قبيل ساعات من إجراء الانتخابات، وفى محاولة للوقوف على حقيقة المشهد الداخلى فى الحزب الحاكم استعداداً لانتخابات مجلس الشعب والانتخابات الرئاسية عام 2011 المقبل، أجرى "اليوم السابع" حواراً مطولاً مع الدكتور جهاد عودة، عضو أمانة السياسات وأستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان.
الدكتور جهاد عودة أستاذ أكاديمى ومفكر سياسى، لم يقتصر "جهاده" على العمل الأكاديمى فى إعداد الدراسات والأبحاث والإشراف على الرسائل العلمية، لكنه انخرط أيضا فى العمل السياسى داخل تنظيمات الحزب الوطنى.
عام 2000 أصدر جهاد عودة كتابا بعنوان: "جمال مبارك والليبرالية الوطنية" مما جعل منتقدوه يتهمونه بأنه فيلسوف التوريث فى مصر وأبرز الداعين له.
وفى حوار لـ"اليوم السابع" نفى عودة هذه الاتهامات، لكنه اعترف بأنه يعمل مع مجموعة - لم يحددها بالاسم - على "توليد" نظام سياسى جديد من "رحم" النظام السياسى الحالى من خلال "ولادة طبيعية" وبعيدا عن أية عمليات "قيصرية" مثل الثورات أو الانقلابات وغيرها.
وشدد عودة على أن الرئيس حسنى مبارك هو صمام الأمان لمن يقومون بتلك الولادة لأنه يحافظ على "التوازن الاستراتيجى" لمصر خلال تلك العملية الدقيقة، حسب قوله.
ورغم ذلك، أكد أن الحزب الوطنى لم يتخذ قراراً بعد بشأن ترشيح الرئيس محمد حسنى مبارك لانتخابات الرئاسة عام 2011 وأن تأكيدات الدكتور على الدين هلال فى هذا الشأن تعكس توجها داخل الحزب، وليس قراراً من الحزب، مرجحا أن يتبلور القرار خلال المؤتمر العام للحزب نهاية ديسمبر المقبل.
وحول إمكانيات خوض السيد جمال مبارك الانتخابات الرئاسية عن الحزب الوطنى، قال عودة إنه لا يوجد "توجه" لترشيح جمال مبارك فى انتخابات الرئاسة عن الحزب الوطنى، وبالتالى لا يوجد "قرار".
كما تحدث د. جهاد عودة باستفاضة عما أسماه بـ "الثورة التنظيمية الهائلة" داخل الحزب الوطنى، ودافع عن قرار الحزب بترك نحو 40 دائرة مفتوحة للمنافسة بين العديد من مرشحى الوطنى والأحزاب الأخرى، وقال إن هذا القرار يأتى لمصلحة العملية الديمقراطية ككل، ولتشجيع الشباب على خوض الانتخابات وتقليل عمليات التزوير وتقفيل الصناديق، وأعرب عن أمنياته بأن يتضاعف عدد تلك الدوائر المفتوحة.
كما شن عودة هجوماً شديداً على جماعة الإخوان المسلمين، وتوقع أن تحصل الجماعة المحظورة على حجمها التنظيمى الطبيعى، والذى لا يتعدى ربع عدد مقاعدهم الحالية فى مجلس الشعب، حسب قوله، كما اتهم عودة الدكتور محمد بديع مرشد الإخوان بأنه "سيخ مش شيخ" وأنه متشدد عقائديا وينتمى فكريا لتنظيم سيد قطب، رغم براءة غالبية أعضاء التنظيم أمام المحكمة من الاتهامات التى واجهوها بالسعى لقلب نظام الحكم بالقوة فى منتصف الستينيات.
* فى البداية سألناه عن كتابه "جمال مبارك والليبرالية الوطنية" الذى صدر منذ 10 سنوات وهل يعتبر هذا الكتاب بمثابة الشرارة الأولى فى مسيرة توريث الحكم لنجل الرئيس؟
فأجاب: أقول إننى يجب أن أقيم احتفالية بمناسبة مرور كل تلك الفترة وعدم حدوث التوريث كما توقع منتقدو الكتاب. الواقع أن الكتاب كان بداية لمشروع بحثى كبير عن "الليبرالية الوطنية فى مصر" صدرت منه 6 كتب حتى الآن كان آخرها كتاب "ثقافة الدولة الليبرالية.. مدخل لبناء الدولة المدنية فى مصر".
أما الكتاب الثانى فى السلسلة فهو: "الإصلاحيون الجدد"، والثالث: "تطوير النظام السياسى لمبارك" والذى صدر عام 2005 قبل عدة شهور من إجراء مبارك الرئيس للتعديلات الدستورية، ثم كتاب "الاصلاح الدستورى" ثم كتاب "الصراع المدنى فى مصر"، والخامس هو كتاب: "السياسات العامة والتطور الديمقراطى" فى مصر طبعا.
فى هذه السلسلة من المؤلفات، رصدت التطورات الليبرالية التى تحدث فى مصر: بداياتها وانقطاعاتها وظهورها من جديد والمشاكل التى تعانى منها، وجاء كتابى الأول فى هذا السياق.
** وما علاقة جمال مبارك بما تسميه التطور الليبرالى والديمقراطى فى مصر؟ وهل تعتبره ليبرالياً؟
أولا أود القول إن معظم من انتقد الكتاب لم يقرأه قبل أن يكتب هذا النقد.. هذه "عادة مصرية"، أما سؤالك عن السيد جمال مبارك، فإننى أعتقد أنه ليبرالى بالفعل وعلاقته بالكتاب أننا لأول مرة نرى نجل رئيس الجمهورية باعتباره جزءا من العملية السياسية فى البلاد، بالإضافة إلى أنه يمثل جزءاً من التطور التنظيمى للهيكل السياسى، وهذا أمر غير معتاد فى الثقافة السياسية المصرية.
السيد جمال مبارك تمت تربيته سياسيا وفقا لاعتبارات غير معتاد عليها فى بيروقراطية الدولة، وبالتالى كان لابد من الإشارة إليه فى الكتاب باعتباره مؤشرا على ما هو قادم فى مصر، خصوصا فى إطار الفكر الجديد والهيكل التنظيمى الجديد للحزب الوطنى. البعض يأخذ الأمر فى إطار شخصى يرتبط بشخص السيد جمال مبارك ورغبته فى لعب دور سياسى أكبر لكن هذا غير صحيح "لا فيه شخصنة ولا فيه أى حاجة"، الموضوع أكبر من أى أشخاص لأنه تطور مجتمعى شرحته فى مؤلفاتى وتنبأت أحيانا بأمور حدثت مثل التعديلات الدستورية التى ورد الحديث عنها فى كتابى: "تطوير النظام السياسى لمبارك" ولأول مرة يصدر فى مصر كتاب يتناول تطوير النظام السياسى لحاكم لا يزال فى السلطة، والأكثر من ذلك أن يتم إجراء بعض التعديلات التى طالب بها الكتاب بواسطة الحاكم نفسه. وسوف أقوم قريبا بإصدار مؤلف جديد بعنوان: "بناء الدولة المدنية فى مصر".
** هل معنى ذلك أنك سوف تتنبأ بأشياء جديدة فى كتابك المقبل؟ وما هى حكاية "الليبرالية الوطنية" لأنه بمفهوم المخالفة فى لغة القانونيين فإن هناك "ليبرالية غير وطنية" أو ذات أشكال ليبرالية أخرى ماذا تقصد هنا؟
* لن أتحدث عن مضمون الكتاب الجديد قبل صدوره، لكن سؤالك عن مصطلح "الليبرالية الوطنية" جيد للغاية لأن هذا المصطلح من مخرجاتى الفكرية وأنا من قام بصكه وهو يعنى أن لدينا مشكلة فى ثقافتنا السياسية، حيث اعتقدنا دائما أن الدولة الوطنية تقف على طرف نقيض من الليبرالية وتعمل ضدها، والسؤال الجبار هنا: كيف نقوم ببناء دولة ليبرالية إذا كانت الدولة الوطنية تقف ضد الليبرالية؟!
دعنى أقول لك بداية إن هناك أشكالا متعددة من الدولة الوطنية، فهناك دولة وطنية بيروقراطية، وأخرى وطنية سلطوية وثالثة، وطنية ليبرالية. والأخيرة لا تصطدم فيها الدولة بالمفاهيم الليبرالية وتطبيقاتها. الفكرة التى نطرحها هى كيفية إنشاء نمط جديد للدولة الوطنية يتناغم مع المفاهيم الليبرالية ويعالج القصور فى ثقافتنا السياسية حتى نصل إلى ما يعرف بـ"الدولة المدنية". إنه نوع من ولادة نظام سياسى مختلف من رحم نظام سياسى آخر. ومن يقرأ سلسلة مؤلفاتى سيصل إلى تلك النتيجة.
** هل تعتقد أن هذه الولادة ستكون طبيعية أم أنها "ولادة قيصرية" تحتاج مشرط الجراح لإخراج الجنين سليما دون تشوهات جراء الولادة المتعسرة؟!
* أعتقد أنها ولادة طبيعية جدا بدليل أنها تستغرق وقتا طويلا حتى تنضج الظروف المؤهلة للولادة ويتشكل الجنين تماما دون تشوهات، وليس المطلوب إطلاقا ظهور الجنين من خلال عملية قيصرية مثل الثورات الدموية أو الانقلابات العسكرية وغيرها، وليس مطلوبا أيضا حدوث انقطاع بين النظامين (الأم والجنين).. الناس مش فاهمة لأن البعض لديه مصالح ضيقة.
ما يحدث حاليا فى الحزب والمجتمع هو فكر تنظيمى ثورى جديد قائم على ضرورة وجود مجتمع طبيعى مثل بقية المجتمعات الأخرى يولد فيه نظام سياسى طبيعى من رحم نظام سياسى آخر دون انقطاع أو انفصال أو عداء وما شابه.
** حتى فى حالات الولادة الطبيعية هناك آلام للمخاض تشعر بها الأم نفسها.. من هى الأم فى هذه الحالة؟ وكيف يتم تجنب آلام المخاض والولادة حتى وإن كانت طبيعية وغير قيصرية؟
* طبعا الأم فى هذه الحالة هى البلد كلها.. هى مصر كلها.. ومن يرغبون فى الولادة الطبيعية للنظام السياسى الجديد يعملون على ان تكون آلام المخاض فى أدنى مستوياتها، كما ان المولود الجديد يحتاج لتدرج فى النمو حتى تصبح الأم مؤهلة تماما للولادة.. المهم ألا تكون الولادة قيصرية لأنها ستكون مأساة للجميع، ولا أخفى عليك أن بعض القوى السياسية مثل الإخوان والشعبويين يرغبون فى أن تكون ولادة النظام السياسى الجديد عبر عملية قيصرية مأساوية.
هذه القوى لا تريد أن يتطور المجتمع المصرى بصورة طبيعية، لا يريدون توليد مصالح ضد أخرى مما يؤهل لـ"فعل" الولادة، أما آلام المخاض التى تحدثت عنها فى سؤالك، فإننا فى هذه النقطة يجب أن نتوقف طويلا عند عبقرية الرئيس محمد حسنى مبارك فى الحفاظ على التوازن الاستراتيجى لمصر خلال عملية الولادة. وفى جملة واحدة: بدون إدارة الرئيس مبارك لهذه العملية ما كان يمكن أبدا أن تتم، العبقرية هنا فى الحفاظ على الاتزان الاستراتيجى والهدوء والتدرج فى التحول من نظام سياسى إلى نظام آخر دون حدوث اهتزازات فى المجتمع تؤثر على مكوناته الأساسية، لذلك فإن من يعملون على تنفيذ تلك الولادة يرغبون فى استمرار الرئيس مبارك وبقائه طالما أن عملية ولادة النظام الجديد لم تتم بعد، فهو بالنسبة لنا صمام أمان لا غنى عنه لنجاح تلك العملية.
** هل تعتقد أن السيد جمال مبارك يمكن أن يدخل المنافسة ضد والده فى انتخابات رئاسية تعددية مثل الانتخابات المقرر إجراؤها عام 2011 المقبل؟
* بالنسبة للسيد جمال مبارك لا يوجد توجه داخل الحزب لترشيحه فى الانتخابات الرئاسية وبالتالى لا يوجد قرار فى هذا الصدد، بل أكثر من ذلك فإن الحزب الوطنى لم يصدر قرارا بعد بشأن ترشيح الرئيس مبارك نفسه فى الانتخابات الرئاسية عام 2011.
** وماذا عن تصريحات وتأكيدات كبار المسئولين فى الحزب مثل الدكتور على الدين هلال أمين الإعلام والدكتور مفيد شهاب أمين مساعد الحزب وأمين لجنة الشئون القانونية والدستورية بشأن ترشيح الرئيس لدورة رئاسية جديدة؟
* كما قلت لك من قبل لا يوجد "قرار" من الحزب بترشيح الرئيس فى انتخابات 2011 ولكن يوجد "توجه" داخل الحزب لترشيحه، وعلينا أن ننتظر حتى موعد انعقاد المؤتمر العام للحزب أواخر شهر ديسمبر المقبل حتى يتم بلورة موقف نهائى يصدر به قرار من الحزب.
** ماذا تقصد بـ"قرار الحزب"؟ هل تقصد أن شخصيات كبيرة داخل مؤسسة الحزب الحاكم تعارض هذا التوجه الخاص بترشيح الرئيس لدورة رئاسية مقبلة وتعمل ضده؟
لا.. لا.. على الإطلاق.. الحزب كما قلت أنت مؤسسة ولها مقتضيات مؤسسية، وصدور قرار عن الحزب يقتضى إجراءات، وما أقصده هو أنه لا يوجد قرار من هيئة مكتب الأمانة العامة بتسمية مرشح معين لخوض انتخابات الرئاسة عام 2011.
** لماذا لم يصدر هذا القرار حتى الآن؟
* لا أدرى وليست لدى معلومات.. ولكننى أعتقد أن أولويات انتخابات مجلس الشعب فرضت نفسها، وفى المؤتمر العام للحزب نهاية ديسمبر ستكون الأمور أكثر وضوحا.
** هل تعتبر أن الغموض وعدم الوضوح فى مسألة مرشح الحزب فى الانتخابات الرئاسية يعمق شكوك الناس فى استمرار سيناريو التوريث ويساهم فى إثارة المزيد من الجدل حوله رغم تأكيداتك بأن السيناريو غير موجود أصلا؟
* باختصار أقول لك إن الذين يتحدثون عن سيناريو للتوريث يتصورون أن المجتمع المصرى ضعيف يحكمه فرد واحد ويمكن اختطافه فى أية لحظة، لكن التطور المؤسسى خلال السنوات العشر الماضية يعد أهم ضمانة تقف فى وجه توريث الحكم أو اختطاف الدولة. هذا التطور يسود فيه منطق المؤسسة وليس منطق الفرد، فالمؤسسات القوية تمنع اختطاف جهاز الحكم ووصوله بسهولة لأيدى قوى غير مؤهلة للحكم ولم تصل إليه بطرق مشروعة. بناء المؤسسات يقف كحائط صد فى مواجهة المغامرات الفردية أو الثورة أو الانقلابات وما شابهها.. وكلها مغامرات فردية شخصية سواء بمعنى توريثى أو بمعنى عسكرى أو دينى.
وللأمانة، فهذه واحدة من إبداعات الرئيس حسنى مبارك فى صنع النظام السياسى فى مصر لأن الرئيس عمل على بناء المؤسسات بتمهل وبصياغات دقيقة متأنية لخلق منهجية مؤسسية معينة. والمثير للدهشة أن البعض كان يتهم الرئيس مبارك بالبطء فى اتخاذ القرارات ثم يأتوا بعد ذلك ليعترفوا بأنه "كان عنده حق" وأن موقفه كان صائبا تماما. وأثبتت التجارب أن أخطر القرارات وأكثرها خطأ تلك التى اتخذها أصحابها بصورة فردية ودون تمهل مثل قرار غزو العراق للكويت عام 1990.
** هل تعتقد أن السيد جمال مبارك "ليبرالى وطنى" وفقا لمفهومك عن الليبرالية الوطنية؟
* نعم تماما.. هو ليبرالى وطنى لأنه ليبرالى فى الإطار العام وفقا للمفهوم الذى شرحته سابقا، والسيد جمال مبارك لديه كل مقتضيات رجل الدولة وفى ذات الوقت لديه الإطار الليبرالى. إذن هو رجل سياسة عامة يعرف تماما مقتضيات صنع السياسات العامة بمفهومها الليبرالى المنفتح.
** ألا يعنى كلامك هذا أنك تدعو لتأسيس دولة مدنية ليبرالية يحكمها نجل الرئيس، وهو ما يعود بنا إلى الانتقادات الموجهة لك بخصوص دعوتك لتوريث الحكم لجمال مبارك؟
* ما أتحدث عنه ليس سوى إطار نظرى باعتبارى أستاذا فى العلوم السياسية.. أقدم تصورات حول الليبرالية والدولة المدنية، وفى سياق ذلك يأتى السيد جمال مبارك باعتباره نموذجا ليس إلا!.
** سمعنا الكثير عن "هندسة" تنظيمات الحزب الوطنى وهياكله ومرشحيه.. هل قامت لجنة التنظيم التى يرأسها المهندس أحمد عز بهذا الدور؟ وأين دور أمانة السياسات فى هذا الأمر؟
* لجنة السياسات التى يرأسها السيد جمال مبارك هى التى تضع برنامج الحزب.. وربما لا يعرف البعض أن أمانة السياسات ليست الأمانة الأولى بين أمانات الحزب الخمس.
** إذن.. ما هى الأمانة رقم واحد بين أمانات الحزب الوطنى الخمس؟
* أمانة التنظيم طبعا.. لأنها عصب الحزب الوطنى وعموده الفقرى.
** هل يعنى ذلك أن أمين التنظيم المهندس أحمد عز يسبق أمين السياسات السيد جمال مبارك داخل الهيكل التنظيمى للحزب لأن ترتيبه أكثر أهمية؟
* ( مقاطعا).. اسمعنى بس.. أمانة السياسات هى التى تضع برنامج الحزب.. وفى الصحف ووسائل الإعلام يتحدثون عن أمانة السياسات باعتبارها الأمانة الأهم بين كل أمانات الحزب الوطنى وهذا غير صحيح بدليل إن أمانة السياسات لا تستطيع إعداد برنامج الحزب بدون هيكل تنظيمى.. هذا ما أريد أن أقوله، أنا أتحدث عن وظائف وهياكل وأدوار ولا أتحدث عن أسماء أو شخصيات.. ما أتحدث عنه هو هيكل تنظيمى لا علاقة له بالأشخاص.. هذا الهيكل التنظيمى يتضمن الأمانة العامة التى يرأسها السيد صفوت الشريف أمين عام الحزب وتتبعها خمس أمانات هى: التنظيم برئاسة المهندس أحمد عز، والسياسات برئاسة السيد جمال مبارك، والإعلام برئاسة الدكتور على الدين هلال، والشئون المالية والإدارية برئاسة الدكتور زكريا عزمى، والشئون القانونية والدستورية برئاسة الدكتور مفيد شهاب الأمين العام المساعد للحزب.
ويتم اتخاذ القرارات داخل مكتب الأمانة العامة بطرق متعددة منها الأغلبية أو الإجماع أو التوافق، ولا توجد أية انشقاقات أو صراع أجيال أو شىء من هذا القبيل.
** نزاهة انتخابات مجلس الشعب التى ستجرى أواخر نوفمبر الجارى تضع مصداقية الحكومة والحزب الحاكم بل والنظام بأكمله على المحك، خصوصا بعد تواتر أنباء عن مطالبات دولية وأمريكية بضمان تلك النزاهة.. كيف ترون هذا الأمر؟
* لدينا إشراف قضائى ومجتمعى على الانتخابات، وقد صدر حكم قضائى هذا الأسبوع من المحكمة الإدارية العليا يجعل القاضى مسئولا عن اللجان الفرعية إلى جانب إشرافه الرسمى على اللجان العامة، وهو حكم يجعل الأمر وسطا بين وجهتى النظر اللتين سادتا بخصوص الإشراف على الانتخابات حيث تدعو الأولى للإشراف الكامل وفق مبدأ "قاض لكل صندوق"، بينما تدعو الثانية إلى الإشراف القضائى على اللجان العامة فقط.
** هل تعتقد أن هذه الانتخابات لن تشهد حالات صارخة للتزوير أو تدخلات أمنية لصالح بعض المرشحين؟
* لا لن يحدث تزوير وإنما يمكن أن تحدث بعض التجاوزات المادية للقانون، وتقديرى أن الأمر لن يصل إلى حد تقفيل اللجان لحساب مرشح ما. لن يحدث تزوير للانتخابات بما من شأنه تزييف إرادة الناخبين ولكن أحدا لا يمكن أن يضمن عدم حدوث تجاوزات فردية من بعض المرشحين أو الناخبين.
** ما هى حظوظ جماعة الإخوان المسلمين فى هذه الانتخابات فى تقديرك؟
* أولا يجب أن نعلم أن الإخوان يخوضون هذه الانتخابات كأفراد، فهناك جماعة الإخوان كتنظيم وهناك الجماعة من الناحية الفكرية والسياسية ويجب التفريق بينهما، ويجب أن نعلم أيضا أن العديد من أعضاء الكتلة البرلمانية للإخوان ليسوا أعضاء فى تنظيم الإخوان وليسوا كوادر تنظيمية فى الجماعة المحظورة وإنما خاضوا الانتخابات كأفراد على مبادئ الإخوان المسلمين ونجحوا وانضموا إلى الكتلة البرلمانية للإخوان فى مجلس الشعب لكن هذه الانتخابات ستكون مختلفة ولن يحصلوا فيها سوى على حجمهم التنظيمى الطبيعى الذى لا يتجاوز ربع عدد أعضاء الكتلة البرلمانية الحالية لهذه الجماعة المحظورة.
** هل تعتقد أن التنظيم الهرمى أو هياكل الحزب الوطنى يمكن أن تنافس مثيلاتها لدى الإخوان المسلمين الذين يتزايد نفوذهم لدرجة كبيرة لدى المستويات القاعدية بخلاف الحزب الوطنى الذى يتزايد نفوذه فى المستويات الأعلى للتنظيم؟
* أتفق معك فى أن التواجد الإخوانى فى المستويات القاعدية نشيط وفاعل ومؤثر لأن وجودهم ضاغط على قواعدهم باعتبارهم قوة ضغط عقائدية أو اقتصادية ولكنهم لم يتمكنوا من التواجد بنفس القوة على المستويات الأعلى فى المجتمع.. انظر إلى أداء وممارسات ممثليهم فى البرلمان عندما يعترضون أو يقفون على مقاعد البرلمان للتعبير عن احتجاجهم ولجوء بعضهم للاعتصام مع بعض المحتجين داخل أو خارج البرلمان.. هل هذه ممارسة سياسية تليق بنائب محترم؟!
** ماذا تسمى هذه الممارسة إذن؟
* هى ممارسة شخص قليل الخبرة فى مجال العمل السياسى، ولا أقول ممارسة الهواة من السياسيين لأن هذا لا يليق أن أصفهم به.
** هل تعتقد أن المرشد الحالى للإخوان الدكتور محمد بديع ينطبق عليه نفس ما وصفت به نواب الإخوان فى البرلمان من أنهم يفتقرون للخبرة السياسية؟
* لا أستطيع أن أقول ذلك.. ولكن قائد الجماعة الحالى الدكتور محمد بديع أستاذ جامعى ينتمى إلى جيل من الجماعة لم ير المؤسس حسن البنا ولم يتقابل معه بشكل من الأشكال.. جيل سمع وقرأ عن مؤسس الجماعة ولم يره رأى العين بعكس المرشد السابق محمد مهدى عاكف الذى كان آخر جيل المرشدين الذين عاصروا حسن البنا ورأوه رأى العين.
** ماذا يعنى ذلك بالنسبة لشخصية المرشد؟ هل تقصد أن الجيل الذى لم يقابل البنا يختلف عن الجيل الذى عايشه وتأثر به أم ماذا؟
* الدكتور محمد بديع متشدد عقائديا ويتضح ذلك من تصريحاته ومواقفه ولهجته، وهو "سيخ" لا ينثنى ولا يلين بالتعبير الذى كنا نطلقه على زملائنا المتشددين عقائديا فى التيارات السياسية والفكرية المختلفة أيام الدراسة الجامعية. هو "سيخ مش شيخ" وأستغرب كيف يتعايش مع شخص مثل الدكتور عصام العريان فى مكتب الإرشاد للجماعة، فالعريان يتميز بالمرونة ويجيد استخدام الكلام ولديه منطق سياسى فى تصريحاته وأقواله بعكس بديع تماما الذى يفتقر إلى المرونة ويتميز بالتشدد كما أنه ينتمى لتنظيم القطبيين الذى تزعمه سيد قطب منتصف الستينيات واستهدف قلب نظام الحكم.. وقد مر وقت طويل على هذا الأمر وتمت تبرئة العديد من المنتمين للتنظيم فى المحاكم لكن هذا لا يلغى تشدد بديع وافتقاره للمرونة المطلوبة فى العمل السياسى.
** قرار الحزب الوطنى بترك دوائر مفتوحة خلال انتخابات مجلس الشعب أثار لغطاً شديداً.. كيف ترى هذا القرار؟
* أولا إننى على يقين أن قرار "الدوائر المفتوحة" قرار صائب تماما، رغم الهجوم الشديد عليه من داخل الحزب وخارجه، بل إننى كنت أرغب فى ترك 80 دائرة وليس 40 فقط مفتوحة دون تسمية مرشحين للحزب الوطنى، وذلك لعدة أسباب من بينها إتاحة الفرصة للمرشحين الجدد والشباب لخوض الانتخابات، كما أنه يكسر بعض تقاليد العائلات والعصبيات ويحد من الممارسات غير القانونية التى ظهرت فى انتخابات 2005 مثلا.
** ماذا تقصد بالممارسات غير القانونية؟ وكيف يمكن للدوائر المفتوحة أن تحد من هذه الممارسات؟
* أقصد بها تقفيل الصناديق وتزوير الانتخابات من جانب عائلات وقبائل ينتمى لها بعض المرشحين، فالدوائر المفتوحة تتضمن منافسات بين أبناء عائلة واحدة أو قبيلة واحدة، وبالتالى لا يمكن تقفيل الصناديق لمرشح بعينه أو قبيلة بعينها، وهو ما ينقل الممارسات التنظيمية التنافسية من داخل الحزب إلى الدوائر الانتخابية ويرتقى بمستوى الممارسة السياسية الديمقراطية عبر آلية الانتخابات بما يعظم دور الناخب فى اختيار نائب دائرته.
أتصور أن فتح الدوائر يستهدف تعظيم دور آلية الانتخابات ومؤسسة الحزب بالمقارنة بدور مؤسسة المرشح أو عائلته وقبيلته وهو هدف ديمقراطى مهم لذلك فإننى أتمنى أن يكون عدد الدوائر المفتوحة للمنافسة أكبر من العدد الحالى.
** لكن البعض يؤكد أن الدوائر المفتوحة تستهدف إفساح المجال لبعض رموز المعارضة وتفتيت أصوات قواعد الحزب الوطنى فى تلك الدوائر لمصلحة مرشحين بعينهم، وفى بعض الدوائر لضمان عدم فوز مرشحين أقوياء فى جماعة الإخوان المسلمين.. ما ردك على هذه الاتهامات؟
* ردى هو أن هذه المزاعم غير صحيحة وكلام فارغ.. الموضوع ليست له علاقة بالإخوان ومرشحيهم، بالعكس فإن الدوائر المفتوحة تعطى مؤشرا على أن الحزب لديه وجود أكبر فى تلك الدوائر ولديه قدرة حزبية أكبر ويتولى إدارة المنافسة بين أعضائه. الثورة التنظيمية داخل الحزب الوطنى ليست لها أى علاقة بجماعة الإخوان.
** هل تعتقد أن تمثيل الأقباط فى مجلس الشعب المقبل سوف يتناسب مع نسبتهم فى المجتمع؟ وأين الأقباط من الثورة التنظيمية داخل الحزب الوطنى؟
* لا طبعا.. الأقباط موجودون، وقد رشح الحزب فى هذه الانتخابات عددا لا بأس به من الأقباط فى الدوائر المختلفة فى العديد من أنحاء الجمهورية، ولأول مرة يقوم الحزب الوطنى بترشيح عدد يتجاوز 10 أقباط على عكس انتخابات 2005 وغيرها والتى كان فيها مرشح قبطى واحد للحزب الوطنى وفى انتخابات أخرى لم يكن يتم ترشيح أى قبطى من جانب الحزب الوطنى.
** هل تعتقد أن 10 مرشحين أقباط يعد كافيا؟
* طبعا لا.. كان يجب أن يكون العدد أكبر من ذلك، لكننا بدأنا الثورة المدنية لتأكيد روح المواطنة وحق الجميع فى خوض الانتخابات ممثلين عن الحزب الوطنى بما يصب فى خدمة المجتمع والحياة السياسة بصفة عامة.
جهاد عودة: لن يحدث تزوير فى الانتخابات لكن أحداً لا يستطيع منع التجاوزات الفردية
الخميس، 25 نوفمبر 2010 11:06 م