، وهو يستيقظ ليجد نفسه محاطا بأشخاص لا يعرف عنهم شيئاً، هم منى الممرضة أو «نيللى كريم»، والخادمة إجلال أو «إيمان السيد»، والكل يقنعه بأنه مريض بالزهايمر وأن امتناعه عن تناول الدواء هو ما يسبب هذا التراجع فى حالته الصحية، كل ما حوله يؤكد له هذا فى حين أن إحساسه الداخلى يؤكد له شيئاً مختلفا تماماً، ويجد أنه لا يتذكر سوى ابنيه فيبادر بالاتصال بهما إلا أنهما يؤكدان له تدهور حالته وأنه مصاب فعلاً بالزهايمر.
كاتب السيناريو نادر صلاح الدين استخدم مرض الزهايمر كفكرة عابرة يناقش من خلالها عقوق الأبناء، وخفة التناول فى السيناريو تظهر فى اختزال المسألة فى بعض المشاهد الهزلية لجلب الضحك، وهى المشاهد التى جاءت جميعها على طريقة عادل إمام فى الضحك بداية من اكتشافه المؤامرة التى يدبرها أبناؤه وطبيبه وصديقه المقرب ضده لاستغلاله والحصول على أمواله، وقيامه بتمثيل دور المصاب فعلاً بالزهايمر وقراره بأن يعيد تربية أبنائه، ونرى مشهد إصراره على أن يقوم بوضعهم فى البانيو ليحميهم وهو يمسك «البامبرز» .
رغم تماسك الفيلم على مستوى الشكل والإيقاع المنضبط فى المونتاج فإنك تخرج من دار العرض دون أن يتبقى فى ذهنك سوى مجموعة من المشاهد الكوميدية، التى جاءت نتيجة خبرة وتألق الزعيم، إضافة إلى المشهد الذى جمعه برفيق دربه سعيد صالح، والذى يجسد فيه صالح بحرفية شديدة دور مريض بالزهايمر ألقاه أبناؤه فى مصحة نفسية وتوقفوا عن زيارته، وهو المشهد الذى استجمع فيه عادل إمام الكثير من الانفعالات التى لها علاقة بالتقدم فى العمر، وخسارة الصحة والأبناء، وكل شىء تقريباً.
القماشة الدرامية لموضوع مثل مرض الزهايمر كان من الممكن أن تنتج فيلماً شديد الرقة والإنسانية، لكن الوحيد الذى استفاد من زهايمر هو عادل إمام الذى استعاد جزءاً من بريقه الذى فقده فى «بوبوس»، وأيضاً المتألقة نيللى كريم، أما رزق وفتحى ورانيا فالفيلم لم يضف لهم شيئاً.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة